تلفزيون الشرق


أثار قرار تحالف "أوبك+"، الأسبوع الماضي، خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يومياً سجالاً أميركياً سعودياً عن دوافع القرار وتداعياته، لا سيما على صعيد العلاقات الثنائية.

ويعتبر هذا الخفض، الأكبر منذ جائحة كورونا، والثاني على التوالي لـ"أوبك+" بعد أن خفَّض التحالف الإنتاج بشكل رمزي بمعدل 100 ألف برميل يومياً في اجتماع سبتمبر الماضي.

وعقب قرار "أوبك+"، ربطت الإدارة الأميركية، وعلى رأسها الرئيس جو بايدن بين السعودية والقرار، وسط دعوات إلى اتخاذ إجراءات مثل "إعادة تقييم العلاقات ومراجعة صفقات السلاح".


من جانبها، أعربت السعودية عن رفضها التام للتصريحات الصادرة ضدها في هذا الإطار، والتي تضمنت وصف قرار مجموعة أوبك بلس بأنه بمثابة "انحياز للمملكة في صراعات دولية وأنه قرار بني على دوافع سياسية ضد الولايات المتحدة الأميركية".

وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان، الخميس، إن حكومة المملكة تعرب عن "رفضها التام لهذه التصريحات التي لا تستند إلى الحقائق، وتعتمد في أساسها على محاولة تصوير قرار أوبك بلس خارج إطاره الاقتصادي البحت؛ وهو قرار اتخذ بالاجماع من كافة دول مجموعة أوبك بلس".

وتزامن السجال حول قرار أوبك بلس مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في الولايات المتحدة، المقررة في نوفمبر، والتي يسعى الديمقراطيون فيها إلى الحفاظ على غالبيتهم في الكونجرس، وسط تقارير عن تراجع شعبية الرئيس الأميركي جو بايدن ومخاوف من أن يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة إلى تقويض لسيطرة حزبه الديمقراطي.

إعادة تقييم العلاقات

الرئيس الأميركي اعتبر في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الأميركية، الثلاثاء، أنَّ الوقت حان "لإعادة التفكير" في علاقة الولايات المتحدة بالسعودية، مضيفاً أنه "ستكون هناك عواقب لما فعلوه مع روسيا".

بدوره، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، الأربعاء، خلال إيجاز هاتفي عن استراتيجية الإدارة الأميركية للأمن القومي: "نعيد تقييم علاقاتنا مع السعودية، والرئيس (بايدن) يرغب بالتنسيق مع الكونجرس بشأن ذلك". لكنه أضاف أنَّه "ليس هناك موعد محدد لإعلان نتائج تقييم العلاقات مع الرياض".

وكان الديمقراطي بوب مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، دعا إلى تجميد التعاون مع السعودية، رداً على قرار مجموعة "أوبك+" خفض الإنتاج.

الخارجية السعودية أكدت في بيان، الخميس، أن "معالجة التحديات الاقتصادية تتطلب إقامة حوار بناء غير مسيّس، والنظر بحكمة وعقلانية لما يخدم مصالح الدول كافة"، وأنها تنظر لعلاقتها مع الولايات المتحدة الأميركية "من منظور استراتيجي يخدم المصالح المشتركة للبلدين، وتشدد على أهمية البناء على المرتكزات الراسخة التي قامت عليها العلاقات السعودية الأميركية على مدى العقود الثمانية الماضية، المتمثلة في الاحترام المتبادل وتعزيز المصالح المشتركة، والإسهام الفعال في الحفاظ على الأمن والسلم الإقليمي والدولي، ومكافحة الإرهاب والتطرف وتحقيق الازدهار والرخاء لشعوب المنطقة".

وأشار وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى أنَّ "العلاقة مع واشنطن قديمة واستراتيجية، وقدَّمت فوائد كبرى للبلدين، والتعاون بينهما يخدم المصلحة المشتركة"، موضحاً أنَّ العلاقة مع واشنطن "داعمة لأمن واستقرار المنطقة" وأنها "مؤسسية منذ تأسست العلاقة بين البلدين".

وأكد وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، الأربعاء، أنًّ السعودية والولايات المتحدة "تتمتعان بعلاقة قوية للغاية منذ 8 عقود. لقد كانا شريكين وثيقين للغاية في مكافحة التطرف والإرهاب، والحفاظ على الاستقرار والأمن وفي الدفاع عن المنطقة، وكانا حليفين وثيقين للغاية من النواحي الاقتصادية والتجارية والاستثمارية".

وأضاف الجبير في مقابلة مع "سي إن إن": "نأمل ونتطلع إلى استمرار هذه العلاقة على مدى العقود الثمانية القادمة".

