دمشق - رامي الخطيب



ضحايا الاغتصاب، أحد جروح الحرب السورية التي لن تندمل بسهولة. ففي مجتمع ما زال يصم المغتصبة بالعار، لا تقف معاناتهن عن وقوع الجريمة عليهن بل تمتد إلى ما بعد ذلك سنوات طوال.

ويعتبر الاغتصاب من المواضيع الحساسة في مجتمعاتنا، لذلك يغيب توثيق معظم الحالات، غير أن نساء كثيرات وثقن الاعتداء الجنسي عليهن في دول اللجوء بعد أن زادت الحالات كثيراً خلال سنوات الحرب، وسط تعهد منظمات حقوقية بطمس أسمائهن وهوياتهن.

وفيما تتقاذف الجهات المتحاربة المسؤولية الأخلاقية عن كل "فعل مشين" أو "جريمة من جرائم الحرب" يشار عادة إلى الاغتصاب الذي تمارسه قوات النظام والميليشيات الأحنبية المتحالفة معه على أنه الأوضح والأكثر توثيقاً.

قصص كثيرة وثقتها منظمات عاملة على الأرض لجرائم اغتصاب مارستها قوات النظام وحلفاؤه خلال اقتحام الأحياء السكنية أو في سجون الجهات الأمنية. وفي بعضها يتم الاعتداء على النساء أمام ذويهن.

وفي حين تتحدث وسائل إعلام المعارضة عن عمليات اغتصاب ممنهجة، خصوصاً داخل السجون، يميل رجل الشارع العادي إلى الاعتقاد بأن الاغتصاب يتعلق بأخلاق كل جماعة عسكرية على حده، فأحياناً يتدخل بعض الضباط لمنع الاغتصاب وأحياناً أخرى يكونون شركاء في الجريمة. كما أن هناك من يتنزهون عن الاعتداء الجنسي ويحلون لأنفسهم القتل والسرقة فقط.



وفي حالات كثيرة تخلى أزواج عن زوجاتهم اللاتي تعرضن للاغتصاب داخل السجون هرباً من الوصمة الاجتماعية، مما فاقم معاناة ضحايا الاغتصاب.

وتكون المعاناة أشد وطأة لو نتج عن جريمة الاغتصاب حمل الضحية، إذ يتم غالباً إجهاض الجنين أو ولادته و تسليمه لدور رعاية اللقطاء، الأمر الذي يخلق جرائم أخرى ناتجة عن الجريمة الأساسية.



وفي الأماكن الخاضعة لسيطرة النظام، وثقت الصفحات الموالية له لعى السوشيال ميديا عمليات اعتداء جنسي على نساء من المؤيدين لحكم الأسدوقعت من ميليشيات النظام. وغالباً ما تتدخل سلطات النظام في هذه الحالات خوفاً على الحاضنة الشعبية التي ترفد جيش النظام بآلاف المقاتلين.

كما ازدادت جريمة الاغتصاب في المناطق التي كانت واقعة تحت سيطرة تنظيم "داعش". وأشهر تلك الحالات سبي مئات اليزيديات. وضحية الاغتصاب تكون في هذه الحالة "سبية" أو "جارية" كما يسميها التنظيم الإرهابي، فتتحول إلى خادمة أيضاً وتبقى في بيت "سيدها" لتروي نزواته الجنسية، ويحق له بيعها لرجل آخر، و هكذا تنتقل معاناتها من بيت لآخر. وحال هروبها سيعيدها جهاز يسمى "الشرطة الإسلامية" إلى "سيدها" باعتبارها "آبقة". وقد فضلت يزيديات كثيرات الانتحار على هذه المعاناة.



وفيما لا تزال الحرب في سوريا تنتج مزيداً من الجرائم كل يوم، يبقى السؤال مفتوحاً: متى ستندمل جروح ضحايا الاغتصاب حتى إن انتهت الحرب؟ ومن سينصفهن؟