طالعتنا الصحف المحلية والعالمية منذ أيام بخبر نقض «الفيتو» الأوبامي على قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب - جاستا» الذي يبيح للمتضررين من أحداث 11 سبتمبر الرجوع على دولة موطن الإرهابيين الذين ارتكبوا عملية التفجير، وعنوا بالتحديد المملكة العربية السعودية، «رغم عدم ثبوت ذلك في تحقيقاتهم»، وادعت الأخبار المتداولة أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يري أن هذا القانون سيضر بالأمن القومي الأمريكي. فمخطئ من يظن أن الرئيس الأمريكي حرص على مصلحة المملكة العربية السعودية بإصداره «الفيتو» المزعوم على قانون «جاستا»، فما حدث لا يتعدى أن يكون نوعاً من أنواع توزيع الأدوار حتى تجد الدبلوماسية الأمريكية رداً عند أول لقاء مع دبلوماسية المملكة العربية السعودية.
وإن سلمنا جدلاً برؤية الرئيس الأمريكي في أسباب نقض القانون، الذي سيضر بالفعل بمصالح الولايات المتحدة الأمريكية، فالسؤال الذي يفرض نفسه، ما هو دور الدول والشعوب الإسلامية والعربية المعنية أساساً بهذا القانون؟ وما هو واجبنا تجاه هذه الهجمة الشرسة التي لن تتوقف ضد عالمنا الإسلامي، وفي القلب منه المملكة العربية السعودية؟ إذا وضعنا في الاعتبار العلاقات الدولية، والحرج الدبلوماسي، الذي يمنع ولو مؤقتاً بعض الدول الإسلامية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، من اتخاذ تدابير استباقية لتفويت الفرصة على هذا القانون ورعاته، من الاستيلاء على ثرواتنا التي تحت أيديهم، أجد أنه من الواجب على الأفراد ومنظمات المجتمع المدني -العربية والإسلامية- سواء في الداخل الأمريكي أو في الخارج، ممارسة عدة ضغوط على أصحاب القرار في هذه البلاد للتراجع عن أفعالهم الرعناء، وهذه الإجراءات، منها ما هو في الداخل الأمريكي، ومنها ما هو خارج أمريكا، من خلال الآتي: * الطعن على القانون المزعوم أمام المحاكم المختصة بواسطة رجالات القانون ذوي الخبرة بالقوانين الدولية. * تشكيل لوبي عربي إسلامي لإظهار القوة التصويتية للجالية الإسلامية والعربية، فمن الممكن أن تؤثر على صانعي القرار خاصة أوقات الانتخابات.
* من الناحية الاقتصادية، العمل وبجد على تقليص النشاطات الاقتصادية الاستثمارية داخل الولايات المتحدة الأمريكية، والبدء بسحب أجزاء من تلك الاستثمارات، لإحداث هزة اقتصادية يشعر بها المواطن الأمريكي العادي، خاصة وأن الأرقام التي أعلنت عن حجم الاستثمارات السعودية والإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية تصل إلى نحو 3.3 تريليون دولار أمريكي. * تخفيض الصادرات المؤثرة في الداخل الأمريكي، مثل شركات «جنرال موتورز»، و»شيفروليه»، وشركة «آبل»، وغيرها من الصناعات التي يعد السوق العربي والإسلامي والخليجي بالأخص من أهم أسواق هذه المنتجات.
* على البرلمانيين العرب والإسلاميين محاولة استصدار قوانين مماثلة «المعاملة بالمثل»، وملاحقة الساسة والعسكريين الأمريكيين ممن تورطوا في أعمال إجرامية، لا تخفى على كل مطلع، خاصة وأن لدينا من الجرائم المرتكبة، في عالمنا العربي الكثير والكثير، بدءاً بغزو العراق ومروراً بحوادث الطائرات بدون طيار، في كل من اليمن وأفغانستان والصومال وغيرها من الدول العربية والإسلامية.
* محاولة تشكيل تكتلات دولية من المنظمات الإقليمية، مثل أعضاء جامعة الدول العربية، وأعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي، ودول عدم الانحياز، ودول مجلس التعاون الخليجي، للضغط الدبلوماسي لإلغاء هذا القانون الذي يحمل وراءه الكثير والكثير.