* تحالف الصدر والعامري يصدم الأوساط السياسية ويخلط الأوراق

* الحكيم ينتقد البرلمان ويوجه طلباً عاجلاً للمحكمة الاتحادية

* انشقاقات داخل "سائرون" اعتراضاً على التحالف مع "الفتح"



* الشيوعيون يلوحون بالانفصال عن الصدر والانضمام للمعارضة

بغداد – وسام سعد

تفاقمت أزمة تشكيل الحكومة العراقية خاصة بعد تعثر الإجراءات القانونية والدستورية لحسم الجدل الدائر حول شرعية الانتخابات التي جرت في مايو الماضي. وما زاد من تعقيد المشهد السياسي العراقي هو إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تحالفه مع تحالف "الفتح" الانتخابي، والذي كان من غير المتوقع حدوثه، حيث أكدت وسائل إعلام محلية وجود خلافات حادة بين أطراف ائتلاف "سائرون"، وفي مقدمتها الحزب الشيوعي نتيجة التحالف مع ائتلاف "الفتح"، إذ يعيش الحزب الشيوعي حالة من الخلافات والانشقاقات وإن أغلب قياداته تعارض التحالف مع "الفتح"، والمساهمة في عودة التحالفات المذهبية والطائفية. واتسعت تلك الخلافات مع وجود تيار معارض داخل ائتلاف "سائرون"، حيث هددت أحزاب أخرى بالانسحاب إذا ما أصرت قيادة الائتلاف على قرارها. وتعيش الأوساط السياسية حالة من الإرباك نتيجة التحالفات التي لا تلبث أن تتفكك بعد ساعات عن إعلانها وفشل الكتل السياسية في تكوين الكتلة الأكبر التي تتولى تشكيل الحكومة المقبلة.

ولوح الحزب الشيوعي العراقي الحاصل على 13 معقدا برلمانيا وفق النتائج المعلنة ضمن تحالف "سائرون" المدعوم من قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بالخروج من التحالف والانتقال إلى المعارضة في حال لم تعتمد مشروع الإصلاح والتغيير الذي جمعه بالتيار الصدري وجاء تلويح الحزب هذا على خلفية إعلان الصدر تحالفه مع قائمة "الفتح" التي يترأسها هادي العامري المدعومة من إيران.

وأكد الحزب الشيوعي العراقي في بيان صحافي تلقت "الوطن" نسخة منه أنه بعد اجتماع المجلس الاستشاري بخصوص مشاركته ضمن "سائرون"، في أي تشكيل حكومي مقبل لن يتم إذا لم يعتمد هذا التشكيل ضمانات لتحقيق المطالب الأساسية لمشروع الإصلاح والتغيير مبيناً أنه سيجد نفسه مضطراً إلى النظر في كافة الخيارات السلمية الأخرى المتاحة بما فيها الانتقال إلى المعارضة.

وشدد الحزب في البيان على أنه حريص على استقلاله السياسي والتنظيمي والفكري وانه سيصون هذا الاستقلال مهما كانت الصعاب والإشكاليات والتعرجات السياسية.

ورأى الحزب في بيانه ان تعالج كافة الإشكالات ذات العلاقة بالانتخابات بالطرق القانونية والدستورية وبكل شفافية ونزاهة بما يحفظ إرادة الناس وخياراتهم وتطلعهم إلى التغيير.

وانتقد زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم بشدة مجلس النواب العراقي المنتهية ولايته على إجرائه تعديلا ثالثا على قانون الانتخابات داعيا في الوقت ذاته المحكمة الاتحادية إلى النظر وبشكل سريع بالطعون على ذلك التعديل.

وقال الحكيم في خطبة صلاة العيد السبت بمكتبه في بغداد، "لقد شابت العملية الانتخابية الكثير من الطعون والإشكاليات والاتهامات وانقسم السياسيون بين داعم للانتخابات وبين مشكك يطلب وقفة جدية وصولا إلى مطالبة البعض بإلغاء الانتخابات".

وأضاف الحكيم أن "مجلس النواب اجتمع بجلسة استثنائية مفتوحة ببعض أعضائه معظمهم ممن لم يفز في الانتخابات وأجرى تعديلا ثالثا على قانون الانتخابات مشكوك في دستوريته وشرع خطوات تعسفية وصادمة وانحاز بشكل كبير في المعالجة المطلوبة وبدل أن يساهم المجلس في إيجاد حل للأزمة ساهم في تعقيدها".

وتابع الحكيم أنه "للخروج من الأزمة القائمة أدعو المحكمة الاتحادية للنظر بسرعة بالطعون على التعديل الثالث لقانون الانتخابات وإصدار حكمها البات في ذلك من اجل إعادة الأمور إلى السياقات القانونية الطبيعية".

ودعا ائتلاف الوطنية الجهات المعنية للإسراع في حسم التحقيقات التي تتعلق بعمليات التزوير والتلاعب التي شهدتها الانتخابات لغرض تصحيح المسار الانتخابي.

وقال الائتلاف في بيان صحافي تلقت "الوطن" نسخة منه أنه "مع مرور الوقت وللحاجة الماسة لحسم ملف النتائج تمهيداً لبدء المرحلة التي تليها، والتي تتمثل بمشاورات الاتفاق على الشكل العام للبرنامج الحكومي من خلال الحوار الوطني المقبل وركائزه".

