بغداد – وسام سعد

أثار الكشف عن الزيارة السرية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى العراق جدلًا واسعاً في الأوساط السياسية والشعبية وسط تساؤلات عن طبيعة التنسيق مع الحكومة العراقية بشأن ترتيبات الزيارة. وندد زعماء سياسيون وزعماء فصائل مسلحة بالعراق بهذه الزيارة واصفين إياها بأنها انتهاك لسيادة العراق فيما اعتبر سياسيون آخرون بأن من يرفض الزيارة هو من أتباع إيران ولا يمثل العراق والعراقيين.

وأبدى السياسي العراقي رئيس حزب الأمة العراقية والنائب السابق مثال الألوسي ترحيبا غير مسبوق بزيارة الرئيس الأمريكي ترامب إلى العراق فيما أكد أن كل من رفض الزيارة هو من اتباع إيران ولا يمثل العراق والعراقيين، حسب تعبيره.



وقال الألوسي في بيان صحافي تلقت "الوطن" نسخة منه "باسم كل العراقيين الأحرار نرحب بزيارة ترامب وكنا نتمنى أن تكون زيارة أوسع وأكبر، ليلتقي ترامب فيها العراقيين الحقيقيين وليس الذين فقدوا هويتهم".

وأضاف الألوسي أن "هذه زيارة طبيعية لرئيس دولة كبرى لدينا اتفاقيات معها بعلم الحكومة العراقية"، مشيراً إلى أن "مثل هذه الزيارات تمت في زمن حكومتي نوري المالكي، وإبراهيم الجعفري".

وبين رئيس حزب الأمة العراقية انه "كان الأولى من النواب والقوى المعترضة على الزيارة أن يحتجوا على الفساد والسرقات النفط وعلى المخدرات التي تدخل العراق وكان الأولى بهم أن يفسروا كيف يدخل قاسم سليماني يوميا إلى العراق وخبراء إيران من الحرس الثوري"، مؤكدا أن "ما نسمعه من أصوات نشاز ضد زيارة ترامب لا تمثل العراقيين، فهؤلاء يمثلون النظام الإيراني".

فيما أكد المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي رافد محمود لـ "الوطن"، أن "الزوبعة الإعلامية التي أثيرت حول زيارة ترامب إلى قاعدة الأسد العسكرية في محافظة الأنبار دون لقائه بأحد من المسؤولين العراقيين زوبعة مقصودة وفيها أهداف سياسية تخدم بلدان أخرى".

وأضاف محمود أن "هذه الزيارة لم تحدث للمرة الأولى فان الرؤساء السابقين كان أيضا لهم نفس هذه الزيارات وأعتقد أن الاجتماع بين ترامب ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي ألغي بسبب خلاف حول المكان".

وأفاد المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بأن "السلطات الأمريكية أعلمت بغداد برغبة الرئيس دونالد ترامب بزيارة العراق لتهنئة حكومة العراق الجديدة ولزيارة العسكريين الأمريكيين".

وأكد البيان الصادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي أن "الحكومة العراقية رحبت بالطلب الأمريكي".

وتابع البيان أنه "كان من المفترض أن يجري استقبال رسمي ولقاء بين عبد المهدي والرئيس الأمريكي ولكن تباين في وجهات النظر لتنظيم اللقاء أدى إلى الاستعاضة عنه بمكالمة هاتفية تناولت تطورات الأوضاع خصوصا بعد قرار ترامب الانسحاب من سوريا، والتعاون المشترك لمحاربة "داعش" وتوفير الأمن والاستقرار لشعوب وبلدان المنطقة".

وأضاف البيان أن "عبد المهدي رحب بزيارة الرئيس الأمريكي ودعاه لزيارة بغداد كما دعا ترامب رئيس الوزراء العراقي لزيارة واشنطن". واتفق الطرفان على "الاستمرار بتوثيق العلاقات المشتركة بين البلدين".

وقام رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب بزيارة مفاجئة للقوات الأمريكية في العراق الأربعاء بمناسبة عيد الميلاد وهي أول زيارة له لمنطقة صراعات بعد عامين تقريبا من رئاسته وعقب أيام من الإعلان عن سحب القوات الأمريكية من سوريا.

وهبطت طائرة الرئاسة الأمريكية في قاعدة الأسد الجوية غرب بغداد في محافظة الأنبار بعد رحلة استمرت طوال الليل من واشنطن ومع السيدة الأولى ميلانيا ترامب ومجموعة صغيرة من المساعدين ومسؤولين بجهاز أمن الرئاسة وعدد من الصحفيين

واقتصرت زيارة الرئيس الأمريكي وعقيلته على تهنئة العسكريين الأمريكيين في قاعدة عين الأسد العسكرية في محافظة الأنبار بمناسبة أعياد الميلاد دون أن يجري أي لقاء بمسؤول عراقي.

ووصف القيادي في الحزب الديمقراطي الكوردستاني هوشيار زيباري بأن "غياب الرئاسات الثلاث عن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد إلى العراق هي المفاجأة الكبرى".

