إرم نيوز


قال مصدر عسكري لـ“إرم نيوز“ إن قوات الشرعية تمكنت، فجر اليوم الإثنين، من بسط سيطرتها على كامل مركز مديرية الزاهر جنوب غرب محافظة البيضاء، ليصبح الجيش اليمني بذلك على بُعد أقل من 15 كيلو مترا عن عاصمة المحافظة؛ ما يعني تحريرها بالكامل، باستثناء مديريات صغيرة؛ الأمر الذي يلقي الضوء على الأهمية الحيوية للمحافظة، وأبعادها الإستراتيجية في خريطة اليمن.

وكانت قوات الشرعية اليمنية أطلقت، يوم الجمعة الماضي، عملية عسكرية حملت اسم ”النجم الثاقب“، لتحرير كامل مديريات وجبهات محافظة البيضاء وسط البلاد، من سيطرة ميليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران.

وخلال الـ72 ساعة التي مرت، تمكن الجيش اليمني والمقاومة الشعبية، وبإسناد مباشر من مقاتلات التحالف العربي، من تحرير عدد من المدن الإستراتيجية والمهمة التي تسيطر عليها الميليشيات المتمردة منذ العام 2015، إبان اجتياحها جميع المحافظات اليمنية.


وتتميّز محافظة البيضاء، بموقعها الجغرافي والإستراتيجي المهم، إذ تقع في قلب البلاد، وتتوسط 8 محافظات مختلفة، 4 منها جنوبية، ومثلها شمالية، وهي المحافظة الوحيدة التي تربط بين كل تلك المحافظات الأخرى.

وتحاذي محافظة البيضاء البالغة مساحتها (9314)كم2، كلا من محافظات صنعاء وذمار وإب ومأرب، وهي المحافظات الشمالية، فيما تحاذيها من المحافظات الجنوبية كل من شبوة وأبين ولحج والضالع، وكل هذه المحافظات باستثناء شبوة، لا زالت تشهد وجودا لميليشيات الحوثي فيها، وإن كانت بنسب مختلفة في كل محافظة عن الأخرى.

وقال القيادي العسكري وضاح الدبيش ”يجب أولا، العودة إلى العام 2015، فعندما سيطرت ميليشيات الحوثي على صنعاء، فأول ما قامت به هو السيطرة على محافظة البيضاء، لِما تتمتع به هذه المحافظة من موقع إستراتيجي، وعسكري، وسياسي كبير جدا، فهي تتوسط البلاد وتتصل بثماني محافظات مختلفة“.

وأضاف الدبيش، في حديث لـ“إرم نيوز“، ”بذلك ستشكل محافظة البيضاء نقطة انطلاق لتحرير أكثر من محافظة، وفتح بضع جبهات كبيرة، أبرز تلك المحافظات هي: ذمار مركز الثقل للحوثيين، ومن بعدها تحرير صنعاء، عاصمة البلاد، فضلا عن أنها ستكون مركزا لرفد وتعزيز قوات الجيش، ومساندته في المعارك الدائرة في محافظة مأرب“.

وأكد أن تحرير البيضاء ”سيشكل نقلة نوعية، في تغيير موازين اللعبة تماما، من خلال وضع الضغط، بشكل كبير جدا، على ميليشيات الحوثي“.

بدوره، يرى القيادي في الجيش اليمني العقيد ربيع القرشي، أن تحرير محافظة البيضاء، هو ”حماية ظهر محافظة أبين، ورفد جبهاتها في أي وقت، وكذا، حماية جنوب غرب محافظة مأرب، وإفقاد الحوثي أسهل الطرق للوصول إلى مأرب، لرفد وتعزيز عناصره هناك“.

وتابع القرشي، في تصريحه لـ“إرم نيوز“، ”تحرير البيضاء يعني الوصول إلى محافظة ذمار، والوصول إلى ذمار، يعقبه بعد ذلك دخول صنعاء من بابها الكبير في جنوبها“، مضيفا ”فضلا عن إمكانية فتح جبهة محافظة إب وحماية ظهرها وربطها بمقاومة مأرب“.

وذكر أن تحرير البيضاء، يعني كذلك ”إيقاف طرق تهريب السلاح عبر بحر العرب إلى الميليشيات الحوثية، بالإضافة إلى أنها ستمد قوات الشرعية بمخزون بشري مقاتل وشرس، يبغض الإمامة بالفطرة“.

وقال القرشي ”لذلك كانت البيضاء، أولوية عند الحوثي، تحت مبرر تقديم خدمات للأمريكيين في مكافحة الإرهاب، وفي حقيقة الأمر، هو السيطرة على مفصل جغرافي يتحكم بقلب اليمن“.

من جانبه، قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي سام الغباري إن ”تحرير البيضاء سيشكل -بالطبع- علامة فارقة جدا في مسألة المعارك؛ لأنه (التحرير) سيؤسس لقدرة حكومية عسكرية، في ظل الخيبات المتواصلة السابقة التي مُنيت بها الجهات الحكومية، أو الجيش الحكومي بشكل عام، كونه خلال الفترة الماضية، كان هناك ما يشبه التحرك الدفاعي فقط، في مواجهة الحوثيين“.

وأضاف في حديث لـ“إرم نيوز“، ”استطاعت القوات الشرعية، أن تقدم ما يشبه الأمل للشعب اليمني، والدليل ما نشاهده اليوم في الكثير من المناطق التي تم تحريرها، من صدى صيحاتهم وأفراحهم وأهازيجهم، واستبشارهم، وزغاريدهم للجيش الوطني، في مختلف المناطق التي تم تحريرها، في مديرية الصومعة وغيرها، اقترابا ووصولا إلى مركز مدينة البيضاء“.

ولفت الغباري إلى أن ”سعادة الأهالي بطرد الحوثيين، وابتهاجهم بسيطرة قوات الجيش على مناطقهم، ينفي الصورة التي حاولت ميليشيات الحوثي طيلة الأعوام السابقة، تصديرها للجميع، بأن المجتمع في مناطق سيطرتها صار شيعيا بالولاء والفطرة“.

وقال عبدالله الفقيه، الباحث في مركز دراسات محلي، إن محافظة البيضاء تختلف تماما عن باقي المناطق القبلية لطبيعتها الجغرافية الصعبة، وارتباط السكان بالإطار القبلي، ومناهضة أي مشاريع ذات توجه شيعي في مناطقهم.

فضلا عن تنامي مشاعر الغضب، وفقا للفقيه، بسبب الممارسات والانتهاكات الحوثية المستمرة بحق المدنيين والسكان، ومحاولة ”تحويثهم“ بالقوة، تدفع هذه الجزئيات بأبناء المجتمع في البيضاء إلى الانخراط بشكل طوعي في الحرب ضد الحوثي، مؤكدا أن تمركز الحوثيين في موقع جبلية جعلهم في مرمى نيران المقاومة والجيش الوطني؛ لسهولة وضع الكمائن، وقطع خطوط الإمداد عنهم، ورصد حركتهم.

وحذر الفقيه -في الوقت ذاته- من أن تكون عملية ”النجم الثاقب“ محاولة لتسليط الضوء على المحافظة، والحصول على تمويل مالي للمعركة من دول التحالف العربي، ثم الركون إلى الهدوء الحذر بين الطرفين.