تبدلات درامية في المشهد العراقي رافقت إعلان المرجع الشيعي الإيراني الأصل كاظم الحائري اعتزال العمل الديني.

فعقب إعلان الحائري أصدر الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر بيانا أعلن فيه بدوره اعتزاله العمل السياسي نهائيا، ملمحا لإمكانية تعرضه للاغتيال، ومشككا أيضا في أسباب اعتزال تلميذ والده الحائري.



ويترك اعتزال الصدر المشهد السياسي في العراق مفتوحا على سيناريوهات شتى، بعد أن أثبت قدرته خلال الأسابيع الأخيرة في لجم الشارع العراقي الغاضب من النخب الحاكمة.

واستهل الصدر بيانه بذكر الحائري قائلا "يظن الكثيرون بمن فيهم السيد الحائري أن هذه القيادة جاءت بفضلهم أو بأمرهم.."، فمن هو الحائري؟

مهاجر إلى قم

وكاظم الحسيني الحائري المولد في عام 1938 في كربلاء في العراق، أحد أبرز تلامذة المرجع الشيعي العراقي محمد باقر الصدر، والد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر.

بدأ الدراسات الدينية في الحوزة العلمية بالنجف، وهاجر إلى إيران عام 1974حيث واصل نشاطه العلمي في الحوزة العلمية بقم، وأسس أول حوزة علمية باللغة العربية فيها.

بعد مقتل أستاذه باقر الصدر رجع إليه الكثير من العراقيين في التقليد وفي إدارة شؤونهم السياسيّة.

رسالة إلى الصدر

وأعلن الحائري، يوم الإثنين، اعتزاله العمل الديني كمرجع بسبب المرض، وأوصى باتباع مرجعية علي خامنئي في إيران، كما قدم سبع وصايا الى "مقلديه" من العراقيين.

قال الحائري في بيانه إن من ضروريات القيام بهذه المسؤولية العظيمة هو توفر الصحة البدنية والقدرة على متابعة شؤون الأمة، ولكن اليوم إذ تتداعى صحتي وقواي البدنية بسبب المرض والتقدم بالعمر، صرت أشعر بأنها تحول بيني وبين أداء الواجبات الملقاة على كاهلي -كما اعتدت على النهوض بها سابقاً- بما لا يحقق الكمال والرضى".

وأضاف "لذا أعلن عدم الاستمرار في التصدي لهذه المسؤولية الثقيلة والكبيرة، وإسقاط جميع الوكالات والأذونات الصادرة من قبلنا أو من قبل مكاتبنا وعدم استلام أية حقوق شرعية من قبل وكلائنا وممثلينا نيابة عنا".

وفي وصيته الخامسة قال الحائري "على أبناء الشهيدين الصدرين (..) أن يعرفوا أن حب الشهيدين لا يكفي ما لم يقترن الإيمان بنهجهما بالعمل الصالح والاتباع الحقيقي لأهدافهما التي ضحيا بنفسيهما من أجلها، ولا يكفي مجرد الادعاء أو الانتساب، ومن يسعى لتفريق أبناء الشعب والمذهب باسم الشهيدين الصدرين (..)، أو يتصدى للقيادة باسمهما وهو فاقد للاجتهاد أو لباقي الشرائط المشترطة في القيادة الشرعية فهو -في الحقيقة- ليس صدرياً مهما ادعى أو انتسب.

كما أوصى الحائري العراقيين بالحفاظ على الوحدة والانسجام فيما بينهم وعدم التفرقة، كما طالبهم بتحرير العراق من أي احتلال أجنبي ومن أي تواجد لأية قوة أمنية أو عسكرية، وخصوصاً القوات الأمريكية.

ودعا الحائري المتصدين للمناصب والمسؤوليات للقيام بوظائفهم الشرعية والتي عاهدوا الشعب على تحقيقها، والابتعاد عن المصالح الشخصية والفئوية الضيقة، التي جرت الويلات على أبناء الشعب العراقي المظلوم.

وطالب أيضا العلماء وطلبة الحوزة الدينية والنخب الثقافية والكتاب الواعين والمخلصين العمل على توعية أبناء الشعب، حتى يميزوا بين العدو والصديق ويدركوا حقيقة مصالحهم.

كما أكد على ضرورة إبعاد البعثيين (نسبة إلى حرب البعث العراقي الذي قاد البلاد خلال حكم الرئيس العراقي صدام حسين) عن المناصب والمسؤوليات في البلاد.

الصدر يشكك

وشكك الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في أسباب اعتزال حائري، قائلا في بيانه "وعلى الرغم من تصوري أن اعتزال المرجع (الحائري) لم يكن من محض إرادته.. وما صدر من بيان عنه كان كذلك أيضا (بغير إرادته)، إلا إنني كنت قد قررت عدم التدخل في الشؤون السياسية فإنني الآن أعلن الاعتزال النهائي".

وأوضح في تغريدة على حسابه بموقع تويتر: "ما أردت إلا أن أقوم الاعوجاج الذي كان السبب الأكبر فيه هو القوى السياسية الشيعية، باعتبارها الأغلبية، وما أردت إلا أن أقربهم إلى شعبهم، وأن يشعروا بمعاناته..".

ملوحا بإمكانية تعرضه للاغتيال، قال الصدر: "الكل في حل مني، وإن مت أو قتلت فأسألكم الفاتحة والدعاء..".

ويستبق إعلان الصدر اعتزاله السياسة، قرارا مهما من القضاء العراقي، ينتظر غدا الثلاثاء، بشأن إمكانية حل البرلمان.

وكان الصدر وجه أتباعه وأنصاره المرابطين في احتجاجات المنطقة الرئاسية بتنظيم دعاوى رسمية تتضمن المطالبة بحل البرلمان، وتقديمها إلى القضاء حتى يتسنى للأخير التحرك "دستوريا" إزاء هذا الأمر.

بعد إعلانه المفاجئ اعتزال العمل السياسي في العراق بصورة نهائية.

وقال المكتب في بيان إنه "يمنع منعا باتا التدخل باسم التيار الصدري في جميع الأمور السياسية والحكومية".

وأضاف أنه يمنع منعا باتا رفع الشعارات والأعلام والهتافات السياسية وغيرها باسم التيار، كما حظر المكتب استعمال اسم التيار في وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي.

وجاء البيان في أعقاب إعلان الصدر، اليوم الإثنين، اعتزاله النهائي للسياسة، وإغلاق المراكز التابعة له.