النفط بين السياسة والاقتصاد

وبينما تعاملت واشنطن مع قرار أوبك بلس من منظور انحياز سياسي لروسيا، أكدت الرياض أن القرار اقتصادي بحت، وليس سياسياً.

وقالت المملكة، في بيان لوزارة الخارجية، إن "مخرجات اجتماعات أوبك بلس يتم تبنيها من خلال التوافق الجماعي من الدول الأعضاء ولا تنفرد فيه دولة دون باقي الدول الأعضاء، ومن منظور اقتصادي بحت يراعي توازن العرض والطلب في الأسواق البترولية ويحد من التقلبات التي لا تخدم مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء، وهو ما دأبت عليه مجموعة أوبك بلس".

وأضافت وزارة الخارجية أن مجموعة أوبك بلس "تتخذ قراراتها باستقلالية وفقاً لما هو متعارف عليه من ممارسات مستقلة للمنظمات الدولية".

‏وقالت حكومة المملكة إنه "من منطلق قناعتها بأهمية الحوار وتبادل وجهات النظر مع الحلفاء والشركاء من خارج مجموعة أوبك بلس حيال أوضاع السوق البترولية، فقد أوضحت حكومة المملكة من خلال تشاورها المستمر مع الإدارة الأميركية أن جميع التحليلات الاقتصادية تشير إلى أن تأجيل اتخاذ القرار لمدة شهر حسب ما تم اقتراحه سيكون له تبعات اقتصادية سلبية".

إلى ذلك، شدَّد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في تصريحات لقناة "العربية"، الأربعاء، على أنَّ "قرار أوبك بلس اقتصادي بحت، وتم اتخاذه بإجماع الدول الأعضاء"، مضيفاً أنَّ "دول أوبك بلس تصرفت بمسؤولية واتخذت القرار المناسب".

الموقف من روسيا وأوكرانيا

بعدما اكتفى البيت الأبيض في البداية بالتعبير عن "إحباطه" من قرار "أوبك+"، عاد أخيراً ليربط القرار بالحرب الدائرة في أوكرانيا.

وقال متحدث باسم البيت الأبيض، الأربعاء: "نعتقد أنَّ قرار أوبك+ يظهر أنَّ السعودية تنحاز إلى جانب روسيا بشأن أوكرانيا"، وفقاً لما نقلته وكالة "رويترز".

أمَّا عضو مجلس الشيوخ، الديمقراطي ريتشارد بلومنتال، الذي يقود حملة في الكونجرس للرد على قرار "أوبك+"، فاتهم السعوديين بأنهم "اختاروا التحالف مع روسيا وزيادة أرباحها في وقت تحتاج فيه موسكو إلى المزيد من الأموال"، بحسب ما نقلته "سي إن إن".

ورداً على هذه الاتهامات، اعتبرت وزارة الخارجية السعودية، في بيان، أن "محاولة طمس الحقائق في ما يتعلق بموقف المملكة من الأزمة الأوكرانية، أمر مؤسف ولن يغير من موقف المملكة المبدئي وتصويتها بتأييد القرارات المتخذة في الأمم المتحدة تجاه الأزمة الروسية الأوكرانية، انطلاقاً من تمسك المملكة بضرورة التزام كافة الدول بميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي ورفضها لأي مساس بسيادة الدول على أراضيها".

وتابعت وزارة الخارجية، الخميس، أنه "في الوقت الذي تسعى فيه المملكة للمحافظة على متانة علاقاتها مع الدول الصديقة كافة، فإنها تؤكد في الوقت ذاته أنها لا تقبل الإملاءات وترفض أي تصرفات أو مساعي تهدف لتحوير الأهداف السامية التي تعمل عليها لحماية الاقتصاد العالمي من تقلبات الأسواق البترولية".

وقال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير: "لا تنحاز السعودية إلى روسيا. إنها تنحاز إلى محاولة ضمان استقرار أسواق النفط، والذي يصب لصالح المستهلكين والمنتجين على حد سواء".

وأضاف الجبير في تصريحات لـ"سي إن إن": "لقد فعلنا ذلك لعقود وحاولنا التأكد من عدم وجود تقلُّبات مضطربة في الأسعار، ليكون لدينا منطق عندما يتعلق الأمر بالاستثمارات، وعندما يتعلق الأمر بالإقراض"، مشيراً إلى أنَّ قرار خفض الحصص "تمَّ اتخاذه بإجماع 22 دولة".

وأكد الجبير أنَّ "الأسواق استجابت بشكل إيجابي لهذا الأمر، إذ انخفضت أسعار النفط منذ الأسبوع الماضي، ولم ترتفع".

وصوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأربعاء، بأغلبية ساحقة على إدانة ضمّ روسيا "غير القانوني" لأجزاء من أوكرانيا بعد أن استخدمت موسكو حق النقض ضد مشروع قرار مماثل في مجلس الأمن الدولي.

والأربعاء، قالت بعثة السعودية بالأمم المتحدة إنها دعمت قرار إدانة روسيا لـ"التزامنا بالقانون الدولي، وتأييد الحلول السلمية لأزمة أوكرانيا".

وأكد الجبير، في مقابلته مع "سي إن إن"، أنَّ السعودية "دعمت قرارات الأمم المتحدة بعدما بدأت الأزمة بين أوكرانيا وروسيا، وعارضت الاستيلاء على الأراضي بالقوة"، مشيراً إلى أنَّ الرياض "فتحت خطوطاً للحوار بين أوكرانيا وروسيا، واستطاعت استخدام هذه الخطوط المفتوحة للتوصل إلى اتفاقية لتبادل سجناء الحرب، وهذا لم يكن ليحدث لو انحزنا لطرف ضد الآخر".

وأوضح الجبير أنَّ السعودية "وفَّرت مساعدات إنسانية لأوكرانيا وتستمر في فعل ذلك"، لافتاً إلى أنها "تبحث عن وسائل لجمع الطرفين على طاولة التفاوض لإيجاد حل لهذه المسألة"، ومشدداً على أن المملكة "لا تؤمن بأنَّ التصعيد مفيد لأوروبا أو العالم".

السلاح والتعاون العسكري

وفي إطار الكلام عن "تقييم العلاقات" بعد قرار "أوبك+" لخفض الإنتاج، سعت أطراف في واشنطن إلى الضغط باتجاه مراجعة صفقات السلاح الأميركية للرياض، والتعاون العسكري بين الجانبين.

وأعلن عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي ريتشارد بلومنتال، والنائب الديمقراطي رو خانا، الثلاثاء، عن مشروع قانون في الكونجرس لوقف جميع مبيعات الأسلحة الأميركية للسعودية لمدة عام واحد، بما في ذلك وقف بيع قطع الغيار والإصلاح وخدمات وبرامج الدعم.

كما أعلن النائب الديمقراطي توم مالينوفسكي أنه سيقدم مشروع قانون "لنقل القوات الأميركية وأنظمة الدفاع الصاروخي" من السعودية.

لكن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أكَّد في مقابلة، الأربعاء، مع قناة "العربية" أنَّ "التعاون العسكري بين الرياض وواشنطن يخدم مصلحة البلدين، وساهم في استقرار المنطقة".

وتعليقاً على تصريحات المسؤولين الأميركيين بشأن مبيعات السلاح إلى السعودية، قال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير: "لا يمكنني التحدُّث عن الدوافع وراء التصريحات من قبل المسؤولين. ما يمكنني أن أقوله هو أنَّ بيع الأسلحة الدفاعية إلى السعودية يخدم مصالح الولايات المتحدة، ومصالح السعودية ومصالح الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط".

وأضاف: "توجد القوات الأميركية في الشرق الأوسط منذ عقود عدة، إنهم موجودون هنا لحماية استقرار وأمن الشرق الأوسط واستقرار وأمن الولايات المتحدة".

بدوره، أوضح مستشار الأمن القومي الأميركي جبك سوليفان أنه "ليس هناك قرار فوري بشأن مبيعات الأسلحة للسعودية، لكن ذلك أمر سينظره بايدن".

ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن نواب أميركيين قولهم إنهم يستبعدون موافقة الكونجرس على مشروع قانون لتعليق مبيعات الأسلحة إلى السعودية، كما نقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم إنَّ المساس بالتعاون العسكري مع السعودية قد يهدد جهود مواجهة إيران.

"أوبك" وهواجس الانتخابات

على الرغم من حديث الديمقراطيين عن روسيا وأوكرانيا، إلا أنَّ الهواجس الانتخابية المحلية قد تكون العامل الأبرز وراء حملة الديمقراطيين على أوبك وقراراتها، إذ تمثل أسعار الطاقة المرتفعة في الولايات المتحدة نقطة ضعف أمام الديمقراطيين الساعين لإبقاء سيطرتهم على الكونجرس خلال انتخابات التجديد النصفي المقررة في 8 نوفمبر.

ووفقاً لصحيفة "ذا هيل" الأميركية، يتعرض الديمقراطيون على وجه الخصوص لضغوط لإظهار أنهم يفعلون شيئاً لمعالجة ارتفاع أسعار الغاز، مع تحويل الجمهوريين هذه القضية إلى جزء أساسي في خطابهم، متهمين الديمقراطيين بأنهم من تسبَّب في الأزمة.

