أبوظبي - وليد صبري


مسؤولون وخبراء عالميون تحدثوا في 11 جلسة حوارية متنوعة

حلمي: المتنمّر ضعيف ويفتقد الثقة بالنفس والقدرة على النقاش

بسمة آل سعيد: امرأة من بين 7 سيدات تعاني اكتئاب ما بعد الولادة

نبيلة مكرم: أهمية تعرّف الأّسرة على مشاكل الأطفال في مختلف المراحل

.

بناءً على توجيهات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، في دولة الإمارات العربية المتحدة، عُقد أمس في أبوظبي منتدى فاطمة بنت مبارك للأمومة والطفولة حول الصحة النفسية، تحت رعاية سموها، وبحضور دولي كبير وواسع، وكان من أبرز الحضور، سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأُسر الشهداء، والريم الفلاسي الأمين العام للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة، والدكتورة نبيلة مكرم عبيد وزيرة الهجرة المصرية السابقة، والسفيرة مشيرة خطاب رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان في جمهورية مصر العربية، بالإضافة إلى خبراء من منظمة الصحة العالمية ومسؤولين من دول مختلفة حول العالم.

.

ويسعى المنتدى لاستكشاف المجال المهم للصحة النفسية، مع تركيز خاص على الأطفال واليافعين والأُسر.

.

كما يهدف إلى إطلاق حوار شامل عن قضايا الصحة النفسية المرتبطة بالأمومة والطفولة. وقد ركّزت جلسات المنتدى، والتي بلغت نحو 11 جلسة على اعتماد النهج المجتمعي لتعزيز الوعي وتوفير الدعم وطرح حلول فعّالة لهذه القضايا.

.

وعُقدت الجلسة الأولى تحت عنوان «أصوات المستقبل»، وأدارها الفنان المصري أحمد حلمي، حيث تحدّث فيها أطفال من الإمارات حول دور الأُسرة والمدرسة والمجتمع في دعم الصحة النفسية لدى هاتين الفئتين من أبناء المجتمع.

.

وأشار المتحدثون في الجلسة إلى أن الصحة النفسية تؤثر في الطفل، خاصة في حاضره وفي مستقبله، مع التنويه إلى ضرورة انتباه الوالدين إلى الأخطاء التي ربما تقع فيها الأُسرة وتؤثر سلباً على الصحة النفسية للأبناء.

.

وتطرّق المتحدثون إلى الآثار السلبية للاستخدام الخاطئ لوسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية للأطفال، والتي تؤثر سلباً على صحتهم النفسية.

.

من جانبه، أكد الفنان المصري أحمد حلمي أنه تعرّض للتنمّر وهو في مرحلة الطفولة لكنه استطاع أن يتغلّب على تلك الآفة ويحوّلها إلى قيمة إيجابية، موضحاً أن المتنمّر ضعيف ويفتقد إلى الثقة بالنفس والنقاش ولديه الإحساس بالنقص وهو أضعف من تنمّره بكثير.

.

وحملت الجلسة الثانية عنوان «معاً من أجل الصحة النفسية من منظور الحكومات»، نحو أنظمة أكثر دعماً للصحة النفسية، وناقشت تقوية وتعزيز أنظمة الدعم المجتمعي والسياسات؛ لتحسين الرعاية النفسية، بما في ذلك توفير تمويل أفضل وتسهيل الوصول إلى الخدمات على المستهدفين منها.

.

وتحدث في الجلسة الثانية كلٌّ من الدكتور مقصود كروز، رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، وساشيتا آصف، الرئيس التنفيذي للعمليات والشريك المؤسس لمجموعة «بيور هيلث» الطبية، والدكتورة صوفيا كيلازدي، نائب رئيس لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل، والدكتورة فانيسا كافاليرا، ممثلة لمنظمة الصحة العالمية، وخافير أغيلار، مستشار إقليمي لحماية الطفل في منظمة اليونيسيف لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بينما أدارت الجلسة السفيرة مشيرة خطاب، رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان في جمهورية مصر العربية.

.

من جانبه، أكد كروز على أهمية تعزيز الصحة النفسية باعتباره مكوناً أساسياً من مفاهيم حقوق الإنسان، مشدداً على تأثير ذلك على استقرار الأُسرة.واعتبر أنه دون صحة عقلية، لا يمكن أن يكون هناك صحة بدنية، داعياً إلى أهمية تعزيز مفاهيم رعاية الصحة النفسية.

.

بدورها، أوضحت آصف ضرورة التركيز على دور الصحة النفسية في مجتمعاتنا باعتبار أن الصحة النفسية ملازمة للصحة الجسدية.ورأت كافاليرا أن التصديق على الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الطفل، لا يتعارض مع القوانين المحلية لدى الدول، وثقافاتها.

.

