ذات يوم أصبت بوعكة صحية فاضطررت لمراجعة قسم الطوارئ بمستشفى الملك حمد الجامعي بمدينة المحرق، وهناك سررت بمستوى الخدمة التي تقدم للمرضى، سواء في مستوى النظام في العمل وحسن الإجراءات حيث يتم تصنيف الحالة المرضية للمريض لتحديد أولويات البدء في علاج المرضى، وكما سررت بمستوى النظافة والهدوء وحسن مقابلة الموظفين للمرضى.

وبعد أن استكملت لي إجراءات الاستقبال والفحوصات الأولوية، تم تحويل حالتي للدكتور ناصر الجودر وهو طبيب بحريني متخصص في الطوارئ وبرفقته إحدى طالبات كلية الطب بجامعة الخليج العربي، وهي الدكتورة عائشة السندي حيث تخضع للتدريب، والحقيقة أنه تلاشى قلقي على حالتي الصحية وأنا أرى حرص الدكتور ناصر على شرح الحالة للطالبة، وتركيز الطلبة وحسن نقاشها معه، فكم نفخر بشباب مثل هؤلاء حريصين على التعلم والتدريب ورفع قدراتهم وخبراتهم لخدمة الناس والوطن، شكرت الدكتور على الاهتمام بعلاجي وعلى الاهتمام بتدريب الطالبة، ودعوت لهما بالتوفيق.

وهنا تذكرت أنني حضرت سنة 2019 مؤتمراً حول طب الطوارئ نظمته جمعية الأطباء البحرينية آنذاك، ومن خلاله علمت أن الطبيب عليه أن يتخصص في طب الطوارئ، ثم يواصل التخصص ليتخصص في هذا المجال تخصصاً دقيقاً كأن يتخصص في طوارئ الأطفال، أو العظام ونحو ذلك. مشوار طويل في طلب العلم والتدريب يمضي فيه الطبيب في سبيل مساعدة الناس وعلاجهم. هذا التخصص يستحق كل هذا الاهتمام فطبيب الطوارئ هو الذي يستقبل الحالة المرضية في لحظات حرجة وهو الذي قد ينقذ المريض من الموت أو من تدهور حالته، ويمكننا القول إن كفاءة المستشفيات تتأثر بمدى كفاءة قسم الطوارئ لديها. لذا يستحق هذا التخصص الدعم بالتدريب والتطوير.

فسألت الدكتور، ترى هل يقدر المرضى قيمة طبيب الطوارئ كتقديرهم للطبيب المتخصص في مجال آخر؟ فقال: مشكلتنا ليس في تقدير المرضى لنا كأطباء طوارئ بل المشكلة أنهم يخلطون بين دور طبيب الطوارئ وطبيب العائلة، فتجدهم يقررون الذهاب لقسم الطوارئ بالرغم من أن حالتهم الصحية لا تحتاج لسرعة تدخل، ولا تحتاج لمتخصص في الطوارئ، بل يكفيه مراجعة طبيب العائلة، وخاصة وأن هناك مراكز صحية حكومية، تقدم خدماتها على مدار الساعة. إن مراجعة المرضى لطبيب الطوارئ دون ضرورة تستقطع من وقته وجهده، ومن إمكانات المستشفى المخصصة لإنقاذهم حياة المرضى في الحالات الحرجة، أو التي تتطلب تدخلاً سريعاً لحمايتهم من المزيد من المضاعفات.

والمهم أن يتحلى المريض بالصبر على الانتظار، فأولوية بدء العلاج للمريض الأكثر حاجة وليس لمن حضر للمستشفى أولاً، والانتظار في قسم الطوارئ لفترات طويلة ظاهرة عالمية في جميع المستشفيات بحكم طبيعة عملها، من هنا تأتي أهمية تفهم المريض لحالة جميع المرضى. حفظ الله الجميع من كل شر وعافى المرضى..

ودمتم سالمين.