رغم الرغبة اليمنية الملحة، ثمة رفض واضح حال دون انضمام اليمن لدول مجلس التعاون الخليجي، إذ كان خبراؤنا الاقتصاديون أكبر من شكل جداراً عازلاً لانضمام صنعاء بمجلس التعاون، لعدم اقتناعهم بالتعاون معها، ولهذا لم يكن تكرار زيارات رجال الأعمال والرغبة في عقد اتفاقيات تجارية إلا شكلية سرعان ما تشهر بطاقاتها الاعتذارية للعودة من اليمن دون نتائج أو اتفاقيات تذكر، حتى أن أغلب هؤلاء لم يجدوا ذريعة لذلك التمنع أفضل من تعاطي الشعب اليمني للقات ما يصعب الركون إليه في العمليات الاقتصادية والتنموية بما يفضي في نهاية المطاف إلى رفض انضمامه إلى العجلة الاقتصادية الخليجية. لكن النظرة الاقتصادية المتشددة في ذلك الوقت والتي أدت إلى عزل صنعاء، قد كلفت دول مجلس التعاون ثمناً باهظاً في وقت لاحق، ما زلنا نعيش تبعاته، عندما أصبح الأمن الخليجي مهدداً لا سيما في حدوده الجنوبية المشرفة على اليمن، وحاق به الخطر الإيراني المتمثل بدعم الحوثة بالقفز إلى الفراغ..!!

أبحث في مقدمتي عن توصيف حالة شكلت واقعاً مريراً فرض علينا أن نتعاطى معه شئنا أم أبينا، وإننا إذ باركنا للكويت في وقت سابق أن ذر الملح على جراحه من أجل رأب الصدع في المحيط الحيوي لمجلس التعاون الخليجي وتحقيق ضمانات أمنه واستقراره من خلال مؤتمرها الدولي لإعادة إعمار العراق، فإن الأمر أشد مرارة في اليمن عندما لا يمكننا الترفع على أخطائنا بقدر ضرورة مواجهتها بشجاعة وحلها باقتدار، الأمر الذي أفضى بحزم إلى عاصفة الحزم وإعادة الأمل من أجل دعم السلام اليمني والإقليمي، فضلاً عن استعدادها لعقد مؤتمر دولي آخر لإعادة إعمار اليمن، وهي أمور كان يمكن تجنبها منذ عقود لو كنا فقط التفتنا لدعم التنمية في اليمن واحتوائها كما بات يلوح به الآن من جديد وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي برغبة اليمن في الحصول على العضوية بالمجالس والمنظمات الخليجية، بما يجعلها طرفاً له من الواجبات مثل ما له من حقوق شأنه شأن الدول الأعضاء الحاليين بالمجلس.

* اختلاج النبض:

ببراغماتية محضة أرى أن انضمام اليمن ضرورة ملحة، وفقاً للمشتركات والارتباط الجغرافي الوثيق، ثم إن انضمام اليمن لمجلس التعاون يعني وصول دول المجلس لبحر العرب من خلال العضو الجديد وتجاوز هرمز، إلى جانب ذلك فإن دعم اليمن اقتصادياً سيسهم في انتشالها من فوضى أصلها الفقر استغلتها إيران لصالحها، وبالنتيجة سنكون وضعنا سداً منيعاً يحول دون وصول إيران إلينا، ولتحقيق ضمانات الأمن الخليجي فإن ذلك التلهف اليمني للانضمام للمجلس يمكن ربطه بالاستجابة لمسألة التعاون في تطهير اليمن من الإرهاب بما يجنبنا من ضخ المزيد من الدماء الخليجية في اليمن والحفاظ على أرواح وسلامة جنودنا، ومع ذلك فمن الممكن ألاَّ تكون عضوية اليمن كاملة ويكتفى بها في المجالات التنموية والأمنية.