في الوقت الذي يرمي فيه العالم «البطران» ملايين أو مليارات الأطنان من مخلفات الأغذية والأطعمة يومياً في «مزابله»، هناك في المقابل ما يقدر بنحو 6.3 مليون طفل ماتوا قبل بلوغ سن الـ15 العام الماضي، أي بواقع طفل كل 5 ثوان، بسبب عدم توفر المياه والصرف الصحي والتغذية والرعاية الصحية الأساسية.

في يوم الجمعة كعادتنا نجمع الأموال لبعض المحتاجين في المساجد والجوامع والمناسبات الدينية وغيرها، وهذا عمل جيد للغاية، لكن، وقت أن نمارس روتيننا اليومي المعتاد نقوم برمي أضاف ما نتصدق به من ملابس وأطعمة وغيرها في حاويات القمامة. نحن نتصدق على الفقراء أو نزكي لأننا مسلمون، فيذهب كل ما نجمعه للمسلم، في حين هناك من غير المسلمين كذلك من يموت من الجوع، ولهذا فإننا يجب أن نفكر من الآن وصاعداً بمستقبل الإنسان وحمايته من الجوع، أن نفكر بطريقة عالمية وإنسانية شاملة.

من قبل ومذ كنا صغاراً نسمع بأنه في كل ساعة يموت طفل من الجوع، أمَّا في الأعوام الأخيرة فقمنا نقرأ أن كل 10 دقائق يموت فيها طفل من الجوع، أما آخر تقرير صدر من وكالات تابعة للأمم المتحدة أن هناك طفل واحد يموت بسبب سوء التغذية كل 5 ثوان!

الصادم في التقرير الذي أعدته منظمة الصحة العالمية و»شعبة السكان» التابعة للأمم المتحدة والبنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة والأمومة «يونسيف» أنه بالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و15 عاماً، فإن أولئك الذين يعيشون في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أكثر عرضة بنسبة 15 مرة للموت مقارنة بأوروبا، ووقعت نصف وفيات الأطفال ممن هم أقل من 5 سنوات عام 2017 في دول أفريقيا جنوب الصحراء، حيث توفي طفل بين كل 13 طفلاً قبل عيد ميلاده الـ15، كما بلغ إجمالي عدد وفيات الأطفال 30% في دول جنوب آسيا، وهذا المعدل في الدول ذات الدخل المرتفع بلغ واحداً بين كل 185 طفلاً. وأشارت مساعدة المدير العام لشؤون صحة الأسرة والنساء والأطفال فى منظمة الصحة العالمية، إلى ضرورة عدم السماح بحدوث ملايين الوفيات بين الأطفال والمواليد سنوياً من جراء نقص إمكانية الحصول على المياه وخدمات الصرف الصحي والتغذية الملائمة أو الخدمات الصحية الأساسية.

هذا هو واقع المجاعة في القرن الـ21، القرن الذي كنا نتوقع فيه القضاء على الفقر وانتهاء عصر الجوع لكننا اكتشفنا أن كل حساباتنا وظنونا الحسنة لم تنسجم مع هذا العالم الجشع والأناني، فنحن نحتاج لتفعيل القيم والمبادئ الأخلاقية أكثر من أي زمن مضى، فالمسألة مسألة قيمية قبل أن تكون أزمة غذاء.