من جانبه، أكد أغيلار أن التعرّض لأي صدمات في الطفولة، سوف يرافق الشخص طيلة حياته «فما يحدث في الطفولة، لا يبقى في الطفولة»، وحذّر من تأثيرات النزاعات المسلحة في المنطقة على الأطفال.

.

وناقشت الجلسة الثالثة، التي عُقدت تحت عنوان «سنوات ذهبية وأُسر متناغمة وعقول سليمة»، أهمية الصحة النفسية للأم والطفل والأُسرة وكبار السن واليافعين، وتحدثت فيها صاحبة السمو الدكتورة بسمة بنت فخري آل سعيد، الخبيرة والاستشارية في الصحة النفسية والإرشاد النفسي ومدربة اضطراب ما بعد الصدمة، ورئيسة مؤسسة عيادة همسات السكون وحملة «نحن معك» للتوعية بالصحة النفسية.

.

وتطرّقت إلى اكتئاب ما بعد الولادة، موضحة أن سيدة من بين كل 7 سيدات تعاني من المرض، مشيرة إلى أن الأعراض تتنوّع بين الحزن المستمر والقلق، وانخفاض الطاقة، وصعوبة الترابط مع الطفل، وحدوث تغيّرات في أنماط النوم والأكل، والشعور باليأس وعدم القدرة على إنجاز الأعمال وقلة الكفاءة.

.

وذكرت أن الأسباب تتضمّن، التغيّرات الهرمونية، والتكيّف النفسي، والإجهاد الجسدي والعاطفي الناتج عن رعاية المولود الجديد، والتقلبات العاطفية، والألم الجسدي، والتغيّرات في الدورة الشهرية، والتأمل في الأسئلة العميقة أو الانشغال بالهموم الوجودية، والتفكير في تغيير كبير، والتعلق بالأيام الماضيةوفيما يتعلّق بوسائل الدعم، أوضحت صاحبة السمو الدكتورة بسمة بنت فخري آل سعيد، أنها تشمل، الدعم العاطفي، والاجتماعي، والاستشاري، والمهني، والبدني.

.

وقالت إنه يمكن أن تؤدي تقلبات مستويات الهرمونات خلال فترة ما قبل انقطاع الطمث إلى اضطرابات في النوم، وتقلّبات مزاجية وقلق واكتئاب وتهيّج ومشاكل في التركيز والذاكرة.وأوضحت أن من بين وسائل الدعم الحرص على التخطيط أو الاستثمار في الفحوصات الدورية السنوية مع الاستشارات النفسية ومجموعات الدعم.وتابعت أنه «يُمكن أن تساعد تعديلات نمط الحياة في تخفيف بعض الأعراض الجسدية والعاطفية لانقطاع الطمث».

وأوضحت أنه «مع انتقال النساء إلى مرحلة الحياة المتقدّمة يزدهرن ويواصلن عيش حياة مليئة بالتجارب المُثيرة والإنجازات المميّزة».ورأت أن «فترة التقاعد ربما يصاحبها وفقدان الدعم وزيادة في مشاكل الصحة الجسدية والرفاهية والانسحاب من الأنشطة والهوايات الاجتماعية أو العزلة الاجتماعية التامة، وصعوبة في التركيز، واتخاذ القرارات أو تذكر الأشياء».

.

ونوّهت إلى أن وسائل الدعم في هذه الحالة تشمل العرض على أخصائيي الصحة النفسية المتخصصين في رعاية كبار السن لإدارة قضايا الصحة النفسية، حيث يُمكن أن توفر الاستشارات من خلال مجموعات الدعم.

ونوّهت إلى ضرورة التشجيع على الأنشطة البدنية والعقلية المحفّزة لتمنح كبار السن شعوراً بالكفاءة والإنجاز والهدف، مع ضرورة محاربة العزلة الاجتماعية من خلال البقاء على اتصال مع الأشخاص المقرّبين، وتقديم الطرق الخاصة المختلفة للحفاظ على التواصل بشكل شخصي أو افتراضي مثل الاشتراك في نادٍ اجتماعي للتجمّعات والحرص على المشورات الثقافية والعلمية والحياتية.

.

وتطرّقت الجلسة الرابعة، على جدول أعمال منتدى فاطمة بنت مبارك للأمومة والطفولة حول الصحة النفسية بعنوان «الوصمة والصحة النفسية»، إلى التحديات التي يواجهها اليافعون، وتحدثت فيها السفيرة نبيلة مكرم، مؤسسة ورئيسة مجلس أمناء مؤسسة فاهم للدعم النفسي، ووزيرة الهجرة السابقة في مصر.

.

وتحدثت لأول مرة بإسهاب عن أزمتها مع نجلها، وقالت «أنا جئت هنا اليوم لأتحدث عن نفسي وعن تجربتي وتجربة ابني المتورط في جريمة بأمريكا».

.

