«إنها فرصة لتطهير العراق والإسلام في العالم من ورم الفلوجة (...) الفلوجة ليس فيها وطنيون ولا متدينون، والقتال فيها شرف لا بد من المشاركة فيه ونيله»!!
هكذا وصف أوس الخفاجي زعيم ميليشيا أبو الفضل العباس التابعة لميليشيات الحشد الشعبي «حالش» مدينة الفلوجة، والتي تسيطر عليها جماعة «داعش»، وتشارك في هذه المعاركة 17 ميليشيا شيعية، هي «لواء أنصار المرجعية، ولواء علي الأكبر، وفرقة العباس القتالية، وفرقة الإمام علي، وقوة أبي الأحرار الجهادية، وقوات بدر، وسرايا عاشوراء، وسرايا أنصار العقيدة، وكتائب حزب الله، وعصائب أهل الحق، وسرايا الجهاد، وسرايا الخراساني، وفيلق الكرار، ولواء المنتظر، ولواء مجاهدي الأهوار، وكتائب سيد الشهداء، وسرايا السلام».
رغم كراهيتى ورفضي المطلق لنظريات المؤامرة المتوهمة، ورغم علمي الكامل بأن «داعش» تسيطر على الفلوجة بشكل تام، الأ أن يقيني يحدثني بأن ما يحدث على أرض الفلوجة ليس المقصود بها «داعش» في المقام الأول بقدر ما هي حرب إبادة ضد أهل السنة والجماعة، انطلاقاً من رغبة إيرانية في إسقاط حاجز الصد المتبقي والأخير أمام المشروع الصفوي.
إذن، ما يحدث على أرض الفلوجة الآن يمكن تعريفه بشكله البسيط بأنه حرب بين قوتين طائفيتين متوحشتين، إحداهما، «حالش» سليلة القوى التي تدعمها إيران، وتوفر واشنطن الغطاء الشرعي لها، وتتحرك في حماية الطائرات الأمريكية، والأخرى «داعش» وهي سليلة القاعدة والتي أوتها واحتضنتها إيران بعد أحداث 11 سبتمبر، وصنعتها ودعمتها أمريكا لمحاربة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، وبحسب نظرية صراع الأفيال فإن من يداس تحت أقدام تلك القوتين الطائفيتين هم أهل السنة والجماعة في الفلوجة، وهو ما يجعلهم يعيشون بين سندان «داعش»، ومطرقة «حالش».
اليوم تحاك آخر فصول المؤامرة الإيرانية – الأمريكية في الفلوجة بعد أن كانت عصية وشامخة طوال عقود ومنذ الغزو الأمريكي للعراق، يكتبها التاريخ المجوسي، وتنفذها بنجاسة وخسة ميليشيات ومرتزقة ترفع رايات كاذبة باسم آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وترتكب أبشع الجرائم الدموية ضد الإنسانية، وبإشراف قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، أما المبادئ التي يستند إليها هذا العفن المجوسي فهي موثقة في الصفحة الأولى لموقع الحشد على الإنترنت «حشدنا دائم حتى ظهور القائم». وما أكثر الدلائل بالصوت والصورة والتي تنتشر بزهو إرهابي جلي عبر وسائل إعلامية عدة، تظهر مدرعات وصواريخ كتبت ورسمت عليها صورة الإرهابي نمر النمر، لتؤكد أن هذا العفن الطائفي ما هو إلا تجمع مذهبي متطرف يتحرك تحت غطاء وتأييد أمريكي وتنسيق إيراني، وما الغرابة في ذلك، فالولايات المتحدة التى غزت العراق بسبب معلومات كاذبة عن أسلحة دمار شامل، هى نفسها من تسامحت مع إيران وترسانتها النووية، وهي نفسها من يغض رئيسها باراك أوباما الطرف عن جرائم الفلوجة، وكلما جاء مستشاره الصحافي بتقارير تتحدث عن جرائم «حالش» عمل نفسه ميتاً!!
إذاً من يظن أن المعركة في الفلوجة هي ضد «داعش» فهو يغوص في الوهم حتى أخمص قديمه، فلا جدل على شرعية معركة الفلوجة لتطهيرها من الإرهاب، إلا أنها موبوءة بالإرهاب أيضاً، فالمعركة ملوثة بإرهابيين رسميين ضد إرهابيين غير رسميين، والكيل فيها يتم بمكيالين، وليس من العدل في شيء الوقوف ومناصرة «حالش» ضد «داعش»، لأنه بالمنطق والعقل هو وقوف ومناصرة لجماعات ارهابية لا تقل خطورة عن الأخرى، والكل يعلم أن العراق اليوم يعيش أمام مشهد إيراني طائفي متطرف صريح، يسعى إلى تثبيت الحشد الشعبي في المشهد بصفته كياناً سيكون مستقبلاً، مستقلاً، شبيهاً بما يسمى «حزب الله» الإرهابي.
زبدة المقال، مبدأ محاربة الإرهاب والتطرف لا يتجزأ بمعنى ليس رؤوف رحيم على «حالش» شديد العقاب على «داعش»!!