بالتأكيد كثير منكم «تشاءم» من العنوان، والبعض قد يقول «فال الله ولا فالك»! ورغم ذلك، سامحكم الله أولاً، وثانياً لابد للإنسان أن يتساءل بشأن كثير من الأمور، لأن معرفة الإجابات والسعي وراءها هي ما تجعلك تدرك ما يحصل حولك؟!
فعلاً، أنا جاد في سؤالي، إذ «أين ذهب فيروس كورونا»؟!
نسترجع شريط الذكريات سريعاً، إذ قبل أربعة أعوام تقريباً ظهر الفيروس وظننا أنه لن يصل بلادنا، لكنه اجتاح العالم بأسره، وخلف وراءه ضحايا بأعداد مهولة جداً، وفرض على الدول اتخاذ إجراءات عديدة على صعيد الوقاية والاحتراز، وكذلك كلف خزائنها ملايين بل مليارات لتواجه هذا الوباء وتحافظ على حياة البشر.
ورغم «سوداوية» المشهد حينها، ورغم الظن بأن الجائحة لن تزول بسهولة، وأننا سنقضي سنين طويلة نتناول جرعات التطعيم ونبحث في أمصال أقوى وأكثر فاعلية، إذ فجأة انحسر الوباء، ووصلنا لمرحلة أصبح فيها «فيروس كورونا» القاتل الذي أسقط مئات الآلاف، فجأة أصبح في نفس مرتبة الـ»إنفلونزا الموسمية»، بل حتى «الزكام والكحة» العاديين!
أليس غريباً كيف اختفى بسرعة مذهلة؟!
لست أسعى هنا للحديث عن نظريات مؤامرة أو افتراض أن ما حصل أمر «مبرمج» له، وأن المستفيد أصحاب شركات الأدوية، أو أولئك المروجون لمعادلة «زيادة البشر وشح الموارد»، وتحديداً أعني من يفضلون زوال ملايين من البشر حتى يتوفر الغذاء للأعداد الباقية ولا تكون هناك مجاعة في تلك البقعة أو تلك! أقول لست أتحدث عن نظريات مؤامرة هنا، فالعالم بأسره تحدث بشأنها وبما فيه الكفاية.
لكن سبب تذكري للفيروس وفصوله وكيف طغى وأرهق العالم، ومن ثم كيف انحسر واختفى أو بالكاد لم يعد له ذكر، سبب تذكري هو التصريح الأخير السبت الماضي للمدير العام لمنظمة الصحة العالمية «تيدروس أدهانوم غيبريسوس» وهو يحذر من أزمة صحية جديدة.
نعم، هو نفسه من كان يرعب البشر حول العالم حين يخرج ويصرح أيام كورونا وما بعدها بشأن الأوبئة، ويأخذ في توقع السيناريوهات الأسوأ ويحذر الناس من مرحلة أصعب من ذي قبل، ومن وباء أكثر فتكاً من الذي مضى.
السيد تيدروس عاد مجدداً ليرعب العالم، رغم أنه يرى في تصريحاته واجباً مهنياً يؤديه، ونصائح لازمة للناس حتى يتوخوا الحذر، لكن في المقابل كثيرون يرون تصريحاته مرعبة ومقلقة وتبعث على التشاؤم.
شخصياً أرى بأن مثل هذه التصريحات هي ما تجعل الشركات العالمية المتخصصة في الأمصال والأدوية والأجهزة الطبية، وتحديداً قسم المبيعات فيها يخرج «الحاسبة الآلية» ليعرف التوقعات الربحية لبيع الأدوية، وكذلك كيف سيعمل فريق التسويق والإعلان والترويج على إِقناع العالم بشراء «المنتج الجديد» الذي من خلاله سيواجهون الـ»جائحة الجديدة»!
في طيات الخبر تفصيل يقول بأن «هناك قراراً لإبرام اتفاقية بشأن الأوبئة خلال العام المقبل يُظهر الرغبة القوية والملحة لدى الدول في ذلك لأن الجائحة التالية مسألة وقت»!
اتفاقيات تعني صرف أموال بالضرورة، وعلاجات وأمصالاً تعني شركات أدوية عملاقة وتسويقاً وصفقات، أي تعني أيضاً مبيعات وأرباح. ورغم كل هذه الأمور وحقيقة وجودها وأهميتها لحفظ أرواح البشر، كان السؤال محيراً فعلاً بشأن الجائحة القادمة، إذ حتى مدير عام منظمة الصحة العالمية لم يكن يعرف ما هو الوباء القادم وماذا يستهدف، لكنه متأكد تماماً بحسب كلامه أن «الجائحة التالية مسألة وقت»!
عموماً ونحن نترقب التصريح القادم لتوقعات جديدة للشخص الذي بات العالم يتعامل مع تصريحاته بأنماط متنوعة من المشاعر، سواء غضباً أو قلقاً أو خوفاً وطبعاً تندراً، ونحن نترقب سنظل نتذكر ما مرت به البشرية وعانت منه، ونتساءل: «أين ذهب فيروس كورونا»؟!