أنت لست هذا الجسد، فهو مؤقت وزائل وفانٍ، أنت أكبر من الجسد، داخلك الجوهر الالهي، داخلك القوة الكونية، داخلك إمكانيات غير محدودة في أن تكون كما تحلم أن تكون، وكما أراد لك الله أن تكون، تعمّر بكل ما يعنيه معنى العمار، من جوهرك الإلهي انطلق، وستجد كل الحلول التي تتصورها صعبة أسهل، وكل الظروف ستكون لصالحك، ما عليك إلا أن تؤمن بجوهرك الإلهي واتركه يقودك في هذه الحياة.
يقول ديباك شوبرا في كتابه «الحلول الروحية»، إن «كيفية مواجهتك التحديات هي التي تحدد الفرق بين الأمل بالنجاح والخوف من الفشل، هل هناك سبب لهذا؟ أم أن الحياة، بكل بساطة، هي مجرد سلسلة من الأحداث التي تحدث عشوائياً وكيفياً، وتجعلنا نفقد توازننا، وبالكاد وبالكاد نتمكن من التصدي والمقاومة».
يرى شوبرا أن «الجواب الحاسم عن هذا السؤال هو بداية الروحانية التي تقول إن الحياة ليست أحداثاً عشوائية، بل هناك نموذج يحتذى وهدف منشود، داخل كل وجود، أما سبب تزايد حدة التحديات فهو بكل بساطة، جعلك أكثر إدراكاً لأهمية هدفك الداخلي». ويرى المفكر الروحي الهندي أنه «إذا كان الجواب الروحي واقعياً وصحيحاً، فهذا يعني أن هناك حلاً روحياً لكل مشكلة، وبالفعل هناك حل قد لا يكون الجواب بمستوى المشكلة ذاتها، وبرغم هذا يركز معظم الناس كل طاقاتهم على ذاك المستوى».
الحل الروحي هو أهم من ذلك بكثير، حين تتمكن من أخذ وعيك إلى خارج المكان، إلى حيث الصراعات، سيحدث أمران في وقت واحد، يتسع نطاق وعيك ومعه مع هذا الاتساع، تتبدى أجوبة جديدة حين يتسع نطاق الوعي، تصبح الأحداث التي تبدو كأنها حدثت عشوائياً غير ذلك عملياً، هدف أسمى يحاول أن ينكشف من خلالك، وحين تصبح مدركاً لهذا الهدف، الذي هو خاصية لكل إنسان، تصبح كالمهندس الذي يتسلم الخارطة الزرقاء، خارطة موقع العمل، وبكل ثقة، يعرف كيف سيكون شكل البناء وكيف ستتم عملية بنائه.
يقول شوبرا، إن الوعي المنفتح، حيث تبدأ الحلول بالظهور، النظر إلى ما هو أبعد من المشكلة يمنحك المزيد من النقاء، بالنسبة إلى الأعم الأغلب من الناس، هذا المستوى غير متوفر فوراً، والسبب هو ردة فعلهم الأولية تجاه الأزمة. إذا يصبحون في حالة الدفاع، حذرين خائفين، ولكن إذا ما سمحت لنفسك بالانفتاح فسوف تجد أن العناصر التالية تصبح جزءاً من وعيك.
تتضاءل الحاجة إلى الكفاح، وتبدأ بالتحرك نحو الانعتاق، يتواصل المزيد من الناس معك، وتسمح لهم بالمزيد من المنافع، تتخذ قراراتك بثقة وتواجه الخوف بواقعية، ما تجعله يتناقص. لن تشعر بالمزيد من الإحباط والصراع الداخلي بوجود رؤية واضحة.
يصبح بمقدورك القول إنك بلغت هذا المستوى حين لا تظل متمسكاً بالخوف.
انتهى كلام شوبرا ليبدأ كلامي الذي منذ فترة أواصل التأكيد عليه، وهو أن ترى بعين القلب ما لم تستطع أن تراه بعقلك، فإذا ما تبعت قلبك ـ الذي يتصل اتصالاً قوياً بجوهرك الإلهي ـ فانت قادر على أن تحقق كل ما تصبو إليه، ولو صوره عقلك بغير ذلك.
إن قلبك يعرف أكثر من عقلك وهو من يعطيك معناك، هذا الذكاء الذي يجعل منك الإنسان، إن مقياس العقل محدود بالحواس الخمس، أما مقياس القلب فهو خارج الحدود، يتعامل فيما وراء المادة، من هنا إذا أردت الحصول على كل ما ترغب فيه من خير، عليك أن ترى العالم بمنظار الخير، وإذا صعبت عليك الحلول المادية، ما عليك إلا التوجه، بقوة، إلى الحلول الروحية، فهي الضمانة لحصولك على ما ترغب وتحلم.