شكل إنشاء مدينة التنين الصينية خطوة طيبة في طريق تحريك الاقتصاد الوطني الشاق، وللحقيقة يشكر القائمون على هذه الخطوة، فقد تأخرنا كثيراً في موضوع ابتكار الأفكار التي ترفد الاقتصاد الوطني، وبالتالي تجعل الأفكار تنفذ كمشاريع قائمة على الأرض.
يشكر الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه على رعايته افتتاح المدينة الصينية في ديار المحرق أمس الأول، تعتبر إحدى الخطوات التي نأمل أن تقود الاقتصاد للتحرك نحو الأمام، وإلى زيادة أعداد القادمين إلى البحرين من دول الخليج العربي، خاصة إذا ما أحسنا خطوة الدعاية والترويج للمشروع في المدن السعودية وبالكويت وبقطر والإمارات.
حدثني بالأمس أحد المطلعين على حركة عبور جسر الملك فهد باتجاه البحرين وقال: «إن حركة القدوم عبر الجسر حدث فيها ازدحام بعض الشيء عصر يوم افتتاح مدينة التنين».
وهذا ما كنا ننادي به منذ فترة، وهو أن تقام مشاريع تجذب أهل الخليج للقدوم للبحرين بعيداً عن «ثنائية الفنادق والسينمات» فهذه الزيادة في القدوم إلى البحرين ستتضاعف من السعودية والكويت وقطر، فقد أخبرني أحد الأخوة أيضاً، أن أهله في دولة الكويت الشقيقة كانوا يسألون دائماً متى تفتتح مدينة التنين الصينية بالبحرين، وهذا مؤشر على أن الحركة ستزيد باتجاه البحرين وهذا يعني أن حركة الاقتصاد ستتحرك بشكل أفضل مما كانت عليه، ولن تقتصر الحركة على مدينة التنين، بل ستتحرك عجلات أخرى في أماكن أخرى.
بالأمس أيضاً جمعني حديث مع أحد التجار الذي قال إنه استورد كراسي من إيطاليا إلى محله التجاري، وكان سعر الكرسي الواحد بقيمة 120 ديناراً. يقول التاجر وجدت هذا الكرسي في مدينة التنين حين زرتها وهو «مطابق للذي استوردته من إيطاليا» ولكن الكرسي الواحد كان سعره بـ 22 ديناراً..!!
كل هذه المعلومات تظهر أننا بحاجة إلى مشاريع مماثلة وأفكار خلاقة تجعل كل أوجه الاقتصاد البحريني تتحرك، فحتى التجار الذين أخذوا يتخوفون من كساد بضائعهم بسبب مدينة التنين أعتقد أن بإمكانهم عقد صفقات مع التجار بالمدينة وأخذ حصتهم من السوق بأفكار جديدة.
مشروع مدينة التنين سيضفي حركة ممتازة على الاقتصاد الوطني، هذا لا شك فيه وأعتقد أن على التجار البحرينيين أن يعقدوا شراكات مع الصينيين من أجل أن يحصلوا على نصيبهم من نجاح المشروع.
نجاح مشروع مدينة التنين الصينية ليس يعني أن هذا المشروع فقط الذي تحتاجه البحرين، مع كل احترامي وتقديري إلى المشروع ونجاحه وما سيحققه من زيادة في أعداد السواح إلا أنني أجد أننا بحاجة إلى نوعية أخرى من المشاريع التي تجعل اقتصاد البحرين أقوى وأصلب، وأقل تأثراً بموجات سوق النفط.
بصريح العبارة البحرين بحاجة إلى «مشاريع القيمة المضافة» التي توظف أبناء البحرين، وتزيد حركة الاستيراد والتصدير، وتجعل العملات العالمية متوفرة بكثرة في السوق البحريني، وتجعل الحركة في الموانئ والمطارات قوية.
نحتاج إلى صناعات تجعل خيار توظيف أبناء البحرين هو الخيار الأول، وحتى يكون ذلك فيجب أن يكون المشروع كبيراً وإلا فأن نسبة توظيف أبناء البلد ستكون ضئيلة. من هنا فإننا نتمنى من الحكومة الموقرة وكل الجهات المعنية بالاقتصاد الوطني أن تقوم بإنشاء جزر صناعية لإقامة مشاريع صناعية نوعية لها سوق كبير في دول المنطقة والإقليم، هذا هو المطلوب اليوم، وإقامة مناطق للتجارة الحرة.
أمام الدولة تحد صعب في الأيام القادمة وهو تحدي التوظيف، وتحدي البطالة مع دخولنا نفق التقشف، وهذا يعني أن خريجي هذه السنوات ستكون أمامهم تحديات أكبر مما مضى.
لذلك ينبغي أن نفتح الأبواب أمام المشاريع الكبيرة والنوعية والتي تحرك الاقتصاد في أغلب أوجهه، وأن نقيم مشاريع سياحية نوعية تجعل السائح الخليجي الذي يبحث عن إجازة جميلة لمدة أربعة أو خمسة أيام يأتي إلى البحرين، ويجد فيها كل ما يريد وكل ما يريد أبناؤه.
وزير الصناعة أعلن أن هناك ما يسمى بمدينة «سترة التكنولوجية»، عموماً المشروع طيب والفكرة طيبة ويحتاجها الاقتصاد البحريني، لكن يبدو أننا بانتظار أن تدفن الأرض وتقام عليها الخدمات، وهذا بالمقياس البحريني في الإنجاز يحتاج 10 سنوات، والوقت مكلف في عمر الأوطان..!
الذي نتمناه اليوم هو أن نعرف ماذا نحتاج من قائمة للصناعات الكبيرة، ومن ثم نقوم بإعداد الأراضي ونجعل المستثمر البحريني يدخل في هذه المشاريع، وإن أحجم المستثمر البحريني نعرض المشاريع على المستثمرين الخليجيين الذي يتمنون أن يحصلوا على فرصة بالبحرين، لكن الإجراءات وما يحدث في وزارة البلديات تحديداً يعطل مشروعاتهم.
في الخلاصة، فإن البحرين اليوم تحتاج إلى ثورة في إقامة المشاريع الصناعية الكبرى والمتوسطة والصغيرة، كما إننا نحتاج إلى ثورة أخرى في المشروعات السياحية التي يفضلها السائح الخليجي.
أعتقد أننا يجب أن نخصص الميزانيات لمثل هذه المشاريع، وهي سوف تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني بعد سنوات، وستجعل العمالة البحرينية تتوجه إلى القطاع الخاص أكثر من توجهها إلى الوظيفة الحكومية على اعتبار أن الدخل في القطاع الخاص سيكون مغرياً.
** رذاذ
تمنيت لو أن لدينا مدينة للصناعات التكنولوجية اليابانية، وأخرى كورية، وأخرى هندية، وأخرى ألمانية، كلها بشراكة مع التجار البحرينيين.
تمنيت لو أننا استقطبنا المستشفيات العالمية، وجعلناها تتخذ البحرين مقراً، سواء من ألمانيا أو أمريكا أو فرنسا أو تايلند أو الصين أو الهند، حتى تصبح لدينا سياحة علاجية قوية.. «لكن هذا الموجود، ننفق 10 ملايين على ذاك المستشفى اللي تخبرون»..!
كلها أفكار يجب أن تطبق قبل فوات الأوان، كل هذه المشاريع حلمنا بها أن تكون بالبحرين يوماً.