من مازال يعتقد بأن الحياة موجودة فقط على كوكب الأرض، عليه أن يغير هذه المعلومة الخاطئة، بل هناك مجرات عديدة فيها كواكب متناثرة، وفي بعضها حياة تماثل حياة البشر على الأرض، بل قد تتفوق عليها علمياً وتكنولوجياً.

أجزم بذلك، لأنني أعرف معلومة تقول بأن هناك حياة مماثلة لحياتنا على كوكب «المريخ»!

لا تصدقوني، وهذا أمر راجع لكم، لكن المعلومة تقول بأن «المريخيين» لديهم ذكاء و«شطارة» في إخفاء مكنونات كوكبهم، فنحن لا نرى إلا لونه الأحمر وتضاريسه الصخرية، والعلم يقول لنا بأنه قبل مليارات السنين كان الكوكب فيه مسطحات مائية ما يعني إمكانية وجود حياة، خاصة وأن حرارته على السطح تبلغ 27 درجة مئوية.

لكن ما أعرفه «أنا فقط» أن الكوكب فيه حياة مشابهة للأرض، وفيه أشخاص بالملايين يعيشون فيه، وتحديداً بداخله تحت قشرته وتربته.

أعرف ذلك، لأن لدي صديق «مريخي» يزورني دائماً متخفياً من خلال مركبة فضائية يخفيها بشكل ذكي جداً في البر.

زارني قبل أيام، بعد أن قرأ سلسلة المقالات الإدارية المعنية بمحاربة الفساد الإداري والمالي، إذ أرسلتها له عبر «الواتساب» الذي يمكنه بطريقة ذكية استقباله عبر «آيفونه» المريخي. بالمناسبة لديهم «آيفون 999»، فنسخة «ستيف جوبز» التي يمتلكونها متفوقة في ذكائها الخارق.

عموماً، قال لي وهو يشرب «الكرك» عندما كنا متوقفين في سيارتي في أحد شوارع الرفاع الغربي: واضح أنكم تعانون من مسؤولين أصبحوا خبراء بل علماء في «الفساد الإداري والمالي»، وبلهجتكم البحرينية «لاعبين لعبتهم»، وأنك تطالب بوضع حد لهم ويتوجب أن يكون لهم رادع.

هززت رأسي موافقاً، فواصل حديثه: في المريخ طوال تريليونات السنوات لم نعرف شيئاً اسمه الفساد الإداري والمالي، بل كانت لدينا منظومات إدارية متطورة، ولدينا تعيينات موفقة لأشخاص في مناصب، لا يتم وضعهم إلا بعد التأكد من مؤهلاتهم وتخصصاتهم، وأخذ تعهدات عليهم بألا تسجل عليهم تجاوزات أو أخطاء إدارية أو هدر للمال المريخي العام، فثروات الكوكب هي ملك لأهله وليست للمسؤولين، والمحاسبة أمر مقدس لنا، ولا يمكن التهاون فيه. والإيجابي أن هؤلاء «يستميتون» في عملهم ليثبتوا أنهم «أهل للثقة» وأن «اختيارهم صحيح».

سألته هل حصلت حالات تمت فيها إقالات مسؤولين مريخيين، أو اتخاذ إجراءات تأديبية بحقهم، لو ثبت فسادهم مالياً وإدارياً، ولو تناولت الصحافة المريخية فضائحهم، ولو وثقتها تقارير الرقابة المريخية؟!

أجابني: نعم تمت محاسبة كثيرين، بل وسجنهم، وتم فضحهم رسمياً أمام الناس، حتى يعرف الجميع ما ارتكبوه من جرم بحق الوطن وماله العام والموظفين تحتهم وليكونوا عبرة لبقية المسؤولين. وأشار إلى هاتفه، وأطلعني على فيديو لضابط إندونيسي يتم تجريده من رتبته العسكرية وملابسه أمام طابور عسكري بعد إثبات تحصله على رشوة، ليعرف بقية العساكر أن هذا مصيرهم لو ساروا في درب الفساد.

قال لي هذا يحصل لديكم على الأرض، ما يعني أن هناك أماكن تتم محاربة الفساد فيها، وهذا هو الصحيح، وما كشفته أنت فيما تكتبه وغيرك أمور لا بد من معرفة المعنيين بها، ورصد أخطائهم، والاستماع لرأي الناس والموظفين، وفوق ذلك اتخاذ إجراءات صارمة بحق من تثبت عليه هذه التجاوزات في تقارير الرقابة المالية والإدارية.

قلت له إننا نمارس دورنا في كشف تجاوزات المفسدين، في وقت نشد فيه على يد المصلحين، وأن هذا نابع من إيماننا بالمشروع الإصلاحي لجلالة الملك حفظه الله. ونحن في هذا الطريق ولن نحيد عنه، فالمال العام والإصلاح الإداري حقوق للدولة والناس، ومن «يخون الثقة» عبر استهتاره فيها فإنما هو يخون دولته وقيادته.

سألته عن المريخ، وهل هناك مؤشرات على عودة الممارسات السيئة التي تدخل في الفساد الإداري والمالي.

أجابني بأننا قضينا عليها تماماً، لكننا حالياً خائفون منكم أنتم البشريون!

سألته لماذا تخافون منا؟!

أجاب: أنت الوحيد الذي تعرف أن هناك حياة داخل كوكب المريخ وتحت قشرته، لكن خبراء الفضاء يحاولون «غزو» المريخ للبحث عن حياة فيه. فقط تخيل لو نجحتم في الوصول لكوكبنا، وجاء البشريون لنا، خاصة بعض المفسدين من عندكم، تخيل كيف سينتشر الفساد لدينا، ولو تولى واحد من هؤلاء مسؤولية قطاع لدينا، هنا سأقول لك بأن «سلم لي على المريخ».

ملاحظة: الأحداث هذه حقيقية، والحوار حصل في الواقع مع صديقي المريخ، ونهايته كانت على وقع صوت المنبه يشير للساعة الثامنة صباحاً!