ما يتم توثيقه من أحداث في قطاع غزة من إبادة وتجويع وتهجير ودمار شامل، ونشر بشائع القتل المتعمد ضد الإنسانية والتشهير بجرائم الحرب عبر كافة الوسائل الإعلامية التقليدية والجديدة، هي مهنية في العمل الصحفي والإعلامي، مهنية في نقل الحقائق والتعريف عن أبشع جرائم الإبادة التي مرت على الكرة الأرضية منذ الخليقة إلى يومنا هذا، يشهد على تلك الأحداث الحاضر والمستقبل، فهي بالتأكيد وصمة عار ووسام خزي على صدور مرتكبي هذه المجازر.

كل أهل غزة هم صحفيون وإعلاميون ينقلون للعالم بالصوت والصورة نماذج واضحة عن اللاإنسانية التي تشهدها أرض فلسطين، قتلى، أشلاء، جوعى، مرضى، أطفال، شيوخ، نساء، قصف، قنابل، واقع حقيقي ينقل للعالم، صحفيون وإعلاميون ومشاهير من مختلف الدول حرصوا أن يكونوا هناك لينشروا بشاعة الحرب وهذا ضروري ويجوز لا من أجل الشهرة والمتابعة وإنما من أجل المصداقية وتحري الدقة في نقل الخبر بأن ما جري في قطاع غزة، ليس فيلماً ترفيهياً وليس لعبة من صنع الخيال وإنما حقيقة ملموسة يشهد العالم أجمع على صدق محتوى ما يُنشر لنا اليوم في قطاع غزة، فالمراسلون وبعض المشاهير والمواطن الصحفي هناك في قطاع غزة على كفين من الرعب والموت حفظهم الله.

أثار الدكتور علي السليماني مدرّب وموجّه في التطوير الشخصي والمؤسسي في سلطنة عمان في حديثه لإحدى المحطات العمانية الإذاعية الخاصة نقطة في غاية الأهمية عندما خصّ في حديثه عن حادثة مصرع عدد من طلاب المدارس جراء سيول الأمطار في عمان وكيف يتعامل بعض المشاهير في تصوير مقتنيات هؤلاء الأطفال أو نشر وتداول بعض الصور من أجل زيادة عدد المتابعين التي لاشك بأنها تثير عاطفة أولياء أمور الطلبة الذين لقوا حتفهم بدلاً من امتصاص حزنهم عليهم.

بالتأكيد، هناك مواقف تحتاج أن تتضافر فيها الجهود من أجل نشر الحقائق للعالم رغم أن التوثيق صعب على أهلها وأهل الضحايا كما في حال الحروب، لكن لابد أن يرى العالم بشاعة الحرب ولا إنسانية البعض-وقطاع غزة مثال حي-، ولكن عندما يكون النشر في حال الكوارث الطبيعية أو الحوادث المرورية وعند سقوط ضحايا، على المشاهير وأهل الاختصاص التأني قليلاً، فمن الصعب جداً أن ينشر أهل البلد صوراً بشعة للضحايا أو مقتنياتهم أو تداول صور لمركباتهم وهي في أبشع صورها، وهذا الفرق بين مهنية الصحفيين والإعلاميين والاعتبار الإنساني، وبين النقل والنشر اللاإنساني لهوس بعض المشاهير من أجل زيادة عدد المتابعين.