أثار التراجع والسماح بعرض الفيلم الأمريكي «باربي» في السينمات حالة من الاستياء والجدل داخل المجتمع، ولا سيما أن تاريخ طرح الفيلم يتزامن مع الحملات الممنهجة التي يقوم بها دعاة الشذوذ عالمياً لإقرار هذا السلوك المنحرف وغرسه داخل المجتمعات، وهي الممارسات التي تستنكرها الفطرة البشرية السلمية، والتي تتنافى مع تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، والغريب أن السماح بعرض الفيلم جاء بعد فترة وجيزة من الاعتراض على العرض، دون أن توضح لنا أي جهة سبب الاعتراض أولاً، أو حتى سبب المواقفة لاحقاً، رغم أن الموضوع ليس بالهين، ويتقاطع بشكل لا يقبل الجدل مع معتقداتنا الدينية وهويتنا الإسلامية والعربية.

إن فيلم «باربي» يحمل العديد من الرسائل المبطنة والخطيرة التي تضرب في صميم مفهوم الأسرة والأخلاق، وقد لا يكون بالفيلم مشاهد مباشرة تنافي القيم العامة أو ألفاظ خارجة تستوجب المنع أو القص والمونتاج، إلا أن الفكرة الأساسية التي ينطلق منها السيناريو والحوار تقوم على تعزيز الفصل بين الرجال والنساء وأن يكون لكل منهم مجتمعه الخاص الذي يستغني فيه عن الآخر، وهذه الفكرة الشاذة تمثل هدما صريحا لقيمة الأسرة كأساس لبناء المجتمع، واستمرارية الحياة على وجه الأرض بالكيفية التي أرادها الله للحياة أن تسير عليها.

والأخطر أن هذه الأفكار غير السوية يتم تقديمها من خلال فيلم سينمائي موجه إلى الأطفال يحمل كل صفات البهجة في الألوان والمؤثرات البصرية والسمعية، إذ حرصت الشركة المنتجة على إنفاق الأموال بسخاء لكي يخرج الفيلم بهذه الصورة التي تجذب وتشد انتبها الصغار قبل الكبار، وبخاصة أن الدمية «باربي» تحتل مكانة لدى الأطفال على مدى الأجيال، ولذلك كانت هي المدخل الذي أرادت به الشركة المنتجة السيطرة على عقول الصغار لكي تنشأ أجيال لا ترى عيباً أو حراماً في قبول أفكار الشذوذ والتحول الجنسي أو الأفكار التي تدعو إلى السيطرة النسوية على المجتمعات.

ولا أدري هل تم إدراك هذه الأفكار والرسائل المبطنة التي يتبناها الفيلم أم لا؟ وعلى أي أساس أجيز عرضه في السينمات؟

أليس من حقنا أن نعرف أسباب الموافقة ودوافعها في ظل كل هذه الانتقادات؟

وأقتبس هنا ما قاله السيناريست والمخرج السينمائي العماني هيثم سليمان لجريدة «الرؤية» مؤخرا من أن «الفيلم بعيد تماماً عن شخصية باربي أو الدمية التي يلعب بها الأطفال ويحبونها، وإنما جاء ليغير كثيراً من المفاهيم لدى الناشئة، فضلاً على وجود شخصية شاذة بالفيلم، مشيراً إلى أن هوليوود بدأت مؤخراً تقديم أعمال تتماشى مع ثقافة «الووك» (التمرد على الثقافة الموروثة) التي يدعمها الحزب اليساري الأمريكي باستخدام آلة الإعلام، وما الترويج الضخم لفيلم باربي إلا مثال صارخ لهذا التوجه الذي سوف يسهم في تدمير العلاقات الاجتماعية وإفساد الأطفال بأفكار سامة.

إن الحفاظ على أبنائنا وحمايتهم من الأفكار المنحرفة وتنشئتهم على أسس دينية سليمة هي أمانة ومسؤولية عظيمة سوف نحاسب عليها يوم القيامة، ولذلك يجب وقف عرض هذا الفيلم وعدم السماح بعرض أفلام مشابهة له في المستقبل. حفظ الله مملكة البحرين وأدام عليها الأمن والاستقرار.