طارق مصباح

قال أحد السلف: «من عمل لله على المشاهدة فهو عارف، ومن عمل على مشاهدة الله إياه فهو مخلص»، قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعليقاً على الحديث والأثر: فهذان مقامان: أحدهما: الإخلاص وهو أن يعمل العبد على استحضار مشاهدة الله إياه واطلاعه عليه وقربه منه. الثاني: أن يعمل العبد على مشاهدة الله بقلبه وهو أن يتنور قلبه بنور الإيمان «استنشاق نسيم الأنس من نفحات رياض القدس».

يشير ابن رجب رحمه الله بكلامه هذا إلى منزلة المراقبة ومقام المشاهدة أو المعاينة كما يسميه بعض أهل العلم.



فـ«المشاهدة» ناتجة عن معاينة آثار أسمائه وصفاته تعالى في الكون، بحيث يترتب عن ذلك تنور القلب وتعلقه بالرب، وهذه المنزلة هي التي قال عنها النبي عليه الصلاة والسلام: «أن تعبد الله كأنك تراه» فهي رؤية حكمية.

أما «المراقبة» فهي العلم واليقين باطلاع الحق سبحانه على ظاهر العبد وباطنه، وهي التي قال فيها عليه نبينا عليه الصلاة والسلام: «فإن لم تكن تراه فإنه يراك».

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله بعد كلامه السابق: «يتولد عن هذين المقامين: الأنس بالله والخلوة لمناجاته وذكره واستثقال ما يشغل عنه من مخالطة الناس والاشتغال بهم».

فمنزلة المراقبة إذا تحققت في العبد حصل له الأنس بالله تعالى، قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: «متى تحققت المراقبة حصل الأنس».