الأسبوع الماضي شهد سوق المنامة القديم كارثة إنسانية وتاريخية ومادية كبيرة، نتج عنها وفاة وإصابات لعدد من الأشخاص، إضافة إلى دمار ونهاية لعديد من المعالم القديمة والتاريخية لهذه البقعة العريقة في السوق، إضافة إلى خسائر مادية كبيرة لعدد كبير من تجار وأصحاب المحال التجارية.

وفي نفس الوقت تصادف وقوع حريق أكثر مأساوية وكارثية بإحدى العمارات السكنية في دولة الكويت الحبيبة، والذي نتج عنه وفاة ما يقارب 45 عاملاً.

وفي كلتا الحالتين نقول إن الخسارة الكبرى والعظمى هي وفاة أناس أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم كانوا ضحايا لهذه الحوادث، ودون ذلك من الخسائر فكلها تعوض.

قد يكون القاسم المشترك في الحادث بين البحرين والكويت واحداً، وهو ارتفاع درجة الحرارة وزيادة الجهد على التمديدات الكهربائية، إلا أنها وإن كانت واقعية فهي ليست بالأساسية، وهو ما ظهر جلياً في الحادثين أيضاً، ففي الكويت أظهر التدخل السريع والحازم للدولة وجود تجاوزات كبيرة وكارثية في عديد من الأمور، من تجاوزات لملاك العقارات وإهمال كبيرة من بعض الجهات المعنية بالرقابة، والمعالجات السريعة والرادعة التي اتخذتها الدولة كانت سبباً في ارتياح الشارع الكويتي وإحساسه بوجود رغبة قوية في التغيير والتصحيح.

والأمر كذلك في مملكة البحرين، فالحديث أن السوق ومرفقاته قديمة وتعود لمدة تتراوح ما بين 40 و80 عاماً- كما تم تناقله- هذا الأمر يدل بالأساس على عدم وجود آلية لمراقبة العمر الافتراضي لأمور مهمة، مثل التمديدات الكهربائية وتسليك الصرف والماء وغيرها، كما أن معظم الأجهزة الكهربائية مثل المكيفات المتهالكة وتسبب ضغطاً كبيراً على شبكة الكهرباء، إضافة إلى أخطاء وتجاوز في بناء وتأسيس بعض الممرات الداخلية في السوق والتي هي عائق لدخول آليات الدفاع المدني وصعوبة وصول فرق الإنقاذ.

ففي كلتا الحالتين أصبحنا نكتشف أخطاء ومشاكل كانت موجودة وتتعاظم مع الوقت، إلا أنها لم تكن يوماً ضمن اهتمامات أي جهة، ولو كان هناك فريق تفتيشي مشترك ما بين «الكهرباء والماء والبلديات والأشغال والصحة» يقوم بجولات دورية ومكثفة لمثل هذه الأماكن الحيوية الأكيد أنه سيلاحظ أن السوق عبارة عن مخطط يمكن وصفه بالعشوائي والمزاجي.

هذا ليس أول حريق يحدث في سوق المنامة، وسبق عدة مرات أن وقعت أحداث مشابهة في سوق المنامة وسوق مدينة عيسى بسبب «الفوضى» وغياب الرقابة، هل نحتاج إلى حريق إضافي لنكشف أخطاءنا؟

اليوم لا نحتاج إلى ترميم وتجميل ما تضرر، بل نحتاج إلى إعادة تخطيط وتنفيذ المناطق المتهالكة بطراز قديم وتاريخي بمواصفات حديثة وعصرية مثل سوق البراحة، وخاصة التي تعد مركزاً للتجارة والسياحة وتعتبر أحد معالم مملكة البحرين لأهل البلد وزوارها.