بقلم: بدر علي قمبر

استشعار الدعاء

في أيام العشر الأخير من شهر الخير يتذلل العبد بين يدي المولى الكريم يناجيه ويسأله حاجته ويفتقر إليه.. فهي أيام معدودة.. مؤلم أن تضيع بدون أن تكون هناك مناجاة حقيقية لله تعالى.. نتذلل عند أعتابه.. نغسل نفوسنا بدمعات باكيات على أوقات مهدورة، وذنوب مكتوبة، وتقصير ما بعده تقصير.. استثمر هذه الليالي المتبقية في الدعاء.. فهي سكينة للنفس.. جرب أن تدعو.. ثم تتأمل حالك.. وتفرغ قلبك من أحوال الدنيا.. ستجد أنك أنجزت الكثير.. جرب أن تطيل السجود فهو القرب الروحي مع مولاك.. تفرغ كل الشحنات.. وتظل تدعو وتدعو حتى تحس بطمأنينة النفس.. ورقة القلب.. التي لا بد لها أن تتسلل إلى نفسك.. لأنك مع من تحب تسأله العفو والمغفرة.. إنك حينما تدعو ربك تستشعر قوله تعالى "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم".. تستشعر إجابة الدعاء بشرط أن لا تستعجل في الإجابة.. فالدعاء إنما هو اعتراف بضعف الإنسان وفقره وبقوة الله تعالى وغناه وعلمه وحكمته وقدرته ورحمته التي وسعت كل شيء..

ومن فضائل الدعاء أن الله الرحمن الرحيم يحب أن يسمعه من المؤمنين الصادقين، فيحب أن يسأله المرء كل حاجته في دينه ودنياه.. فالعبد في أمس الحاجة إلى الله تعالى حتى تقضى أموره وتتيسر حاجاته.. ولنا مع كلمات هذا الحديث القدسي وقفة تأمل مستفيضة في مسائل الدعاء: "يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا على صعيد واحد، فسألوني، فأعطيت كل واحد مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر".

دعونا نبحر معاً في بحور الخير مع الدعوات الخالصات.. في السجود.. عند السحر.. قبل أذان الفجر.. قبل تناول الفطور.. دعونا نتدرب أن نسأل الله الحاجات بصدق.. ونستشعر كل دعوة ندعوها لأنفسنا ولآبائنا ولأهلينا ولجميع المسلمين.. دعونا نستشعر أن كل من ندعو له.. سيقول الملك الموكل: ولك بمثله.. فلك بكل دعوة لكل مؤمن ومؤمنة "مثل دعوتك".. فلا نقنط من رحمة الله ولا نيأس.. فمع كل دعوة.. ثقة باستجابة.. عاجلا أم آجلا.. هي لحظات جميلة تسكن فيها النفس في ليالي الخير.. تجملها بدعواتك الصادقة النابعة من قلبك الطيب.. وحبك لمولاك الذي لن يردك خائبا بحوله وقوته.. ركز في دعائك وسل المولى الكريم أن يقضي كل حاجاتك ويبلغك كل خير، فلعلك تدرك بدعواتك ليلة القدر المباركة.

لمحة:

أشركونا في دعائكم في هذه الليالي المباركة.