يحكي أن تاجراً بحرينياً كان يريد أن يعلم أحفاده أهم قواعد التجارة وهم مازالوا صبية فقدم لكل فرد فيهم مغرفة كبيرة وملأها بـ «الآيس كريم»، وطلب منهم أن يجوبوا باب البحرين، ذهاباً وإياباً مرتين، وأن يعودوا بها. انطلق الصبية يتسابقون في جو حار ورطب في الشارع المتعامد على باب البحرين بين المارة، وكانوا يتوقفون بين الفينة والأخرى لتناول «الآيس كريم» الذائب، ولم يقاوم أغلبهم الأمر، ففي كل مرة كانوا يتوقفون لتناول «الآيس كريم» الذائب، يقضمون جزءاً بسيطاً منه، كانوا يتسابقون مع بعضهم ويمازحون بعضهم بشيء من الخشونة، في تنافس تقليدي بين أبناء العم.

عاد الصبية الأحفاد إلى جدهم بمغارفهم الفارغة، لم يسألهم جدهم ماذا فعلتم بالمغارف في أول الأمر، بل سألهم، هل لمحتم عروض المحالات الأخرى؟ لم يجب أحد منهم، سألهم، هل انتبهتم إلى المارة ماذا كانوا يلبسون وماذا كانوا يحملون في أياديهم؟ هل كان هناك صبية مثلكم؟ لم يجب أحد بشيء، سألهم، أي الطرق سلكتم ذهاباً وأياباً؟ وكانت إجاباتهم واحدة، سألهم، هل فكرتم كيف تحافظون على «الآيس كريم» فلا يذوب بسرعة؟ لم يجب أحد منهم، سألهم، هل قدمتم أي شيء من «الآيس كريم» للمارة؟ لم يجب أحد، سألهم، هل حاولتم أن تستفيدوا من راكبي الدرجات الهوائية «سياكل» فيقلوكم لجزء من الطريق؟ لم يجب أحد.

كان الآباء جالسين عندما عاد الأحفاد وفاجأهم الجد بتصرفه مع الأحفاد، أخذوا ينظرون إلى بعضهم البعض ولم يمتلكوا سوى أن يثنوا على ما يقوله الجد الذي تابع، «إذا كنتم دائماً تنظرون للذة والمتعه الآنية، لن تصبحوا رجال أعمال أبداً، إذا كنتم غير قادرين على إيجاد طريق للاحتفاظ بما لديكم مهما كان صغيراً، فلن تنمو تجارتكم وأعمالكم، إذا انشغلتم بما لديكم ولم تنظروا للفرص التي من حولكم فستكونون قد خسرتم أهم شيء يجعلكم رجال أعمال يتبوؤون العالم».

واختتمها وهو ينظر إلى الأبناء قائلا «لو جمعتم ما في مغارفكم كلما ذابت في مغرفة واحدة لعدتم بشيء.. لا تنغمسوا في المنافسة ضد بعض بل فكروا في أن تتكاملوا معاً خاصة في الأزمات فتكبر تجارتكم وتزداد هيبتكم ومكانتكم بين الناس».

في كثير من المؤسسات العائلية عندما يغيب المؤسس، يورث فقط رأس المال، إلا إذا كان المؤسس يمتلك رؤية ثاقبة تتجاوز زمن وجوده وتتعداه إلى زمن قادم نحو عمق المستقبل.

* استشاري تطوير أعمال وقدرات بشرية