حين يصرح قادة البحرين وعلى رأسهم حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه عما يجمعنا من مصير مشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي، فإن هذا المصير المشترك يتجسد في صورته المثلى مع المملكة العربية السعودية، ومع دولة الإمارات العربية المتحدة، ومع دولة الكويت.
ولله الحمد والمنة كلما جاءت المحن والأزمات، كلما زاد توحدنا، واقتربت القلوب، حتى أصبحنا اليوم نتحدث عن توحيد المواقف خاصة بيننا وبين المملكة العربية السعودية، والإمارات والكويت.
ما عبرت عنه مواقف البحرين أمس من قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدولة الفارسية الإيرانية هو أحد الأمثلة القوية على المصير المشترك وعلى توحد المواقف، وعلى أننا والسعودية في سفينة واحدة، وقدر واحد، وإرادة واحدة.
تمنيت لو أن جميع دول الخليج تقطع العلاقات التجارية مع الدولة الفارسية الصفوية، فالتجارة والاقتصاد هما ما به تتنفس إيران، وهما اللذان يؤثران على العلاقات ويوجدان ضغطاً شعبياً على الدولة الصفوية.
إيران تصدر لدول الخليج أكثر مما تستورد منهم، وهذا يعني أنها هي المستفيدة من حركة التجارة، وتصدير البضائع «المغشوشة» والمضروبة، والخضروات التي تحقن بحقن الأمراض حتى تنقل تلك الأمراض إلى أهل الخليج، في سياسة قذرة مريضة.
فلماذا نبقي على علاقاتنا التجارية مع الدولة العدوة والتي ترعى الإرهاب في البحرين والسعودية والكويت والعراق وسوريا واليمن ولبنان؟
بالأمس أيضاً وجه وزير خارجيتنا الشيخ خالد بن أحمد كلمات وتصريحات قوية تجاه حسن زميرة الذي ألقى خطاباً ضد المملكة العربية السعودية على خلفية قرارها السيادي في إعدام نمر النمر، والذي يبدو أنه كان نمراً من ورق..!
فقد قال وزير خارجيتنا في حسابه بتويتر: «إن إيران تمنح عبيدها حرية النباح». ويبدو أنه كان يقصد حسن زميرة.
وأضاف: «أعيد ما قلته سابقاً، تخليص لبنان من براثن «حزب الله» الإرهابي، وزعيمه المجرم العميل واجب قومي تجاه اللبنانيين».
وهذه التصريحات أشفت صدور أهل البحرين والخليج، وهي تعبر عن موقف قوي وحازم تجاه كل من يتطاول على السعودية أو دول الخليج، وقد دأب حسن زميرة على التزمير بين فترة وأخرى، فلم يبق له سوى «التزمير» بعد كل الخيبات والفشل والهزائم.
اعتقد جازماً أننا في البحرين اليوم يجب أن تنسجم وتتناغم مواقفنا أكثر فأكثر مع أشقائنا في السعودية، وهذا الأمر ليس بجديد على البلدين وهو متحقق اليوم، والقادم بإذن الله سيكون أقوى وأشمل في المواقف السياسية للبلدين.
من الواضح أن الدولة الفارسية الصفوية ستحاول خلال الأيام القادمة تحريك خلاياها وعملائها في البحرين والسعودية من أجل زعزعة الأمن وإثارة الفوضى، ومن هنا نطالب بأن يفرض الأمن، وألا نترك مجالاً لهؤلاء لإثارة البلبلة، بل يجب أن تطالهم أيدي القانون قبل أن ينفذوا أي شيء يضرب أمن المجتمع.
لله الحمد والمنة، انهزم وانكسر كل من أراد الانقلاب على الشرعية بالبحرين، حتى أدرك من وقف ذلك الموقف أنه كان في وهم كبير، وأن البحرين ستبقى عصية عبر التاريخ بفضل من الله وتوفيقه على أن تسقط في أيادي من يخون وطنه ويرتمي في الحضن الفارسي.
مصيرنا المشترك مع السعودية والإمارات والكويت جعل كل من في قلبه مرض يدرك أن الموضوع لا يتعلق بالبحرين فقط، وأن البحرين ليست إلا ضمن «حزمة عصي» لا يمكن كسرها إلا بإرادة الله.
الصورة الأجمل اليوم التي نراها في الشعب السعودي العزيز هي تلك اللحمة والتأييد والمساندة لكل قرارات حكامها وحكومتها، بل إنهم يطالبون بالمزيد، ويقولون إن حكم الملك سلمان حفظه الله وقراراته الحاسمة أعادت العزة والكرامة والشموخ لأبناء السعودية والمنطقة.
تمنيت لو أن الجامعة العربية كان لها موقف مما حدث في طهران من اعتداء على السفارة السعودية واقتحامها وحرقها، فقد كان للجامعة العربية موقف حين طلب العراق إصدار بيان ضد التدخل التركي، فقد سخرت الجامعة العربية لتنفذ ما تريده إيران في موضوع العراق وتركيا.
اليوم أين هي الجامعة العربية مما جرى في طهران؟
ألا يستوجب ذلك موقفاً عربياً موحداً ضد الدولة الفارسية الصفوية؟
لا أعرف لماذا في هذه اللحظة تذكرت كلام الأمير الراحل أمير الدبلوماسية سعود الفيصل الذي قال ذات مرة: «أي إصبع يمتد على السعودية سنقطعه». وهذا ما نراه اليوم في حكم الملك سلمان حفظه الله وأدام الأمن والأمان على بلاد الحرمين وراية التوحيد، فهي العمود الفقري، وهي أصل العروبة والرسالة، وبإذن الله سيقود الملك سلمان السعودية إلى أن تكون الدولة التي يخشاها القريب والبعيد.
وبإذن الله ستبقى راية التوحيد هي الأعلى، وسنبقى في البحرين نقف كتفاً إلى كتف ويداً بيد، مع أهلنا في السعودية هذا قدرنا وهذا مصيرنا وتاريخنا، ولن نتغير ولن نتبدل أبداً، وجيلاً بعد جيل نتوارث الحب والانتماء والولاء لأوطاننا ولقادتنا وحكامنا وعروبتنا، هكذا تربينا وهكذا سنبقى، وهكذا سنورث أبناءنا بإذن الله.