وفي سياق هذا الصراع الحزبي، تأتي تحركات الديمقراطيين المتعلقة بـ"أوبك+"، بما في ذلك المحاولات الأخيرة لإحياء مشروع قانون "نوبك"، حيث اقترح زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، استخدام هذا المشروع كطريقة للرد على المجموعة بعد تخفيضها للإنتاج.

لكن عدداً من الجمهوريين يعارضون المشروع، وهو ما سيصعب تمريره في الكونجرس، كما أنَّ البيت الأبيض ووزارة الخارجية لا يبديان حماسة للمشروع، وسط مخاوف من أن يثير قوانين انتقامية في دول المجموعة، بحسب ما ذكرته "ذا هيل".

وكان الجبير أعرب في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" الأسبوع الماضي، عن اعتقاده أنَّ اقتراب الانتخابات الأميركية المقبلة (التجديد النصفي) يلعب دوراً في تصريحات بعض المسؤولين الأميركيين بشأن العلاقات مع السعودية.

وقال: "أعتقد أن هذا جزء من الانفعالات المرتبطة بالانتخابات المقبلة"، مؤكداً أن السعودية "لا تُسيّس النفط أو القرارات المتعلقة بالإنتاج النفطي".

انتقادات جمهورية

ومع تصعيد الديمقراطيين لخطابهم ضد "أوبك+" وأعضائها، يرى جمهوريون أنَّ أصل المشكلة ليس في قرارات المجموعة المتعلقة بخفض الإنتاج، وإنما في سياسات إدارة بايدن تجاه قطاع النفط المحلي في الولايات المتحدة.

وعقب قرار "أوبك+"، أصدر عدد من النواب الجمهوريين بياناً مشتركاً انتقدوا فيه ما وصفوه بـ"أجندة المناخ المتطرفة" لبايدن.

وحثَّ النواب ستيف سكاليس، وجيف دنكان، وماركواين مولين، في البيان على إجراء تحول جذري في الاستراتيجية النفطية "فبدلاً من استجداء الدول الأجنبية من أجل النفط، والإغارة على الاحتياطي البترولي الاستراتيجي، يجب على الرئيس بايدن عكس سياساته، وإطلاق العنان لإنتاج الطاقة المحلية".

واعتبر النواب الجمهوريون أنه "عندما تصبح الولايات المتحدة مُصدِّراً صافياً للطاقة (أي تصدر من الطاقة أكثر مما تستودره)، فإنه سيكون بإمكانها تسخير مواردها ليس فقط لتلبية احتياجاتنا، ولكن أيضاً احتياجات حلفائنا".

كما ظهرت أصوات أميركية تؤكد على ضرورة الحفاظ على العلاقات الاستراتيجية التي تجمع واشنطن بالرياض.

وقال وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو، الاثنين، في تغريدة على تويتر: "تحتاج سياستنا الخارجية إلى أن تسترشد بما يخدم مصالح الأميركيين، وذلك يتضمن علاقة أمنية قوية مع المملكة العربية السعودية".

العلاقات السعودية الأميركية

وطوال عقود حافظت الولايات المتحدة والسعودية على علاقات وثيقة وتقارب سياسي واقتصادي من دون أن تخلو من "خلافات" بين الحين والآخر.

وشهدت العلاقات بين البلدين حالة من المد والجزر منذ دخول بايدن البيت الأبيض، لا سيما على خلفية ملف إيران النووي والحرب في اليمن، والتعامل الأميركي مع قضايا المنطقة، لكنها شهدت تحسناً عقب زيارته المملكة في يوليو الماضي.

وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، خلال مقابلة على التليفزيون السعودي وبثتها عدة قنوات عربية، في أبريل 2021، قال إن "الولايات المتحدة شريك مهم للمملكة، وهناك توافق سعودي مع إدارة بايدن بنسبة تزيد عن 90%، وإن الأمور التي يختلف حولها الجانبان تبلغ نسبتها أقل من 10%، ونعمل على إيجاد حلول لها وتفاهمات حولها".

وأضاف أن "الولايات المتحدة شريك استراتيجي للمملكة على مدى 80 عاماً تقريباً"، مؤكداً أن هذه الشراكة كانت لها ثمارها على السعودية "وعلى الولايات المتحدة أيضاً".

وتابع: "لك أن تتخيل لو أن عقداً بقيمة 10 ملايين برميل من النفط السعودي الرخيص، الذي تتراوح تكلفة إنتاج البرميل الواحد منه بين 3 و6 دولارات، لو ذهب هذا العقد إلى بريطانيا، لما كانت أميركا بوضعها الحالي".

