إذا كانت أوروبا قارة عجوز، ففرنسا بلد سياسة العجائز، فجرعة اليمينية المتطرفة لا يبدو أنها كانت قوية كفاية على يد مارين لوبان لذا حاول إيمانويل ماكرون استمالة اليمين، رغم أن الإسلام هو الديانة الثانية في البلاد، والجالية المسلمة الفرنسية هي الأولى في أوروبا. فقد حفلت فترته الرئاسية الأولى بالاضطرابات التي كان عمادها المسلمين مع أن العديد من أبناء الجالية قد منحوا أصواتهم لماكرون، في الانتخابات عام 2017، إلا أنه لم يحترم ذلك وكان أن قال «أريد أن أكون رئيساً لكل شعب فرنسا، رئيساً لجميع الناس الذين يتعاملون مع تهديد القومية». ثم وصف الإسلام بأنه «دين في أزمة» سعياً للحصول على مكاسب سياسية على حساب المسلمين. ولايمكن إخفاء سعي ماكرون خلال العامين الأخيرين لاستقطاب اليمين المتطرف من خلال تبني خطاب أغضب المسلمين داخل فرنسا وخارجها، وخلال رئاسته صدر قانون «مكافحة الانفصالية الإسلامية» عبر فرضه قيوداً على مناحي حياتهم كافة، إذ ينص على فرض رقابة على المساجد والجمعيات ومراقبة تمويل المنظمات المدنية التابعة للمسلمين. كما يفرض قيوداً على حرية تقديم الأسر المسلمة التعليم لأطفالها في المنزل.كما استفز ماكرون المسلمين بتصريحات معادية للإسلام، وعدم رفضه الرسوم المسيئة للرسول محمد، وأدت مواقفه وتصريحاته تلك إلى إشعال الغضب وحملة مقاطعة كل ما هو فرنسي.

علة ميل ماكرون لليمين ثلاثة أسباب: أولها أن المسلمون الفرنسيون جزء لا يستهان به في المجتمع الفرنسي، إلا أنهم لسنوات قرروا الامتناع عن التصويت لسبب يعود إلى التسعينيات حيث نشر المتطرفون فكرة بأن التصويت حرام. وثانيها أن الحكومات الخليجية بنت شراكات قوية مع الإليزيه وآخرها في الملف الليبي، خصوصاً مع تكتل مصر، والإمارات، والسعودية، وكانت باريس في مرحلة ما، تقود هذا الحلف في مواجهة تركيا فشجعه ذلك. أما ثالث علل المهاجر الفرنسي المسلم فهو ضعف الدور المغاربي ولا أحد يعرف كيف سيكون ردة فعل دول مغاربية إن أقدم ماكرون على خطوات حادة بحق المهاجرين.

بالعجمي الفصيح

العجوز لوبان كانت واضحة في عداء العرب والمسلمين، أما ماكرون فمستتر في خصومته للإسلام، لكن التطير مكروه.