قال تعالى (حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ)، والمعنى ابتدأنا إنزاله من أم الكتاب في السماء السابعة إلى الدنيا في ليلة مباركة، أي ليلة القدر، والقدر معناه الفضل الكبير والخير الوفير لما يستفيد الإنسان من صحة في بدنه ورقة في قلبه، وهو مجبول بفطرته على الأخلاق الفاضلة والصدق في القول والعمل، والإحساس بالمعوزين الذين ضاق عليهم رزقهم بسبب من الأسباب التي يتعرض لها الإنسان نتيجة لذنب اكتسبه أو بظلم أصابه من الآخرين الذين تجردوا من العطف والرحمة، والصدقة والإحسان، وجاء في سورة القدر (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، والألف شهر تعادل 83 سنة وتزيد عليها قليلاً، كما نعلم أن الإنسان يبلغ أشده في الأربعين من عمره، والله تعالى يحاسبه إذا بلغ أشده وبلغ 40 سنة، إذ يقول تعالى: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً)، و(قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين)، فأنت أيها الإنسان اختر لنفسك وحياتك السرمدية والأبدية من بعد الحساب والتي لا موت بعدها، وقرّر لنفسك في أثناء حياتك بهذه الدنيا، إما أن تكون مسلماً موحداً فلك الجنة، أو النار والعياذ بالله إن رفضت الإسلام ديناً ومحمداً نبياً ورسولاً، قال تعالى: (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)، وقال تعالى: (وَالعَصرِ إِنَّ الإِنسانَ لَفِي خُسرٍ إِلَّا الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَواْ بِالحَقِّ وَتَوَاصَواْ بِالصَّبرِ)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مخبراً عن ربه جل وعلا: (كلُّ عملِ ابن آدم له إلا الصيام فهو لي وأنا أجزي به)، وقوله أيضاً: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)، وله كذلك: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، وقال سبحانه: (وَاتَّقُواْ يَوْمًا لَّا تَجْزِى نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ)، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، ولا تجعل للشيطان الرجيم وحزبه علينا من سلطان، في رمضان وسائر الأيام.

وبما أن البحرين مملكة عربية مسلمة، فإن مليكنا صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه وأمدّ في عمره بالصحة والعافية، والدعاء موصول إلى ولي العهد رئيس الوزراء حفظه الله، فقد ورد عن صاحب السمو الأمير سلمان بن حمد آل خليفة الأمر بافتتاح وترميم وتأهيل 32 مسجداً تابعاً لإدارتي الأوقاف السنّية والجعفرية في كافة محافظات المملكة، والتأكيد على أن العيش الرغيد ورفاهية المواطنين لها الأولوية في برنامج الحكومة الموقرة، في رمضان وغير رمضان مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم، وتَرَاحُمِهِم، وتعاطُفِهِمْ مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى)، وكل عام والجميع بخير ورغد عيش وسلام وأمان، برعاية مليكنا المعظم وولي عهده الأمين والمخلصين والأوفياء من المواطنين.