عواصم - (وكالات): قتل ضابط برتبة عقيد في القوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح ومسلحان من المتمردين الحوثيين في اشتباكات غير مسبوقة جرت بين الطرفين في صنعاء، ما يضع العاصمة اليمنية على حافة حرب جديدة.

وأصدر أعضاء موالون للرئيس المخلوع صالح، في البرلمان غير المعترف به، بياناً يحذر ميليشيات الحوثي من مزيد من التصعيد، فيما تواصل ميلشيات الحوثي، حشد قواتها في العاصمة، ومحاصرة مقار لشخصيات ومؤسسات، تابعة لحزب صالح.

ولم تكن الخلافات بين حليفي الانقلاب الحوثيين وصالح وليدة اللحظة فقد بدأت قبل أشهر. غير أن وصولها إلى المواجهة المسلحة ينذر بأن حلف الضرورة بينهما، وصل إلى نقطة اللاعودة.



ووقعت الاشتباكات بين الحليفين في حي جولة المصباحي جنوب العاصمة مساء السبت في محيط نقطة أمنية، وذلك بعد أسابيع من التوتر بين الطرفين على خلفية اتهامات متبادلة بالخيانة.

وأفادت مصادر وشهود بأن شوارع العاصمة اليمنية تشهد انتشاراً مسلحاً كثيفاً.

وقال حزب "المؤتمر الشعبي العام" الذي يتزعمه الرئيس السابق إن العقيد خالد الرضي تعرض "للغدر والنهب" في حي جولة المصباحي "أثناء عودته من مقر عمله متوجهاً إلى بيته".

ولم يسمِ البيان المتمردين الحوثيين مكتفياً بالإشارة إلى أنه قتل على يد "جماعة لا تعرف الأخلاق والعهود والمواثيق"، معتبراً أن "السكوت عن هذه الحادثة قد يفتح الباب لجرائم كثيرة من هذا النوع إذا تم التهاون مع القتلة".

وحذر الحزب النافذ من أن الحادثة قد تفتح "باب الفتنة لا سمح الله والتي من الصعب إيقافها".

وكان الرضي أحد خبراء القوات الخاصة وجهاز مكافحة الإرهاب حتى عام 2012، وعين قبل نحو 6 أشهر من قبل المؤتمر الشعبي العام نائباً لرئيس دائرة العلاقات الخارجية.

من جهتهم، قال المتمردون الحوثيون بحسب ما نقلت عنهم وكالة الأنباء "سبأ" المؤيدة لهم إن "عناصر مسلحة" قامت مساء السبت بمهاجمة نقطة أمنية في حي جولة المصباحي، وإن "اثنين من أفراد الأمن واللجان الشعبية "المسلحون الحوثيون" استشهدا جراء الاعتداء على النقطة الأمنية".

وذكرت الوكالة أنه "يجري حالياً استكمال حل المشكلة ولا يوجد ما يبعث على القلق".

وأفادت مصادر في صنعاء بأن الهدوء يعم المدينة، إلا أن هناك معلومات غير مؤكدة تفيد بأن الحوثيين يتجهون نحو منع قيادات حزب صالح من مغادرة العاصمة.

كما ذكر شهود أن القوات الموالية لصالح نفذت ظهر الأحد انتشاراً أمنياً كثيفاً في حي جولة المصباحي وفي المنطقة المحيطة به والتي تشمل حي حدة وميدان السبعين وقصر الرئاسة.

وتشهد صنعاء منذ أسابيع توترات بين القوات المؤيدة لصالح والحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة اليمنية منذ سبتمبر 2014. والخميس، أحيا مئات آلاف اليمنيين من مناصري صالح في المدينة الذكرى الـ35 لتأسيس حزبه، في استعراض كبير للقوة.

وعكست أعداد المناصرين النفوذ الكبير الذي لايزال يتمتع به صالح و"المؤتمر"، الحزب الذي حافظ على حضوره القوي رغم النزاع المسلح وحركة الاحتجاج التي أجبرت زعيمه قبل 5 سنوات في فترة "الربيع العربي" على مغادرة السلطة بعدما حكم البلاد لعقود.

وظهرت إلى العلن بوادر انشقاق بين صالح والمتمردين بعدما اتهمه هؤلاء بـ"الغدر"، مؤكدين أن عليه تحمل تبعات وصفه لهم ب"الميليشيا".

وحكم صالح اليمن من عام توحيد البلاد في 1990 حتى 2012 حين تنازل عن الحكم لمصلحة الرئيس المعترف به دولياً عبدربه منصور هادي على خلفية احتجاجات شعبية. وخلال فترة حكمه، شن 6 حملات عسكرية ضد المتمردين الحوثيين الذين اتخذوا من منطقة صعدة شمال العاصمة معقلاً لهم.

وفي 2014، عاد صالح إلى الواجهة في محاولة لانتزاع الحكم. فتحالف مع الحوثيين ضد سلطة هادي، ونجح هذا الحلف الانقلابي غير المألوف في السيطرة على العاصمة وعلى مناطق شاسعة في البلاد، قبل أن يطلب الرئيس هادي دعماً من التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن "إعادة الأمل" بقيادة المملكة العربية السعودية لمواجهة الانقلابيين.

ومن الكويت، دعا الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش الأحد أطراف النزاع اليمني للاتفاق على السماح بإيصال مساعدات إلى مدينتي صنعاء والحديدة الخاضعتين لسيطرة المتمردين الحوثيين.

وقال للصحافيين عقب لقاء مع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح "آمل بأن يتم التوصل إلى اتفاق بين الأطراف للسماح" بإيصال "الاحتياجات الإنسانية" إلى صنعاء والحديدة.

وتخضع مدينة الحديدة الساحلية أيضاً إلى سيطرة المتمردين.

من جانب آخر، أرسل الأردن الأحد طائرة محملة بنحو 15 طناً من المساعدات الإنسانية الطارئة إلى اليمن.

وقالت وكالة الأنباء الأردنية "بترا" إن "الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية وبالتعاون مع سلاح الجو الملكي، سيرت الأحد طائرة مساعدات إنسانية بحمولة 15 طناً من المواد الإغاثية والغذائية والمستلزمات الطبية للشعب اليمني الشقيق كمساعدات طارئة، نتيجة للظروف التي تعاني منها البلاد في الوقت الحالي".

وتهدد الأحداث الأمنية في صنعاء بفك الارتباط بين صالح والحوثيين المتهمين بتلقي دعم عسكري ومالي من طهران. وقال حزب المؤتمر في بيانه إنه سيقف بقوة ضد "المحاولات الرامية إلى الانقلاب على الوطن (...) والنهج الديمقراطي والشرعية الدستورية".