وأكد أن السعودية ساهمت "بلا شك" في قوة الولايات المتحدة، التي قال إن حجم اقتصادها في خمسينات القرن العشرين كان يعادل نصف الاقتصاد العالمي، بينما الآن لم يعد يشكل سوى 20%.

وفي مارس 2022، تحدث الأمير محمد بن سلمان في مقابلة مع مجلة "ذا أتلانتيك" عن العلاقات السعودية الأميركية فقال: "السعودية ليست دولة صغيرة، فهي من ضمن دول مجموعة العشرين، وأسرع البلدان نموًّا في العالم، مما يدفعنا إلى التساؤل، أين تكمن الإمكانيات العالمية؟ إنها في المملكة العربية السعودية، وإذا أردت تفويتها، فهناك أشخاص آخرون في الشرق سيكونون سعداء للغاية، وفي الوقت نفسه تحاول صدهم، أنا لا أستطيع فهم ذلك"، وفقا لما نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية.

كما كتبت سفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة، الأميرة ريما بنت بندر آل سعود، مقالاً في مجلة "بوليتيكو" في يوليو الماضي، تزامناً مع زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى السعودية، قالت فيه: "ولّت منذ زمن طويل الأيام التي كان يمكن فيها تحديد العلاقة الأميركية السعودية من خلال نموذج النفط مقابل الأمن الذي عفا عليه الزمن".

وأضافت: "لقد تغير العالم، ولا يمكن حل المخاطر الوجودية التي تواجهنا جميعاً، بما في ذلك المخاطر المتعلقة بأمن الغذاء والطاقة وتغير المناخ، بدون تحالف أميركي سعودي فعال".

وبحسب الأميرة ريما، فإن "السعودية اليوم بالكاد يمكن التعرف عليها بالشكل الذي كانت عليه في السابق، حتى قبل 5 سنوات فقط. اليوم، لسنا مجرد قوة عالمية رائدة في مجال الطاقة، لكننا أيضاً في الاستثمار والتنمية المستدامة؛ ومن خلال استثمارات بمئات المليارات من الدولارات في التعليم والتكنولوجيا والتنويع الاقتصادي والطاقة الخضراء، أطلقنا أجندة تحول تطلق العنان للإمكانات الهائلة لشبابنا وشاباتنا".

تعهدات بايدن

وكان بايدن كتب مقالاً في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، قبل زيارته السعودية في يوليو، قال فيه إن هدفه "إعادة توجيه العلاقات" مع السعودية و"ليس قطعها مع دولة كانت شريكاً استراتيجياً لمدة 80 عاماً".

وشدد على أن المملكة "ساعدت في استعادة الوحدة بين دول مجلس التعاون الخليجي الست، ودعمت الهدنة في اليمن بشكل كامل، وتعمل الآن مع خبرائي للمساعدة في استقرار أسواق النفط مع دول أخرى منتجة للنفط أعضاء في أوبك".

وشدد على أن "الأميركيين سيستفيدون بطرق عدة من شرق أوسط أكثر أماناً واندماجاً"، نظراً لوجود الممرات المائية الضرورية لحركة التجارة، وموارد الطاقة الضرورية لتخفيف تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا.

وخلال الزيارة، التي التقى خلالها الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أكد بايدن التزام الولايات المتحدة القوي والدائم بدعم أمن السعودية، والدفاع عن أراضيها، وتسهيل قدرتها على الحصول على جميع الإمكانات اللازمة للدفاع عن شعبها وأراضيها ضد التهديدات الخارجية.

ووفقاً لبيان مشترك بين السعودية والولايات المتحدة، اتفق البلدان على أهمية الاستمرار في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين السعودية والولايات المتحدة، بما يخدم مصالح حكومتي وشعبي البلدين، مؤكدين على "الدور المحوري لهذه الشراكة التاريخية في تعزيز الرخاء والاستقرار في المنطقة".

وشدد الجانبان على أن الشراكة السعودية الأميركية كانت حجر الزاوية للأمن الإقليمي على مدى العقود الماضية.

كما شددا على أن البلدين يتشاركان الرؤية ذاتها نحو منطقة مترابطة مع العالم يسودها الأمن والاستقرار والازدهار، مؤكدين على أهمية حل النزاعات الدولية بالطرق الدبلوماسية والسلمية، وتخفيف الأزمات الإنسانية عن طريق تقديم الدعم الاقتصادي والمالي لدول المنطقة الأكثر احتياجاً.