يبدو التقرير الذي أصدره فريق مراقبة العقوبات، التابع للجمعية العامة للأمم المتحدة، قبل أيام والذي يكشف وجود ما بين 20 ألفاً إلى 30 ألفاً من مقاتلي تنظيم الدولة «داعش» لايزالون في العراق وسوريا، مثل جرس إنذار، ويعيد النظر في مسألة حسم هزيمة التنظيم المتطرف، والحديث عن تحييده نهائياً، حتى بعد الإعلان عن توقف تدفق الأجانب للانضمام إلى صفوفه.

وتقرير الأمم المتحدة لم يكن جرس الإنذار الوحيد للتحذير من خطر «داعش»، حيث جاء تحذير آخر، أيضاً من خلال حوار المتحدث باسم التحالف الدولي شون رايان لقناة «سكاي نيوز عربية»، الذي أكد فيه أن «المعركة مع «داعش» لم تنتهِ، لأن التنظيم لايزال خطيراً، ولاتزال الجيوب الداعشية موجودة، ولدى عناصر التنظيم بعض الإمدادات المالية والذخائر، الأمر الذي أجبر التحالف على استمرار البقاء في العراق لاستئصال التنظيم، فيما يعمل التحالف على تطهير جيب آخر للتنظيم شرق الفرات في سوريا».

وقدرت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» من جهتها «عدد مقاتلي التنظيم في العراق بنحو 16 ألف مقاتل، مقابل نحو 14 ألفاً في سوريا»، وهي أعداد مجموعها يقترب من الإحصاء الذي رصده تقرير الأمم المتحدة.

وقبل أيام، بث التنظيم المتطرف تسجيلاً مصوراً لزعيمه أبوبكر البغدادي، هو الأول له منذ عام تقريباً، وتوعد فيه «أمريكا بأهوال تفوق ما حدث في العراق وأفغانستان»، باعتبار أن «معركة الخلافة باقية وليست محصورة في هجين»، على حد قوله، ويقصد البغدادي من هجين، الجيب الموجود في دير الزور شرق سوريا، والذي يسيطر عليه التنظيم المتطرف، ويضم بلدات رئيسة بينها هجين والسوسة، ويصنف على أنه آخر المناطق التي تجري فيها معارك شرسة بين قوات «سوريا الديمقراطية» والتنظيم المتطرف، بعدما طردته الأولى من أجزاء ومساحات كبيرة من شمال وشرق سوريا، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وما يؤكد أن خطر التنظيم قائم في مناطق مختلفة من العالم، ما رصده التقرير الدولي الذي يقدم تقارير مستقلة كل 6 أشهر إلى مجلس الأمن الدولي حول تنظيم الدولة «داعش»، وتنظيم القاعدة المدرجين على قائمة الأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية، من وجود نحو 4 آلاف مقاتل من التنظيم المتطرف في ليبيا فيما يتم نقل عناصره المؤثرين للقتال في أفغانستان. وإذا كان التنظيم قد تم تحييده في العراق إلا أن خلاياه النائمة لها تأثير مباشر في زعزعة الأمن والاستقرار من خلال تبني عمليات انتحارية، عن طريق عملاء يتخفون في الصحراء وبعض المناطق الأخرى، ورغم أنه يبدو محصوراً في جيوب صغيرة في سوريا لكنه في الوقت ذاته يقاوم بشراسة في تلك المناطق، بل إنه أيضاً قادر على شن هجمات داخل الأراضي السورية، وسط مخاوف من وجود خلايا نائمة للتنظيم في مخيم الركبان للنازحين والذي يقع جنوب سوريا على الحدود مع الأردن، وهو المخيم الذي يضم عائلات مقاتلي التنظيم.

وحتى وإن حاول المتحدث باسم التحالف الدولي التقليل من أهمية التسجيل الصوتي الذي بث لزعيم التنظيم المتطرف قبل أيام، حينما أكد أن «البغدادي بات الآن عديم جدوى وغير فعال، لذلك نحن غير معنيين بأي تعليقات تصدر عن قيادة تنظيم الدولة «داعش»»، إلا أن خطر التنظيم قائم، ليس في العراق وسوريا فحسب، بل إن العمليات الإرهابية الأخيرة التي قام بها التنظيم مؤخراً تؤكد أن خلاياه النائمة لاتزال تنفذ هجماتها الخطيرة، مثلما حدث أمس في سيناء، شمال مصر، حينما أحبطت قوات الأمن هجوماً إرهابياً استهدف حاجزاً أمنياً بمدخل مدينة العريش بشمال سيناء، ما أدى إلى مقتل وإصابة نحو 13 عنصراً من قوات الشرطة، إضافة إلى مقتل المهاجمين الأربعة الذين نفذوا الاعتداء. وقبل يومين، تبنى التنظيم هجوماً بالسكين في مدينة تراب قرب باريس والذي أسفر عن مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة. وقبل نحو أسبوعين، تمكنت السلطات الأردنية من تفكيك خلية إرهابية، وقتل عناصرها، الذي أعلنت أنهم يحملون فكر «داعش»، في مدينة السلط، وسط البلاد، غداة تفجير استهدف سيارة لدورية أمنية في الفحيص، ناتج عن عبوة ناسفة بدائية الصنع، أكدت السلطات أن الخلية الإرهابية في السلط هي المسؤولة عن اعتداء الفحيص. والشهر الماضي، نفذ التنظيم عملية إرهابية في السويداء جنوب سوريا، أسفرت عن مقتل وإصابة المئات.

* وقفة:

لا يمكن الإقرار بحسم هزيمة «داعش» نهائياً، لاسيما وأن خلاياه النائمة تنفذ هجمات انتحارية بين فترة وأخرى في مناطق مختلفة من العالم في حين أن التنظيم المتطرف قادر على تجنيد عناصر في صفوفه عبر وسائل التواصل الاجتماعي!