بمناسبة اليوبيل الفضّيّ لتولّي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم القائد الأعلى للقوّات المسلّحة، حفظه اللّه ورعاه، مقاليد الحكم، أصدر جلالته مرسوماً ملكيّاً سامياً يقضي بالعفو عن 457 محكوماً. هذه المبادرة الملكيّة السامية ليست مجرّد لفتة إنسانيّة؛ بل تجسّد حكمة جلالة الملك المعظم في إرساء مبادئ العدالة الاجتماعيّة وترسيخ قيم التّسامح والتماسك المجتمعيّ، كما تعكس حرصه الكبير على حماية نسيج المجتمع البحرينيّ وتعزيز استقراره.

العفو الملكيّ السامي يأتي في سياق سلسلة من المكرمات الملكيّة المتتالية التي تعزّز مسيرة الإصلاح التي يقودها جلالة الملك المعظم، حيث شهدت البحرين خلال الأشهر الستّة الأخيرة عفواً عن أكثر من 2500 محكوم. هذه المبادرات الملكيّة، التي تتزامن مع المناسبات الوطنيّة والدينيّة، تعكس الروح الإنسانيّة والتسامحيّة التي يتحلّى بها جلالة الملك المعظم، وهي جزء من رؤية شاملة تستهدف تعزيز التماسك الاجتماعيّ وتحقيق الاستقرار الأسريّ. كما تأتي لتؤكّد على التوازن الدقيق الذي تلتزم به مملكة البحرين بين تطبيق مبادئ العدالة واحترام القانون من جهة، ومراعاة الظروف الإنسانيّة والاجتماعيّة من جهة أخرى؛ ما يعكس التزام مملكة البحرين بنهجها القائم على الرحمة جنبًا إلى جنب مع سيادة القانون، وهو النهج الذي تتمسّك به المملكة منذ انطلاقة المشروع الإصلاحيّ لجلالة الملك المعظم، حفظه اللّه ورعاه.

إنّ العفو الملكيّ السامي والمراسيم الملكيّة التي سبقته بهذا الخصوص؛ تأتي في وقت يواصل فيه جلالة الملك المعظم قيادة دفّة مملكة البحرين نحو مستقبل أكثر إشراقاً واستقراراً. كما أنّ هذه المكرمات الملكيّة السامية تنمّ عن فلسفة متجذّرة في حكمة جلالته، أيّده اللّه، والتي تعلي من قيم التسامح والإصلاح. ورسالة واضحة للقاصي والداني على أرض البسيطة بأنّ مملكة البحرين جادّة وملتزمة بالاستمرار في تعزيز حقوق الإنسان وتجسيد قيم العدالة، وتمثّل -في الوقت ذاته- دعوة إلى الأمل والتجديد من خلال إعطاء الفرصة للمحكومين المستفيدين من هذه المكرمات الملكيّة للعودة إلى المجتمع والمساهمة في بنائه واستقراره واللحاق بركب الازدهار والتطوّر الذي تشهده المملكة، وإعادة بناء حياتهم على أُسسٍ جديدة مبنيّة على قيم المواطنة الصالحة والاندماج الإيجابيّ والمشاركة الفاعلة في مسيرة التنمية الوطنيّة.

إنّ ما يميّز المكرمات الملكيّة السامية هو ربطها بمنظومة إصلاحيّة متكاملة؛ تتجلّى في جهود حكومة مملكة البحرين برئاسة صاحب السموّ الملكيّ الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وليّ العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه اللّه. فمن خلال دعم سموّه لمبادرات الإصلاح والتنمية، وحرص الحكومة الموقّرة على تطبيق رؤية جلالة الملك المعظم من خلال توفير برامج تدريبيّة تهدف إلى إعادة تأهيل المشمولين بالعفو، وتعزيز دورهم كمواطنين فاعلين في المجتمع؛ باتت البحرين نموذجاً يُحتذى في تحقيق التوازن بين حماية الأمن المجتمعيّ وتكريس حقوق الإنسان.

لقد دأبت الحكومة الموقّرة، برئاسة سمو وليّ العهد رئيس مجلس الوزراء، على تعزيز المنظومة الحقوقيّة في مملكة البحرين، وتقديم المشاريع والبرامج التي تسهم في إعادة تأهيل المحكومين، ومن أبرز تلك المبادرات قانون العقوبات والتدابير البديلة الذي يشكّل علامة فارقة في النظام الحقوقيّ البحرينيّ، حيث يُعنى بتقديم فرص جديدة للمحكومين من خلال برامج إصلاحيّة تعزّز روح الانتماء والوطنيّة، وتساعدهم على العودة كأفراد منتجين. كذلك برنامج السجون المفتوحة، الذي يحظى بدعم وإشراف وزارة الداخليّة بقيادة الفريق أوّل معالي الشيخ راشد بن عبداللّه آل خليفة، وزير الداخليّة، يُمثّل جزءاً أساسيّاً من هذه الجهود، ويعكس التزام البحرين بتطبيق العدالة بما يتماشى مع حقوق الإنسان.

أخيراً، يأتي العفو الملكيّ السامي ليجسّد مرّة أخرى الإرادة الملكيّة الصادقة في بناء مجتمع يسوده الاستقرار والأمان، وليكون شاهداً على حكمة وقيادة جلالة الملك المعظم، الذي يواصل مسيرة الإصلاح والتنمية بروح الأُبوّة والإنسانيّة؛ حاملاً جلالته رسالة التسامح والعدل في كلّ خطوة يخطوها لصالح أبناء شعبه. كما أنّ هذه المبادرات الملكيّة السامية التي يطلقها جلالته -من حين لآخر- ليست مجرّد عفو عن محكومين؛ بل هي بمثابة دعوة للجميع للمشاركة بإيجابيّة في تعزيز اللحمة الوطنيّة والعمل على استدامة التنمية والازدهار في أرض التعايش والتسامح.
حفظ اللّه مملكة البحرين وقيادتها الحكيمة، وجعلها دائماً رمزاً للسلام والوئام.