تأتي قمة جدة للأمن والتنمية في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة والعالم أزمات كثيرة على المستويين الأمني والسياسي وغيرهما، وتعد القمة آلية عربية مهمة من أجل توحيد جهود الدول العربية والدول الكبرى الشريكة للتباحث ووضع الحلول لها، وقد أوضحت الرؤية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه خلال كلمته في قمة جدة للأمن والتنمية الدور الفاعل الذي تضطلع به المملكة في ترسيخ أسس السلام والتنمية على المستويين الإقليمي والدولي، حيث أكدت كلمة جلالته الحكيمة أن الأمن والسلام العالميين لا يقومان إلا على التعاون البناء والمثمر بين الدول في إطار من الاحترام المتبادل، فلا بد من توحيد الجهود من أجل تجاوز التحديات الراهنة في كافة المحاور الأمنية والسياسية والاقتصادية وغيرها؛ فهذه التحديات الراهنة التي تواجهها دول العالم نتيجة الأزمات السياسية والأمنية المتفجرة من شأنها أن تعيق كل جهود التنمية المستهدفة، كما أن العالم واجه أزمة اقتصادية نتيجة تلك الصراعات، ما كان له انعكاس خطير على مستقبل الأمن الغذائي واستمرارية سلاسل توريد الغذاء، وأن ما تواجهه المنطقة العربية من متغيرات وأحداث إنما يحتاج لمزيد من العمل العربي المشترك للتغلب عليه بالتعاون مع الدول الصديقة وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية التي تربطها شراكة إستراتيجية مع دول مجلس التعاون، وبخاصة في مجال حماية طرق وممرات الملاحة البحرية لما لها من أهمية كبيرة في حماية أمن الطاقة والغذاء، وقد أتى هذا التعاون البحري المثمر مع الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية المستمر أكثر من سبع عقود من الزمان في توفير ضمان أمن النفط والتجارة العالمية وطرق المواصلات الدولية، وهذه الشراكة لا تتوقف عند حماية الملاحة البحرية، بل تمتد إلى جهود مكافحة الإرهاب والتطرف والتهريب والهجرة غير الشرعية وغيرها. لقد أكدت كلمة جلالة الملك المفدى تكريس السلام والتسامح من خلال نبذ العنف والصراعات المسلحة واعتماد الطرق الدبلوماسية كأنسب وسيلة لحل النزاعات في إطار من حسن الجوار واحترام السيادة الوطنية للدول والتوصل إلى حل عادل وشامل لقضايا المنطقة، وبخاصة القضية الفلسطينية، وقد عبرت رؤية المملكة عن حرص المملكة على تعزيز مسيرة الوحدة لدول مجلس التعاون وتوحيد الصف والتضامن العربي، ودفع الجهود الكبيرة التي تقوم الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون ومصر والأردن وغيرها من أجل التضامن تجاه تلك التحديات والخروج برؤية عصرية موحدة لمعالجتها.