إن المتتبع لما يجري من أحداث يجد أن كرسي الحكم في سوريا قد ارتفع سعره ليصبح تلالاً من الجماجم التي حرمتها جميع الأديان السماوية وعلى رأسها ديننا الحنيف، وهي مخالفة تماماً لما جاء بالقانون وحقوق الإنسان، وكأن النظام السوري وحلفاءه يثبِتون أن السياسة لا دين لها ولا مبدأ، وفي سبيلها يهون كل شيء. الغوطة الشرقية تقع في ريف دمشق بسوريا، كان عدد سكانها قبل بداية الحرب أكثر من مليوني نسمة. لكن يقطنها الآن ما يقارب 400 ألف شخص. في عام 2011 دخلتها بعض الجماعات المتشددة وبسطت هيمنتها على تلك المدينة. وفي عام 2013 تم تشديد الحصار عليها مع الهجوم الكيماوي الذي تعرضت له المدينة في نفس العام، مما أدى إلى خنق العديد من ساكني الغوطة الشرقية.

وفي عام 2017 خلال المفاوضات التي أجريت في أستانة تم التوصل من قبل الدول الضامنة للهدنة بين النظام السوري والفصائل المعارضة الذي بموجبه أدرجت عدة مدن سورية إلى خفض التوتر وكانت الغوطة الشرقية على قائمة تلك المناطق. الغوطة الشرقية في الوضع الراهن تشهد كارثة إنسانية نتيجة عجز جدي في المواد الغذائية والأدوية في المدينة إضافة إلى ذلك تفشي الأمراض المعدية وكذلك الحصار المشدد مع الهجمات الشرسة التي تتلقاها المدينة في ظل الظروف القاسية التي يعيشها سكان المدينة.

من هنا يشهد العالم أجمع ما يحدث في مدينة الغوطة الشرقية وهو ما يشكل وصمة عار على جبين المجتمع الدولي أجمع، فمهما كانت الأسباب أو المبررات التي يدعيها النظام السوري ومن خلفه الروس والإيرانيون فإنه لا شيء يبرر أو يعطي الحق لقتل المدنيين الأبرياء بالجملة وتدمير المستشفيات عن سابق إصرار وبكافة الأسلحة الثقيلة والصواريخ والطيران والبراميل المتفجرة.

مهما كانت مبررات الحرب ومسوغاتها التي تقودها روسيا والنظام السوري ومن معهم التي يدور رحاها في سوريا بشكل عام والغوطة الشرقية بشكل خاص بحجة مكافحة الإرهاب، فإنه ليس هناك من إرهاب نتائجه أسوأ وأفظع مما يقوم به الروس والنظام السوري الذي تجري أحداثه في الغوطة الشرقية. إن ردود الأفعال الدولية ومواقف المنظمات الدولية الخجولة لا تفيد في حل ما يجري من قتل وتدمير وإبادة جماعية، والحل الوحيد في هكذا حالات هو أن يتدخل المجتمع الدولي عسكرياً لوقف المجازر التي ترتكب بحق النساء والأطفال والشيوخ في الغوطة الشرقية.

هل بقي للمجتمع الدولي والمنظمات الدولية أي كلمات يتكلمون فيها عن حقوق الإنسان وأي مفاهيم أخرى يريدونها في المنطقة، بعد فشل المجتمع الدولي في وضع حد لوقف ما يجري في سوريا، أما آن الأوان للجامعة العربية أن تجتمع وتضع حداً لما يجري من إبادة جماعية وقتل ممنهج للأطفال والنساء، ولا نريد من المجتمع الدولي أن يلعب على وتر الوقت والزمن من أجل إعطاء النظام السوري مزيداً من الوقت وإغرائه في استباحة الدم السوري.

* قسم العلوم السياسية - جامعة العلوم التطبيقية