من أجل نجاح القمة العربية الـ33 في مملكة البحرين برئاسة جلالتكم ومساندة من سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظكم الله تعالى، سعيتم في فترة ما قبل عقدها، استغرقت أياماً، وإذ قمتم بمقابلات شخصية مباشرة مع إخوانكم أصحاب الجلالة وأصحاب السمو وأصحاب الفخامة، واحداً واحداً، وناقشتم جلالتكم معهم جدول أعمال هذه القمة، وتباحثتم معهم بكل صراحة، ماتحتاج إليه دولنا وشعوبنا من خير ونماء وأمن واستقرار، وما يقود إلى الاستثمار في الجانب البشري والإنمائي، وبناء قوة عسكرية عربية ذاتية، في عصر تسابقت دول العالم على امتلاك قوة عسكرية ضاربة حديثة -يستثنى منها السلاح النووي إلا للأغراض السلمية-، وتعتمد عليها إذا ما جار عليها جائر، وما أكثر الدول في عصرنا التي لها أطماع اما سياسية أو اقتصادية أو توسعية، للتسلط على الثروات الطبيعية للدول الضعيفة، أو يتعدى هذا الاستقواء على غزوها عنوة، وفرض الأمر الواقع على أراضيها وشعبها كما هو حاصل في فلسطين العربية الآن، وما يعانيه مواطنوها منذ عام 1948 وإلى يومنا هذا من آلام وجور ومجازر يومية، مع أن الدول العربية، ومن أجل السلام العالمي قبلت بحل الدولتين، بما يعني تقسيم فلسطين الكبرى إلى دولة عربية ودولة إسرائيلية، لكن رفضته إسرائيل عدة مرات، وجاء هذا التقسيم أولاً من الأمم المتحدة التي أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية، وكان الهدف الأسمى لهذه الهيئة هو إنهاء الصراعات بين الشعوب وإحلال السلام العالمي الدائم، مستحضرة نتيجة تلك الحرب فقد فيها الملايين من البشر، وتدمير الحضارات الإنسانية في كلا الجانبين، ولا زالت مآسي تلك الحرب عالقة في الذاكرة البشرية.
إن انعقاد القمة العربية الـ33 في مملكة البحرين برئاسة حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه مثلت نجاحا كبيرا، وكان جدول الأعمال قد وافقت عليه كل الدول العربية وعلى بنوده، فجاءت النتائج محسومة مقدماً وفق الرأي السديد الذي يتمتع به جلالة الملك المعظم وآفاق آماله مقدماً، وفي مقدمتها الإصرار والتوافق على الموقف العربي الإنساني بالنسبة إلى إحقاق الحق الفلسطيني، وقيام دولته على حدود ما قبل عام 1967، كما نصت عليه المواثيق الدولية، والمبادرة العربية، من أجل الوصول إلى هذا الهدف في أقصر وقت ممكن، وقيام السلام الدائم، فقد اقترح حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم بأن يعقد مؤتمر أممي في مملكة البحرين ويدعى لحضوره ممثلو الدول العربية وأعضاء من هيئة الأمم المتحدة بالإضافة إلى مندوب فلسطين ومندوب إسرائيل، وهذا الاقتراح من لدن جلالته يضع الجميع تحت طائلة المسؤولية الجماعية عن إقرار حل الدولتين وتثبيت سلام دائم في الشرق الأوسط، وإنهاء هذا الصراع المرير.
إن قيام حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه بزيارة إلى روسيا الاتحادية العظمى وهي تعد أول زيارة لدولة صديقة، لها كرسي دائم في مجلس الأمن وتملك حق النقض «الفيتو» وروسيا العظمى لها علاقات وطيدة وراسخة مع مملكة البحرين، وتربط الزعيمين الكبيرين صداقة حميمة، وهذه الزيارة الميمونة وغيرها من زيارات المخطط لها بزعماء العالم، لها اعتماد كبير في دعم مخرجات أعضاء جامعة الدول العربية الأوفياء في مسعاهم لقيام سلام وعدل دائمين لدولنا العربية وجيراننا والعالم أجمع، ونحن في شوق وانتظار إلى الاجتماع الأممي الموعود في مملكة البحرين، بلد العدل والتعايش السلمي بين الشعوب، وهذه القمة الكبرى آمالنا معقودة على نجاحها، بفضل من الله تعالى ثم بمساعي ملك السلام حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، وبمتابعة حثيثة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظهم الله تعالى ورعاهم، ونتائج هذه الزيارة إلى روسيا الاتحادية ملخصها، أن جلالته طرح على بساط المباحثات الهامة والمصيرية بين جلالته وفخامة الرئيس بوتين، مايلي «نتطلع إلى دعم الدول العربية وروسيا الصديقة لتحقيق مبادئ حسن الجوار، وأن غزة وما يجري فيها من مآسٍ إحدى النقاط المؤلمة، ووصمة عار في جبين من لم يساهم في هذا الاتجاه، والجميع يأمل أن تتوقف الحرب، ونتطلع إلى تحسين العلاقات مع إيران، ولا سبب لتأجيل عودتها»، كما جاء بجريدة الوطن الغراء الصادرة بتاريخ 24 - 5 - 2024، وهذا التصريح الهام، هو خطوة مباركة من جانب حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم، كبرهان واضح للسياسة التي يتبناها جلالته، ويسعى سعياً حثيثاً لتطبيق ما يؤمن به وهو التعايش بسلام مع دول الجوار عامة وجمهورية إيران الإسلامية الصديقة، وفقكم الله وسدد آمالكم بالنجاح والتوفيق والله الموفق.