وأعرب الائتلاف عن دعم عقد لقاء وطني موسع للقوى الفائزة بعد دعوة يوجهها رئيس مجلس الوزراء وبحضور الأكراد مثمنا عاليا مبادرة وجهود مقتدى الصدر في هذا الإطار وحرصه على تحقيق الإجماع الوطني.

وطالب النائب عن كتلة التغيير هوشيار عبد الله الأمم المتحدة والحكومة العراقية ومجلس القضاء الأعلى العراقي بالإشراف بشكل مباشر على عملية العد والفرز في إقليم كردستان بسبب وجود نوايا مبيتة من قبل الحزبين الحاكمين في الإقليم لتزوير النتائج مجددا.

وقال عبدالله في تصريح صحافي "في الوقت الذي كنا نأمل فيه أن يتم تعيين القضاة الثلاثة المكلفين بالإشراف على عمليات العد والفرز في إقليم كردستان عبر مجلس القضاء الأعلى تم تعيينهم وللأسف بشكل مباشر من قبل السلطة القضائية في الإقليم رغم أن الجميع على دراية بأن الحزبين الحاكمين "الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني"، يسيطران على كافة المؤسسات داخل الإقليم وبضمنها القضاء الذي بات مسيساً بسبب تدخلهما الصارخ في كافة مفاصل المؤسسة القضائية.

وبين عبد الله ان الحزبين الحاكمين اليوم يتهيآن للقيام بجولة أخرى من التزوير الممنهج من خلال استخدام سلطتهم الحزبية والضغط على المؤسسة القضائية وتزوير نتائج العد والفرز.

وأكد عبدالله على ضرورة أن يكون للأمم المتحدة حضور كثيف وواسع في عملية العد والفرز في إقليم كردستان مع أهمية إشراف مجلس القضاء الأعلى بشكل مباشر على العد والفرز لضمان شفافيته لا سيما وأن رفض الحزبين الحاكمين لتعديل قانون الانتخابات بحسب ما أعلنوا عنه على الملأ يعني أن لديهما نوايا مبيتة لتزوير نتائج العد والفرز مجددا.

هذا ونشرت وسائل إعلام محلية أن الأحزاب الكردية أبلغت السفارة الأمريكية في بغداد بانها ستنسحب من العملية السياسية في حالة إلغاء نتائج الانتخابات حيث اتفق الحزبين الحاكمين في الإقليم على الانسحاب من العملية السياسية في حال إلغاء نتائج الانتخابات ولو نقصت مقاعد الأكراد مقعدا واحدا في البرلمان العراقي فإن نواب الحزبين لن يبقوا في بغداد أبدا.

وأعلن زعيما القائمتين الانتخابيتين اللتين تصدرتا نتائج الانتخابات التشريعية في العراق، زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس ائتلاف "الفتح" الموالي لإيران هادي العامري، مساء الثلاثاء بصورة مفاجئة تحالفهما في ائتلاف حكومي لقيادة البلاد خلال السنوات الأربع المقبلة.

وهذا التحالف الذي خلط الأوراق السياسية في العراق من شأنه أن يقضي على آمال رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي بالاستمرار في الحكم بعدما حلت قائمته الانتخابية في المرتبة الثالثة.

وإثر انتخابات 12 مايو فاجأ ائتلاف "سائرون" "تحالف بين الصدريين والشيوعيين وبعض أحزاب التكنوقراط" الجميع بتصدّره نتائج الانتخابات بـ54 مقعدا، بينما حل ثانيا بـ 47 مقعدا ائتلاف "الفتح" بزعامة هادي العامري الذي يعتبر احد ابرز قادة فصائل الحشد الشعبي المدعومة من إيران. أما قائمة رئيس الوزراء المنتهية ولايته فحلت في المرتبة الثالثة بـ42 مقعدا.

وقال الصدر في مؤتمر صحافي مشترك مع العامري في مدينة النجف إنه "تم عقد اجتماع مهم جدا بين تحالف سائرون وتحالف الفتح ونعلن للجميع انه تحالف حقيقي بين سائرون والفتح من اجل الإسراع في تشكيل الحكومة الوطنية وضمن الأطر الوطنية والكل مدعوون للفضاء الوطني بعيدا عن المحاصصة الطائفية".

من جهته قال العامري إن "هذه دعوة للجميع الى الفضاء الوطني (..) وإن شاء الله سنشكل اللجان للبحث مع الجميع ضمن الفضاء الوطني للإسراع في كتابة برنامج الحكم ويتم الاتفاق عليه لاحقا".

وشكل الإعلان مفاجأة صدمت الطبقة السياسية في العراق ذلك أن الصدر ألمح في السابق إلى رفضه التحالف مع العامري.

وكان قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني زار بغداد غداة صدور نتائج الانتخابات وحضّ سائر القوى الشيعية المحافظة، بمن فيها ائتلاف الفتح، على عدم التحالف مع الصدر الذي ما انفكت سياسته تتباين مع سياسة طهران.

وقبل اقل من أسبوع وقّع الصدر اتفاقا لتشكيل تحالف باسم "الوطنية الأبوية" يجمع "سائرون" وقائمة "الوطنية" التي يتزعمها نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي ويشارك فيها عدد كبير من النواب السنة وقائمة "الحكمة" بزعامة عمار الحكيم.

ووصل مجموع مقاعد تحالف "الوطنية الأبوية" في البرلمان المقبل إلى نحو مئة نائب ما يعني أنه ما زال بعيدا عن نصف مجموع مقاعد البرلمان البالغ 329 مقعدا للتمكن من تسمية وزراء الحكومة المقبلة.