طَلّة ملكية مهيبة كالعادة، وحينما يتحدث حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، تمعّن في كلماته، وابحث عن المضامين العميقة.مادة رفيعة المستوى تُدرّس لمن يريد تعلّم الإدارة، ولمن يستهويه فن التخطيط الاستراتيجي، ناهيكم عن معرفة فكر قائد يدير مسؤولية وطنه وشعبه باقتدار، ويرسم في كل خطاب ملامح مرحلة قادمة، يُراد منها أن تكون مكتظة بالعمل الجاد والإنتاج الذي يخدم البحرين وأهلها الكرام.خطاب جلالة الملك المعظم في افتتاح دور الانعقاد الثالث، مثلما جرت العادة في الكلمات الافتتاحية لانطلاقة العمل التشريعي وارتباطه بالعمل التنفيذي من خلال الحكومة، خطاب يضع الثقة بالتزامن مع المسؤولية دائماً على عاتق السلطات المعنية، والهدف دفعها لتحقيق الإنجازات وتسيير منظومة العمل، عبر التركيز على تحقيق الصالح العام للوطن والمواطن، وهو ما يمثل تجسيداً للرؤية الملكية والتطلعات البحرينية الأصيلة التي يعبّر عنها جلالة الملك المعظم.أربعة محاور هامة تطرّق لها جلالة الملك المعظم، وهي تفكيك لتركيبة الخطاب الذي يتحدّث بروح الطموح والأمل بالتطلّع للمستقبل، وفي ذات الوقت خطاب يشخص الواقع ويضع الحلول، وخطاب فيه ثقافة «التقدير»، حينما يذكّرنا رمزنا الأول بنعم الله على هذا الوطن، على رأسها نعمة الأمن والأمان.ولأنها عودة لاستئناف العمل البرلماني، فإن المحور الأول يركز على جهود العمل والبناء، والإصرار على تحقيق المنجزات للشعب من خلال بيت الشعب، مع التذكير بالجهود التي تبذلها الحكومة وفريقها التنفيذي بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله. وهنا نجد مثالاً قيادياً رفيع المستوى، حينما يتابع جلالة الملك العمل بنفسه ويشيد بالمنجزات ويدعم تطوير العمليات لأجل تقديم أجود الخدمات، والتعامل الحتمي مع التكنولوجيا الحديثة عبر تطويع الذكاء الاصطناعي فيما يخدم بلادنا.بعدها كان للبعد الأمني نظرة ثاقبة من رجل هو الأساس في صناعة «أمن البحرين»، وهنا ذكاء القائد في تذكير كل فرد منا بدور المسؤول تجاه الوطن، فكلنا مثلما قال جلالة «قوات البحرين في الخدمة المدنية»، بعملنا واجتهادنا وتطلعنا لتحقيق الأفضل، دون إغفال الدور الهام لمؤسساتنا العسكرية في حماية الوطن ومن فيه، هذه المؤسسات التي لها موقع أثير في قلب ملكنا، كونه أساس نشأتها ومصدر تطويرها وإلهام تقدّمها.وحينما نتحدث عن البُعد الإنساني، فهنا نتحدث عن عظمة قائد بـ«درجة إنسان»، فالملك حمد بن عيسى آل خليفة تعلمنا منه التسامح والعفو والطيبة وحبّ الجميع، تعلمنا منه التعايش واحترام الآخر، يذكّرنا بأصالتنا، وكيف أن هذا المجتمع البحريني مبني على عراقته وأصالته وقيمه وصفاته التي نفاخر بها. بالتالي توجيهه السامي لتأصيل الهوية وتجسيد قيم الوحدة، هو بمثابة مسؤولية يتعيّن على كافة الجهات تحمّلها والعمل على تحقيقها، فأجيالنا المتعاقبة، بالأخص الناشئة منها لابد أن تفخر بهويتها وتعتز بأصالتها وتعمل وفق قيمها، وعليه من واجبنا حمايتها من كل مؤثرات خارجية ومظاهر وثقافات دخيلة تحاول حرفهم عن عروبتهم ودينهم وموروثات البحرين الأصيلة من أخلاق ورجولة وشهامة ونضج.ولأن البحرين كانت ومازالت جزءاً من نسيجها العربي والإقليمي، ومملكة تعتز بانتمائها القومي ودينها الحنيف، كان تأكيد جلالته على الالتزام بنصرة قضايانا والسعي نحو السلام للبشرية، كان تأكيده لازماً. فاليوم العالم يواجه فوضى عارمة، معها ضاع الأمن في بلدان وعانت شعوبها. بالتالي همنا العربي المتمثل في قضيتنا الأزلية فلسطين العربية دائماً وأبداً موجود في وجدان ملكنا، يذكّرنا به، ويعمل لأجل صالح أشقائنا. ومثلما أكد حفظه الله، لابد من وقف معاناة أشقائنا ولابد من قيام دولتهم المستقلة، ولابد من أن ينعموا بالسلام والأمان.التهديدات تتعاظم، واليوم لبنان الشقيق مهدد في أمنه، وسياسة بلع القوي لمن دونه باتت تتضح، وعليه فإن تغليب لغة العقلاء لابد وأن تسود، ووقف الاستبداد والوحشية عبر الحروب لابد وأن ينتهي، وإن كان للبشرية أن تنعم فلا يكون ذلك إلا عبر ثقافة السلام.هذه كلمات قائد له من الحنكة والخبرة السياسية والفنون الإدارية الحكيمة باع طويل، كلماته مثلما قلت مادة تُدرّس، وفكرهُ إلهام لكل من يعمل للخير والبناء والتطوير.حفظ الله القائد الرمز ملكنا حمد بن عيسى آل خليفة، وسدّد على طريق الخير خطاه دوماً، وثبّتنا معه شعباً مخلصاً لا يتغيّر ولا يتلوّن.