كان كلامها مزيجاً من عشق المحرق.. والروح الإيجابية التي تتمتع بها ويشعر بها كل من يجلس معها.. مختلطة بعبارات الشاعر الكبير جلال الدين الرومي الذي كانت تستشهد بأشعاره بحب للتدليل على عمق عملها.. بين الإصرار والإبداع وحب الثقافة والتراث.. كانت طاولة الاجتماعات أمامها مليئة بالأوراق المهمة والمشاريع المبتكرة التي غيرّت من خلالها خارطة البحرين الثقافية لتجعلها على خارطة العالم الثقافية.. هل تعلمون أن هذه السيدة هي التي جعلت للاستثمار الثقافي وجوداً؟!

هي ذلك المسؤول الذي يعي كل تفاصيل الخطة المدروسة لهيئة الثقافة والتراث لأعوام قادمة.. هي القائد الذي يقوم بتوكيل العمل لجميع أعضاء خلية النحل بشرط أن يكونوا قادة ومسؤولين.. هي من اخترتها اليوم لتكون بطلة مقالي.. معالي الشيخة مي بنت محمد بن إبراهيم آل خليفة، رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار.. سيدة الثقافة الأولى والتي تربّعت بكل كفاءة بإنجازاتها -وليس بأقوالها وتصريحاتها- على عرش الثقافة في مملكة البحرين.. سيدة تصدّت للآثار والمواقع الأثرية والتراثية التي تحمل عبقاً تاريخياً وقيمة مهمة فرممتها وجملتها.. وأعادت معنى التراث ليصبح صداه موسيقياً وعالمياً.

هكذا كان الأثر الذي تركته هذه السيدة الرائعة خلال لقائي الأول بها.. نعم هي من مسكت مفاصل الثقافة في البحرين.. بأدبها وفنها ومدنها لتجعل منها مشاريع تطوير وتقريب.. تثقيف وتعزيز.. تعمير وتعليم.. تجميل وتجديد.. تمكين وتشجير.. معالي الشيخة مي.. عندما التقيت بكِ أنا وزملائي الأعزاء أعضاء مجلس إدارة أسرة الأدباء والكتاب لتعزيز سبل التعاون بين الأسرة والهيئة.. أبهرني يا سيدتي حبك الغزير لكل أنواع الثقافة الذي يهدف أولاً وأخيراً إلى تعزيز دور البحرين الثقافي.. عندما نجد أن اسم أسرة الأدباء والكتاب قد تم إدراجه نشاطاً لامعاً ومميزاً ضمن فعاليات خطة الهيئة الثقافية لعام 2019 عن طريق مشاركة الأسرة ودعمها في الاحتفال بمناسبة مرور خمسين عاماً على تأسيس هذا الصرح الأدبي.. الذي يحتاج إلى دعم ومساندة وتقدير من جميع المهتمين بالحركة الأدبية والثقافية.. فنجدك تطلقين أمامنا وباعتزاز لتاريخ الأسرة ومسيرتها بتحمل تكاليف إحياء إصدار مجلة "كلمات" وهي مجلة فصلية كانت تصدرها الأسرة وتوقفت لأسباب مادية.. هذا الموقف النبيل والشجاع يجعلنا نقف عاجزين عن التعبير عن مدى تقديرك لنا ولكل عمل ثقافي رائد ومميز.

لا يقتصر التقدير لجهود هذه السيدة المثقفة على إنجازاتها وإنجازات الهيئة.. وإنما فاجأتنا بأنها تود أن نختم لقاءنا بها بطلبها منا زيارة مخطط مشروع طريق اللؤلؤ.. يا لكمية الانبهار أن نرى جميعنا بيوت المحرق القديمة كيف تم استثمارها بشكل ذكي وطموح فاق توقعاتنا.. ليعاد تقديمها إلى أهل المنطقة والسياح بطريقة تعيد للمكان جماله ورونقه.. فالجولة عرّفتنا على تفاصيل هذا المشروع وكمية المجهود المبذول لإحياء تلك المدينة في مشروع طريق اللؤلؤ.

ولم تقف مشاريع هيئة الثقافة والتراث عند مدينة المحرق.. فالمشروع القادم هو مدينة المنامة بكل ما تحمل هذه المدينة من قيمة تاريخية وحضارية وبوابة حاضنة للسلام والتعايش الاجتماعي.. والاشتغال على وضع هذه المدينة على خريطة مواقع التراث العالمي لمنظمة اليونسكو.

طموحات وأفكار ومشاريع كثيرة تشتغل عليها بصمت معالي الشيخة مي وسعادة الشيخة هلا وجميع منسوبي الهيئة دون ضجيج إعلامي إلا عندما يكون الإعلان ضرورياً.. وكم نحن بحاجة إلى قادة ومسؤولين يتمتعون بمثل هذا النهج ويحملون إلى جانب حبهم للوطن الإصرار على العمل والسعي إلى تحقيق طموحاتهم لأجل هذا الوطن من خلال البحث عن الوسائل التي توصلهم إلى تنفيذ مشاريعهم.

إن هذا الجهد المتواصل الذي تبذله هيئة البحرين للثقافة والتراث بقيادة معالي الشيخة مي بنت محمد ويلقى هذا الصدى الإيجابي من كل العالم هو بلا شك بمباركة ودعم من جلالة الملك المفدى وبمساندة من صاحب السمو الأمير رئيس الوزراء الموقر وبمؤازرة وحضور داعم من صاحب السمو الأمير ولي العهد الأمين.. ومن الحكومة الموقرة.. من أجل أن تحتل البحرين بكل مكوناتها صدارة دول العالم التي تحمل عمق التاريخ.. ومدنية الواقع.. وطموحات التطور والتغيير.

كم أنتم رائعون يا من تعملون في هيئة البحرين للثقافة والتراث بصمت من أجل وضع البحرين على خريطة اهتمام العالم الثقافية والإنسانية.. وكم نود أن نعبّر لكم عن شكرنا وتقديرنا وامتناننا على جهودكم المخلصة.. ونغبطكم لأنكم تعملون في موقع تقوده سيدة الثقافة التي يعادل جهدها جوهر اللؤلؤ.