ما إن انتهت القمة العربية التي عقدت في مملكة البحرين، وما أعلن في بيانها الختامي بشأن عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، حتى بدأ حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، رئيس القمة العربية بالعمل على إنفاذ هذه الدعوة وجعلها واقعاً ملموساً.

هذا الأمر برز خلال الأيام الماضية حين زار جلالة الملك المعظم حفظه الله جمهورية روسيا والتقى مع الرئيس فلاديمير بوتين وتحدث معه في العديد من القضايا التي تمثل أحد مفاتيح ملفات هذا المؤتمر، ومن أمثلتها ما ذكره مليكنا المعظم عن العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية، حيث أكد جلالته رعاه الله على أن البحرين بلد سلام لا تغلق أبوابها أمام الجيران، بل ترحب بالجميع وهذا هو الواقع المسجل في جميع المستندات والسرديات منذ القدم وحتى اليوم.

ثم بعد زيارة جلالته حفظه الله إلى روسيا انطلق إلى العاصمة الصينية بكين ليلتقي مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، لاستكمال الجناح الشرقي لهذا المؤتمر الدولي، فلا يمكن أن ينعقد مؤتمر للسلام بأطراف غربية دون العالم الشرقي من الكرة الأرضية، وهنا نلحظ الحكمة التي أراد جلالة الملك المعظم رعاه الله أن تحقق النجاح لهذا المؤتمر.

فكم عقدت مؤتمرات سلام من قبل، ولم نشهد لها أي تقدم أو إنجاز لما وعدت به، لأنها كانت مؤتمرات ذات جناح واحد يعتمد على الغرب فقط لحلحلة القضايا الشرق أوسطية، رغم أن المشكلة وعنوانها يتحدث عن «الشرق الأوسط» إلا أن كل العيون كانت تتجه في السابق إلى الغرب، ولذلك لم نرَ أي نجاح لهذه المؤتمرات. لكن اليوم سنشهد واقعاً مغايراً للتوازنات التفاوضية بدخول أطراف أخرى مضادة في الاتجاه ومساوية في القوة مع الطرف الغربي، لكي تكون المناقشات والحلول معقولة وقابلة للتحقق وغير مؤجلة وتحقق التوازن المفقود، لأن الشرق بأكبر دولتين «روسيا والصين» سيكون لهما منصة متقابلة مع الجهة الأخرى والتي لم تخفِ انحيازها لإسرائيل.

لقد اختار جلالة الملك المعظم البداية الصحيحة لهذا المؤتمر، ومن مقعده في موسكو مع بوتين، أنهى إحدى أكبر الذرائع التي استخدمها الغرب لخلق فوضى في منطقة الشرق الأوسط، وسنرى بعد هذه الجولة الملكية تحركات نشطة لقيادات كبيرة في المنطقة على ذات المستوى، وسيكون للمنطقة شأن آخر بعد انعقاد مؤتمر السلام الدولي في مملكة البحرين.

نحن نعلم جيداً أن ما يبادر جلالة الملك المعظم حفظه الله بقوله أو الإشارة إليه، سيكون واقعاً متحققاً في أسرع وقت ممكن، ولذلك فإن ثقتنا في جلالته رعاه الله تنبع من تاريخ حافل بالأقوال والأفعال المنفذة على أرض الواقع، وهذه هي شيم الملوك العظماء.

* قبطان - رئيس تحرير جريدة «ديلي تربيون» الإنجليزية