الحرة

تكررت حوادث قتل "الفتيات تحت مزاعم الحب" خلال الفترة الأخيرة، ما دفع خبراء علم نفس واجتماع لدق ناقوس الخطر، محذرين من تداعيات تلك الجرائم على المجتمعات، مطالبين بوضع "إصلاحات مجتمعية عاجلة" لمنع انتشار مثل هذه الآفات في المستقبل.

وفي أحدث حلقة من مسلسل قتل الفتيات تحت "مزاعم الحب"، جاءت واقعة مقتل سلمي بهجت، والتي عرفت إعلاميا بـ"فتاة الشرقية"، على يد زميلها إسلام محمد.

واتهمته النيابة العامة المصرية بقتل المجني عليها "عمدا مع سبق الإصرار والترصد"، وفقا لبيان على موقع "فيسبوك".

وكشفت تحقيقات النيابة ارتكاب المتهم الجريمة بعد ملاحقته المجني عليها لفترة "هددها فيها وذويها بالإساءة لسمعتها وقتلها على إثر رفضهم خطبته لها"، حسب البيان.

وجاءت تلك الواقعة بعد أقل من شهرين على مقتل نيرة أشرف التي عرفت إعلاميا بـ"فتاة المنصورة"، على يد زميلها في ظروف مشابهة، ما يثير التساؤلات حول أسباب تكرار تلك الحوادث خلال الفترة الماضية؟

الأسباب الاجتماعية والنفسية

ما الأسباب الاجتماعية والنفسية حول تكرار حوادث القتل تحت "مزاعم الحب"؟

يعزي استشاري الطب النفسي، الدكتور جمال فرويز، تكرار تلك الحوادث إلى"غياب الوعي وانتشار حب التملك بين الشباب"، نتيجة "اضطرابات شخصية"، بسبب سوء التربية وغياب الإرشاد الأسري.

وفي حديثه لموقع "الحرة"، أكد وجود "قصور فكري في فهم الشباب لمعنى الحب"، مشيرا إلى أن "وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الأعمال الدرامية التي تجض على العنف وغياب الوعي الاجتماعي" من الأسباب الرئيسية لتكرار تلك الحوادث.

ويعلق استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، الدكتور علاء رجب، على تكرار تلك الحوادث، ساخرا من المثل الشعبي القائل "من الحب ما قتل"، ومشيرا إلى "انتشار الروح الانتقامية" بين الشباب نتيجة سوء فهم المعنى الحقيقي للعلاقات العاطفية والحب.

ويرصد في حديثه لموقع "الحرة"، التشابه بين تلك الحوادث فيما يتعلق بـ"التفكك الأسرى، وحداثة السن، وعدم النضوج وغياب الإرشاد الأسرى" لدى المتهمين.

ومن جانبه يشير أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأميركية في القاهرة، سعيد صادق، إلى وقوع تلك الجرائم في "جامعات ريفية حكومية على يد شباب"، سواء فيما يتعلق بقضية فتاة المنصورة أو الشرقية.

وفي تصريحات لموقع الحرة، يتحدث صادق عن "انتشار ثقافة التحرش والذكورية في بعض المناطق الريفية"، في ظل "غياب محاسبة المتحرشين وتبرير فرض الرجل سطوته على المرأة".

حوادث مماثلة مستقبلا؟

جاءت المعطيات السابقة لتطرح سؤالا جديدا حول تداعيات تلك الجرائم على المجتمع ومدى إمكانية تكرارها في المستقبل.

يحذر علاء رجب من تكرار تلك الجرائم في المستقبل القريب، بسبب "تداولها وتبريرها"، عبر منصات التواصل الاجتماعي، بحثا عن "هوس التريند"، على حد تعبيره.

وتحدث رجب عن مغبة "تبرير جرائم القتل من ذلك النوع وانتشار ثقافة التعاطف مع القاتل"، ما يتسبب في "تقبل المجتمع تكرار تلك الحوادث وعدم النفور منها".

ويؤدي تداول تلك الجرائم وتبرير البعض للقتل وتبرئة المتهم، إلى تكرار الحوادث في المستقبل "دون خوف من العواقب"، وفقا لرأي جمال فرويز.

ويتحدث سعيد صادق عن "بعد أمني استباقي" من شأنه وقف تكرار تلك الجرائم مستقبلا، قائلا "يجب على الشرطة عدم إهمال البلاغات التي تتعلق بالتحرش والعنف ضد المرأة"، معتبرا أن "التقاعس في التعامل مع تلك البلاغات" يؤدي لتكرارها وانتشارها.

إصلاحات مجتمعية

تحدث خبراء علم النفس والاجتماع عن "سلسلة من الإصلاحات المجتمعية المتكاملة" التي من شأنها التصدي لتكرار تلك الحوادث ومنع تكرارها في المستقبل.

ويشير جمال فرويز إلى الحاجة الماسة لـ"تدشين منظومة متكاملة لتوعية الشباب والفتيات بالمعنى الحقيقي للقيم الإنسانية"، عبر منصات التواصل الاجتماعي والأعمال الدرامية والبرامج التوعوية.

ويشدد علاء رجب على "ضرورة تدخل الأسر لتوعية أبنائهم"، ونشر ثقافة "التسامح وقبول الرفض من قبل الطرف الآخر".

ويقترح صادق "تدشين قوة شرطة نسائية" في أقسام الشرطة والجامعات، لتلقى شكاوى العنف والتحرش ضد المرأة، مشددا على أهمية " التعامل مع تلك البلاغات بكل جدية وبشكل فوري".

وتطرق إلى ضرورة "وضع قوانين تعاقب من يبرر التحرش وامتناع الإعلام عن استضافة هؤلاء وتعميق مفهوم المساواة بين الجنسين داخل المجتمع".