استكمالاً للمقال السابق حول الندوة الوطنية «سبل تعزيز ثقافة التسامح في الخطاب الإعلامي» التي نظمتها كل من المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، وهيئة البحرين للثقافة والآثار، ولجنة البحرين الوطنية للتربية والعلوم والثقافة، تناول سعادة الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدولية، محوراً هاماً في الندوة بعنوان «التسامح في البحرين.. الواقع والتحديات»، حيث قال «لماذا هذا الاهتمام الكبير لقيم التسامح والتعايش خلال العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه»، وأضاف «أرى أن هذا الأمر يتعلق أساساً بارتباطه بصلب هويتنا الوطنية مقابل مثلث الشر الذي يحدق بمنطقتنا «التطرف والإرهاب والطائفية»، وهذه الظواهر ترتبط معاً وبشكل متعمد وممنهج لمحاولة تقويض جوهر وحدتنا، وإذا كانت العوامل المؤدية للتطرف ليست واحدة أو ثابتة في المجتمعات فإن البحرين تواجه مثلث الشر المستورد من الخارج والغريب عن بيئتنا سواء تمثل أفكاراً أصولية متشددة أو نعرات طائفية ترعاها دول إقليمية» .

جلالة الملك حفظه الله ورعاه وأيده بنصره منذ توليه مقاليد الحكم يسعى إلى تعزيز التسامح بروح وطنية من خلال حزمة من الإصلاحات في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بما يتناسب مع المجتمع البحريني المتعلم والمثقف والمستنير في ظل الاهتمام في التعبير عن الحقوق والحريات، هذه الإصلاحات أحدثت نقلة نوعية هامة في تاريخ البحرين وسبل التعاطي مع هذه التغييرات الجذرية، وبالطبع فإن مساعي جلالته حفظه الله أحدثت هزة قوية بين دول العالم بالأخص الدول التي تنتظر إخفاقات المملكة في ظل التدخلات الأجنبية التي باتت واضحة ومعلنة من بعض الدول، لذلك نتج حالة تصادم بين مساعي جلالته حفظه الله وإصراره على الإصلاحات وبين مساعي بعض الدول والمنظمات في نشر الفوضى في البلاد وخلق مثلث الشر «التطرف والإرهاب والطائفية»، فكلما حاول جلالته غلق باب الشر بحكمته وبصيرته وتسامحه فتح باباً آخر، ومع ذلك فإن ترسخ روح التسامح واحترام الآخرين والتعايش مع جميع مكونات وشرائح المجتمع باتت واضحة، لذلك تنتصر روح الخير المتأصلة في هوية كل من يسكن هذه الأرض الطيبة.

توارث الصفات الحسنة مثل الطيبة والتسامح جعلت كل من يتوافد على المملكة ينهل من هذه الصفات، فنحن نتعامل مع الآخرين بأخلاقنا وبطبعنا وهويتنا فحسن المعاشرة جعلت الآخرين يعاملوننا بالمثل بأخلاقنا وليس بأخلاقهم، وهذا ما يجعل مثلث الشر يعجز أن يبث سمومه علينا وكأن تعاملنا الطيب وتسامحنا واحترام ثقافات الآخرين ادخار وحصيلة وغنيمة تنجينا من قوى الشر التي تحاول أن تطوقنا والدليل أننا في كل مرة يحاول البعض أن يهز من وحدتنا نزداد قوة وتمسكاً بولي أمرنا عاهل البلاد حفظه الله، وبأرضنا التي لن نفرط فيها مهما حاول البعض أن يساومنا على أمننا واستقرارنا.

الندوة الوطنية هذه هي نموذج وطني لقوى الخير التي تحيط بلادنا ونهج مستمر ومتعاقب بإذن الله، وللحديث بقية.