تعليقاً على الخبر الصادر بالأمس بشأن الاتفاق بين وزارة الصناعة وغرفة التجارة على تأجيل تطبيق قرار الرسوم على ممارسي المهن التجارية بواقع ستة شهور، نقول أولاً بأن تدخل سمو رئيس الوزراء كان حاسماً كالعادة، وعليه فإن المجال الآن متاح لدراسة الموضوع بشكل يتناسب مع الجميع حين تطبيقه.

الرؤية الاقتصادية لمملكة البحرين تتحدث في أحد جوانبها عن زيادة مدخول الفرد، وهذا إطار يجب العمل على تحقيقه، وإن كانت من زيادات طالت المواطن بالفعل، وتم تعديل جداول الرواتب في مرات سابقة، إلا أن عملية التوازن بين المدخول وبين المصروفات مسألة لابد من مراعاتها.

سأتحدث عن المواطن العادي أولاً، ومن ثم سنعود للمواطن التجار، إذ اليوم هناك موجة غلاء لا تنكر، وهناك تداعيات اقتصادية عديدة، لكن يقابلها أيضا عمليات زيادة في الأسعار ورفع للرسوم، وابتكار للرسوم.

لسان حال المواطن يقول اليوم إن هناك عقليات تفكر وتبدع وتبتكر ليس في مجال تحسين وضع المواطن، أو زيادة مدخوله، أو تذليل الخدمات، أو أقلها تسريع تحققها، لا بل الإبداع في كيفية إقرار رسوم هنا وهناك، حتى أن العملية طالت مسألة مواقف السيارات في بعض المناطق، بحيث أصبح تقريباً كل شيء يقدم كخدمة عامة مجانية سابقاً لابد وأن تكون له رسوم.

للأمانة سأقول بأن هذا النهج مطبق في دول عديدة غربية، ومن ضمنها دول قريبة منا، ومن يسافر لها يدرك ذلك، بالمقارنة مع غلاء الأسعار، ووجود رسوم عديدة من ضمنها رسوم تنقل بين المناطق بسيارتك الخاصة. لكن هنا لابد لنا من الحديث بواقعية عن المجتمع البحريني، إذ يصعب أن نزيد في الرسوم هنا وهناك، وأن نترك كثيراً من التجار يرفعون الأسعار بين الفترة والأخرى، ووضع المواطن ثابت على حاله. التوازن مطلوب.

وعليه إن كان من تمنيات هنا، فإننا نتمنى أن يتغير اتجاه العقول التي تفكر وتبدع وتبتكر أوجها لفرض مزيد من الرسوم حتى إن كانت رمزية وفق نظرية «دينار فوق دينار أصبح مليون»، نتمنى أن تتجه ناحية التفكير والإبداع للإتيان بحلول نواجه بها موجات التضخم، ورفع الأسعار، وزيادة الدين العام، وتحسين الخدمات، إذ الابتكار في هذه الجوانب هو ما يولد الانعكاس الإيجابي لدى المواطن، ويجعله يقدر حجم وقيمة الجهود المبذولة.

عودة لموضوع الساحة بالنسبة للتجار، إذ جيد الحديث عن ضرورة مراعاة أصحاب المهن الصغيرة والمتوسطة في عملية زيادة الرسوم، إذ اللغط ساد في الشارع بشأن المقارنات التي عقدت بين شركات وشركات، وبين تجار وتجار، بحسب حجم ومدى انتشار النشاط التجاري، وهو أمر نثق بأن غرفة التجارة أوصلته بشفافية للمعنيين في الوزارة، وقد أخذوه في الاعتبار كما يبدو.

طيب القادم في هذه الشهور الستة، ماذا يفترض أن تكون مخرجاته؟!

كمواطن أسمع تذمر وتخوف كثير من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، يقفز لذهني جدول معقد بتقسيماته، لكنه واضح بأرقامه ونسبه، لا يعتمد «نوع النشاط» كمعيار، بل يضع في الحسبان حجم النشاط التجاري، ورأس المال، ومدى الانتشار، والنسبة والتناسب بين المداخيل والرسم المفروض، وفوق ذلك استمرارية النشاط التجاري، إذ في النهاية كلنا نريد تطبيق رؤية صاحب السمو الملكي ولي العهد حفظه الله بشأن البيئة الاستثمارية والاقتصادية في البحرين، بحيث تكون البحرين سوقاً مفتوحاً لكل من يرغب في مزاولة النشاط التجاري.

التحدي بأن نبني هذه البيئة ونحيطها بالأمان، منعاً لانكسار أي تاجر، أو هروب أي استثمار.

والله الموفق لجميع الجهود.