يوم جديد ينضم إلى قائمة الاحتفالات الوطنية السعودية اعتباراً من 22 فبراير المقبل، بعد أن أعلنه الملك سلمان بن عبد العزيز، الخميس، يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى.

يستند إعلان السعودية تاريخاً مُحَدَثاً للتأسيس إلى الفترة الأولى من حكم الإمام محمد بن سعود، ويشير إلى ما سبق وأغفله المؤرخون منذ مرحلة تأسيس "المدينة - الدولة" وتأسيس الدرعية على يد مانع المريدي، الجد الثالث عشر للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.

ويأتي اختيار يوم 22 فبراير للتعريف ببداية تاريخ الدولة السعودية الذي صادف اليوم الذي تأسست فيه الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود عام 1727، ولم تعتبره المملكة بديلاً عن اليوم الوطني المتعلق بمناسبة توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز آل سعود في 23 سبتمبر 1932.



عربية إسلامية

تشير السعودية إلى أن تولي الإمام محمد بن سعود الحكم في الدرعية يمثل بداية تأسيس الدولة الأولى، كما أن الدولة في نظامها الأساسي نصت على أن المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية دينها الإسلام ودستورها الكتاب والسنة.

وعقب تأسيس الدولة السعودية الأولى، كانت مقصداً لكثير من المهاجرين والعلماء، أبرزهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي أيده الإمام محمد بن سعود في دعوته، بعد أن اعتبرها متفقة مع مبادئ الدولة التي يعمل على تأسيسها في شقها الديني.

تاريخ ممتد

كانت فكرة إنشاء دولة عربية في جزيرة العرب واضحة للأمير المريدي ولابنه ربيعة وحفيدة موسى بن ربيعة وابن الحفيد إبراهيم بن موسى بن ربيعة، الذي كان يسمى آنذاك بـ"أمير نجد"، كان هذا بحسب التقرير الذي بحث في دهاليز التاريخ عن فكرة بناء دولة عربية رغم قلة المؤرخين حول الأمر، وهو حديث مستشف من مؤرخ سعودي يدعى راشد بن علي بن جريس الذي عاش في القرن التاسع عشر ويعتقد أنه توفي عام 1880.

اكتفاء اقتصادي

وبالعودة إلى ذلك التاريخ، فإن منطقة نجد وتحديداً مدينة الدرعية كانت متوسطة الحجم بمفهوم المدن تلك الأيام، ولها مركز حضري يتألف من نسبة كبيرة من السكان ومكتفية ذاتياً من الناحية الاقتصادية لوقوعها في مفترق طرق تجارية، وهي بالأصل منطقة زراعية نظراً لموقعها على ضفاف وادي حنيفة الذي تكثر فيه المزارع التي يفيض إنتاجها عن حاجة السكان ما يجعلهم يصدرونها إلى المدن الأخرى في منطقة نجد مثل العيينة وحريملاء وغيرها.

الموقع الاستراتيجي

ومن أبرز المقومات الاقتصادية الجغرافية لتلك الدولة، هو وقوعها على واحد من أهم الأودية في نجد وهو وادي حنيفة، كما أنها تقع على أحد أهم الطرق التجارية القديمة الذي كانت الدرعية في مركزه، والذي يأتي من جنوب شبه الجزيرة العربية مروراً بنجران ثم يتجه شمالاً إلى اليمامة ثم الدرعية حيث يتجه إلى الشمال نحو دومة الجندل، وإلى الشرق نحو العراق وإلى الغرب نحو الحجاز.

ويعد هذا الطريق الوحيد للحجاج القادمين من بلاد فارس والعراق ووسط آسيا، ممن يواصلون سيرهم عبر الدرعية إلى مكة المكرمة، وزادت أهمية هذا الطريق بعد قيام إمارة الدرعية على يد مانع المريدي الذي عمل وأبناؤه وأحفاده على تأمين الطريق وخدمته.

ضبط الأمن

وبتأسيس الإمام محمد بن سعود للدولة السعودية الأولى في 22 فبراير 1727 أصبح من أبرز الطرق التي تمر بها قوافل التجارة والحج، نتيجة لسياسة الإمام محمد بن سعود التي اهتمت بتأمينه، والارتباط بعلاقات مع القبائل التي يمر من خلال مناطقها والاتفاق معها على ضبط الأمن وتقديم الخدمة اللازمة للمستفيدين منه.

يعتبر المؤرخون السعوديون أن "دولة المدينة" في الدرعية كانت تتوسع وتضيق حسب الاستقرار السياسي فيها، وهذه الأمور أدركها الإمام محمد بن سعود حين انتقلت دولة المدينة إلى مرحلة الدولة، والتي تعارف المؤرخون على تسميتها بـ"الدولة السعودية الأولى".

التحديات

الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن الذي ولد 1679 ونشأ وترعرع في الدرعية، استفاد من التجربة التي خاضها في شبابه، حين كان مراقباً لأوضاع الإمارة وعمل إلى جانب والده في ترتيب أوضاعها، ما أعطاه معرفة كبيرة بأحوالها، كما شارك في الدفاع عن الدرعية أثناء هجمات المناهضين لها.

وسبق تولي الإمام محمد بن سعود الحكم تحديات واجهت الدرعية، أبرزها الضعف والانقسام لأسباب متعددة منها "النزاع الداخلي بين عمه مقرن بن محمد والأمير زيد بن مرخان، وكذلك هجوم الدرعية على العيينة، ومقتل الأمير زيد بن مرخان، ومنها كذلك انتشار مرض الطاعون في جزيرة العرب خلال تلك الفترة ما تسبب في وفاة أعداد كبيرة من الناس".

ولكن التاريخ يشير إلى تمكن الإمام محمد بن سعود من التغلب على هذه التحديات وأن يوحد الدرعية تحت حكمه ويسهم في نشر الاستقرار في منطقة "العارض" ـ الرياض حالياً ـ.