كنت منهمكة في ترتيب الأدراج الخاصة بي في المنزل، فوقعت عيناي على علبة أحتفظ فيها بأشياء مختلفة هي من بقايا الماضي وقد احتفظت بها لتثير الذكريات، فتحتها وأخذت أتامل كل قطعة فيها، فتلك «إشارة فرقة الزهرات» بالمدرسة، وهذه «قبتي» عندما كنت في فريق المرشدات، وهذا القلم كان هدية من معلمة اللغة العربية كافأتني به عندما كتبت قصة جميلة ونشرت في صحيفة صدى الأسبوع، أخذت أقلب كل قطعة بهذه العلبة وأعتصر ذاكرتي لأسترجع ذكريات كل قطعة في هذه العلبة، ومعها يعتصر قلبي حين يذكر الماضي الجميل الذي رحل، ولم يبق منه إلا هذه الأشياء البسيطة، ما أعجب مفعول الذكريات على قلب الإنسان، فتمتزج المشاعر الجميلة مع المشاعر السلبية، فبين مشاعر الحنين للماضي، ونشوة العيش في الذكريات ترتسم الابتسامة على المحيا، وينغمر القلب في شعور جميل يسمى السعادة .

في علبة الذكريات انغمرت بكل جوارحي أتأملها قطعة قطعة، فوقعت عيناي على بعض الهدايا التذكارية التي كانت توزع في الاحتفالات في المناسبات الوطنية، فهذه نظارة حمراء، وتلك «الأسوارة» الصغيرة التي كتب عليها اسم البحرين، وهذا القلم الذي نحت عليه علم البحرين بالحجم الصغير، وهذه «التعليقة الذهبية» التي صمد لونها على مر السنين، وكأنه يشير إلى صمود مجد بلادنا الحبيبة وعزتها، وتذكرت يوم أن كنا نتحلى بهذه الهدايا أنا وجميع الطالبات صغاراً وكباراً، نلهو ونمرح على أنغام الأغاني الوطنية، وكأنني أستمع لأصواتنا ونحن نتغنى بتلك الأغاني التي تنبع من أعماق القلوب، ونتنافس لرفع أصواتنا بتلك الكلمات الوطنية لنسمع العالم بأسره، هنا أدركت كم أن الهدايا التذكارية للصغار في المناسبات الوطنية تحي مشاعر حب الوطن، وتكتنز المشاعر الوطنية في القلب لتظل بين الضلوع طول العمر.

هنا أدركت أنه من المهم أن نصنع ذكريات جميلة لدى صغارنا في المناسبات الوطنية، كما فعل معنا من يكبرنا، كي تظل تلك المشاعر مكتنزة في قلوبهم الصغيرة وتكبر معهم، فالهدايا التذكارية الرمزية تظل تزين الرفوف والقلوب وتحي أجمل المشاعر الوطنية، وما أجمل أن نحتفظ بها وتكون ضمن التحف التاريخية القديمة لتكون رمزاً تعبر كل قطعة منها عن كل فترة زمنية..

ودمت يا وطني سالماً.