يا أخي والله فعلاً.. صار من الصعب أنك تلتزم بـ«أخلاق» السياقة في الشارع، فضلاً عن أنك تلتزم بقوانين المرور الرسمية نفسها. والسبب في ذلك أن أخلاق المجتمع الآخذة في التكشف حتى وصلت إلى سلوك الشارع ومسألة قيادة السيارة التي تستطيع من خلالها فهم أخلاق البشر دون أن تعرفهم أو حتى تنظر إلى وجوههم.

أسوأ من يمكن أن تقابلهم صباحاً، وأنت خارج من منزلك إلى عملك في وقت يتيح لك أن تصل دون تأخر، هم أولئك السائقون الذين يخرجون من منازلهم، على عكسك متأخرين، ولكنهم يجيدون القفز من ضفة إلى ضفة، ويبدعون في تخطي مسارات الشارع، وبالتالي تأخير المبكرين والملتزمين أمثالك. ليصلوا إلى مواقع عملهم مبكرين، ويتسببون في تأخير العشرات بسبب الحركات البهلوانية في الشارع.

لأكثر من مرة يمكن أن تتأخر عن عملك، أثناء وقوفك أمام إشارة ضوئية مزدحمة أو دوار خانق، بسبب العشرات من السيارات التي تتدفق من جوانب مسارك واتجاه طريقك، مثل الرصيف الرملي المحاذي للشارع أو المتسربين من المسار الثاني المؤدي إلى طريق آخر. حينها تكون أنت واقف بانضباط وسط قاطرات من السيارات تنتظر دورك لتتحرك فيعمد هؤلاء المتسربون والمنتهكون للنظام على إبقائك في مكانك دون حراك بسبب سرقتهم لدورك ودور غيرك. وسوف لن تؤثر فيهم أبواق العشرات من سيارات الغاضبين لتعطلهم. ولن يندى جبينهم من صفاقة سلوكهم، بل سيضحكون لدهائهم وسذاجة المنضبطين المنتظرين. «وإن شالله محد وصل الشغل غيرهم.. ولا يهمهم».

مخترقو الانتظام وسارقو الوقت أشبه بالذين لا يحترمون طابور الانتظار لحجز موعد أو لتخليص معاملة. تخيل أنك تقف في طابور ما ويدخل أحدهم من الباب ويتوجه مباشرة عند الموظف لينهي عمله وتبقى أنت واقفاً في المكان ذاته تنظر إليه وهو سعيد ومرتاح!

لا بد أن هؤلاء البشر عديمي الإحساس يمتلكون قدراً غير طبيعي من الأنانية، ومن القدرة على التعدي على حقوق الآخرين دون أدنى شعور بالذنب وبجفاف شديد لماء الوجه. ولا أعرف كيف يصل هؤلاء إلى مواقع عملهم مبكرين وفخورين بإنجازهم ومتباهين على المنضبطين «السذج» المتأخرين في النهائية. هذا النموذج من أعداء الصباح الذين يعكرون مزاجك يومياً بتجاوزاتهم وبتعطيلك وتأخيرك لما لا يقل عن نصف ساعة أحياناً، والذين لا تنتبه لهم دوريات المرور ولا تضع لمخالفاتهم حداً، يعكسون سلوك شريحة لا تفهم معنى النظام ومعنى الاحترام.