وكشفت عن اسم ابنها رامي ترك، الذي ذهب للدراسة في كاليفورنيا، موضحة أنه شاب نابغ ولكنه للأسف يعاني من مرض نفسي «شيزوفرينيا»، مما أدى إلى تورطه في جريمة قتل نتيجة لهذا المرض.وأضافت «على الرغم من أنني كنت وزيرة، أصبحت فجأة في حاجة لمساعدة الناس، وواجهت صدمة ثم انهياراً واستسلاماً، لكن الله سبحانه وتعالى أراد لي الابتلاء، ولم أيأس من رحمته».وأكدت أنه «كان لابد من إظهار القوة أمام ابنها لأنها تمثل عمود البيت».

.

وتحدثت عن قرارها بالاستقالة من الحكومة بعد حادثة ابنها، قائلة: «رفضت أن أكون سبباً في التنمّر على وطني».وأشارت إلى أن الرئاسة في مصر كانت حريصة على وجودها في الحكومة، لكنها بعد 5 أو 6 أشهر من تقديم استقالتها، خرجت من الحكومة بكل محبة وكرامة.

.

وأوضحت مكرم أنها أنشأت مؤسسة «فاهم» للدعم النفسي بعد أن اكتشفت أن ابنها كان مريضاً منذ صغره.وذكرت أنه «كان يعاني من الخوف في التعبير عن مرضه، مما جعله يخفيه حتى كبر». وأكدت على «أهمية معرفة ما يفكر به الأطفال في مراحل حياتهم المختلفة».

.

واختتمت حديثها بالقول: «سأقف بجانب ابني لأني أم، ولن أتركه حتى يعود إلى بلده بالسلامة». وكشفت عن نيتها استضافة ابنها رامي في المؤتمر القادم ليحكي تجربته، ولكن بعد تجاوز هذه الفترة العصيبة.وعقدت الجلسة الخامسة بعنوان «تعزيز الوعي والفهم حول الصحة النفسية لكبار السن» وتحدثت فيها الدكتورة فريدة الحوسني، القيادية والباحثة في الصحة العامة ورئيسة الفريق الاستشاري لإطار الإنفلونزا في منظمة الصحة العالمية.

وناقشت الجلسة السادسة، عنوان «العقول المبدعة.. والفوائد العلاجية للفنون في الصحة النفسية»، وقدمها الفنانان التشكيليان الدكتور مبارك عوض اليامي، وأشواق عبدالله.

.

وتحت عنوان «حيوية متكاملة.. توازن العقل والجسم»، ناقشت الجلسة السابعة، كيفية إحداث التوازن بين العقل والجسم، وتحدث فيها إيلكاي غوندوغان، لاعب كرة القدم في نادي مانشستر سيتي.

.

وتناولت الجلسة الثامنة في المنتدى موضوع «النفوس النشطة» وتطرقت إلى أهمية النشاط البدني للصحة النفسية، وتحدث فيها كل من بطلة الجودو سليمة سواكري، ولاعب كرة القدم الإماراتي إسماعيل مطر، وأدارها المدرب الرياضي علي المرزوقي.

.

ونوهت الجلسة التاسعة إلى استكشاف أهمية «التناغم الأُسري» من خلال مناقشة تحسينات قابلة للقياس في نتائج الصحة النفسية وجودة الحياة للأفراد والأُسر المتأثرة، وقدّمها الدكتور خالد المنيف، خبير التنمية البشرية.

وعقدت الجلسة العاشرة تحت عنوان «قوة الإيمان والصحة النفسية» حيث تطرّقت إلى استكشاف قوة الإيمان في رحلة التعافي النفسي، وقدّمها الدكتور مبروك عطية، رئيس قسم الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر.

.

وتناولت الجلسة الحادية عشرة من جلسات المنتدى التي عقدت تحت عنوان «بناء جسور الفهم مع اليافعين» محورين أساسيين في هذا المجال هما معالجة التحديات التنموية التي يواجهها اليافعون، وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية، وقدّمها معتز مشعل، إستراتيجي حياة وأعمال.

.

يُذكر أن المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، نظّم على مدار الأشهر التسعة الماضية ومنذ بداية العام الجاري، في إطار تحضيراته واستعداداته لانعقاد المنتدى، سلسلة من الورش والجلسات النقاشية التي تناولت موضوعات متنوعة شملت الصحة النفسية للأمهات، وديناميكيات الأُسرة، والاستخدام العلاجي للفنون التعبيرية، ودور النشاط البدني في تعزيز الرفاه النفسي، وأهمية مبادرات الصحة النفسية في البيئات التعليمية، وغيرها من الموضوعات والمحاور التي تخدم أهداف المنتدى وغاياته.

.

وركّزت الورش والجلسات النقاشية على تطوير حملات التغيير الاجتماعي والسلوكي لنشر المعلومات بكفاءة، والحَدّ من تأثير الوصمة، وتعزيز الوعي بالصحة النفسية على المستوى الوطني، وتزويد المشاركين والمستهدفين بمهارات عملية، وتقديم مقاربة استباقية تعاطفية وشاملة للصحة النفسية في مختلف شرائح المجتمع.