وقال زيباري في بيان صحافي تلقت "الوطن" نسخة منه أنه "رغم استغراب العدید من القیادات العراقیة والمراقبین علی هذە الزیارة المفاجئة إلا أن المفاجأة الكبری كانت غیاب أي من الرئاسات الثلاث العراقیة، رئیس الجمهوریة، رئیس الوزراء، رئیس مجلس النواب من استقبال الرئیس الأمریكي الزائر أو الظهور معه حتى "بروتوكولیا" أو "شكلیا" لحفظ ماء وجه البلد".

وأضاف زيباري أنه "لیس من باب التباهي ولكننا كنا سابقا نصر علی الجانب الأمریكي، رغم قوة تواجده آنذاك، أن یكون للمسؤولین في الدولة حضور في الترحیب واستقبال القیادات الأمريكية العلیا وهذا ما حصل بالأدلة والوثائق احتراما لسیادة وكرامة وحرمة الوطن".

و تابع زيباري أن "المطلوب من الجمیع تدارك هذا الأمر والخلل بالحكمة والتروي والتأكيد على انتهاج سياقات التعامل الدبلوماسي السليمة".

وبالمقابل، اكد رئيس كتلة الإصلاح والإعمار النيابية صباح الساعدي أن "زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المفاجئة إلى العراق ودخوله إلى قاعدة عين الأسد في الأنبار هي دليل استهتار واشنطن ورئيسها واستخفافهم بالسيادة العراقية".

وقال الساعدي في بيان صحافي تلقت "الوطن" نسخة منه أن "الأمر يشبه وكأن العراق ولاية من ولاياته"، مشددا على "ضرورة أن تكون تلك الزيارة دافعا للإسراع بعقد جلسة طارئة لمجلس النواب لبحث هذا الانتهاك الصارخ لسيادة العراق وإيقاف هذه التصرفات الهوجاء من ترامب الذي يجب أن يعرف حدوده"، مشيرا إلى "الاحتلال الأمريكي للعراق".

وأضاف الساعدي أنه "يجب أن يحضر لهذه الجلسة الطارئة لمجلس النواب رئيس الحكومة عادل عبد المهدي بصفته القائد العام للقوات المسلحة ووزير الخارجية العراقي محمد على الحكيم ورئيس أركان الجيش وكالة عثمان الغانمي لبحث موضوع وجود القوات الأمريكية في العراق والقواعد العسكرية الأمريكية".

ودعا تحالف البناء الحكومة العراقية الى "رفض زيارة ترامب للعراق فيما طالب باستدعاء السفير الأمريكي احتجاجا على هذه الزيارة".

وقال التحالف في بيان صحافي تلقت "الوطن"، نسخة منه "نستغرب من زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى قاعدة الأسد العسكرية غرب محافظ الأنبار الخارجة عن كل السياقات الدبلوماسية"، مبينا أن "زيارة ترامب أنتهاك صارخ وواضح للأعراف الدبلوماسية وتُبين استهتاره وعنجهيته وتعامله الاستعلائي مع حكومة العراق وهذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلاً".

وأضاف البيان أن "هذه الزيارة تضع الكثير من علامات الاستفهام حول طبيعة التواجد العسكري الأمريكي والأهداف الحقيقية له وما يمكن أن تشكل هذه الأهداف من تهديد لأمن العراق الذي تحقق بفضل تضحيات أبنائه الأبطال من الحشد الشعبي والقوات الأمنية العراقية البطلة"، داعيا "الحكومة العراقية لرفض هذه الزيارة وإبلاغ الأمم المتحدة بها واستدعاء السفير الأمريكي في بغداد على وجه السرعة".

وطالب التحالف الأطراف السياسية جميعا إلى التوحد في مطلب السيادة الوطنية ووضع حد للتواجد العسكري الأمريكي المشبوه على الأرض العراقية.

ووجه الأمين العام لعصائب أهل العراق قيس الحزعلي "رسالة تحذيرية إلى القوات الأمريكية المتواجدة على الأراضي العراقية عقب زيارة ترمب للعراق".

وقال الخزعلي في تغريدة له على موقع "تويتر"، إن "زيارة ترامب‬ لقاعدة عسكرية أمريكية بدون مراعاة الأعراف الدبلوماسية يكشف حقيقة المشروع الأمريكي في العراق".

وأضاف الخزعلي أن "رد العراقيين على ذلك سيكون بقرار البرلمان بإخراج قواتك العسكرية رغما عن انفك وإذا لم تخرج فلدينا الخبرة والقدرة لإخراجها بطريقة أخرى تعرفها قواتك التي أجبرت على الخروج ذليلة في 2011".

من جانبه، أكد النائب في البرلمان فالح الخزعلي أن "على ترامب أن يعلم أن العراق بعد عام 2014، ليس كما قبل ذاك وعلى الحكومة إخراج القوات الأمريكية من العراق العراق المنتصر ليس ولاية أمريكية وعلى عادل عبد المهدي تحمل مسؤولياته بما ينسجم مع المادة 50 من الدستور العراقي".

وشدد الخزعلي على أن "القيادات الأمريكية التي انهزمت في العراق تريد العودة إليه مجددا تحت أي ذريعة وهذا ما لا نسمح به مطلقا وزيارة ترامب للقوات الأمريكية في العراق تدل على أنها قوات غير استشارية ولا تدريبية وعلى الحكومة تحمل مسؤولياتها".