ها نحن نعود أدراجنا شيئاً فشيئاً لممارسة الحياة الطبيعية التي حوّلت جائحة فيروس كورونا مسارها، نعود بحذر وببعض الضوابط والتدابير، ولكنها عودة. وقد عكف العالم أجمع في بدايات الجائحة وحتى ما بعد منتصفها زمنياً على البحث عن الرسائل التي جاء فيروس كورونا ليقدمها له، بمعزل عن جدلية منشأه وعبوره لحدود الدول. ولعلنا نذكر أن كثيراً من تلك الرسائل –حسب قراءاتنا جميعاً– أن فيروس كورونا جاء ليتيح لنا الفرصة لمراجعة كثير من الأمور في حياتنا، وإعادة ترتيبها من جديد، وجاء يحمل رسالة عودوا إلى الداخل، ليس إلى داخل البيوت وإنما إلى داخل أنفسكم للغوص عميقاً في ذواتكم وما أنتم عليه حقيقةً.

من خلال حالة الركود التي عشناها لأشهر سواء على مستوى الحركة المكانية أو على مستوى الحماسة لممارسة أنشطة جديدة في ظل الظروف الصحية المضطربة، أعدنا ترتيب أولوياتنا على نحو مختلف، أفضى ذلك إلى إدارة مالية مختلفة، وإدارة مختلفة للعلاقات في حياتنا، وإعادة ترتيب أولويات منظومة القيم والعودة للتركيز عن جوانب لربما أهملها كثير منا وهي أساسية كالصحة الجسدية بالغذاء والرياضة أو بالصحة النفسية التي تتطلب الهدوء وعدم الانقياد لمخاوف الناس والانجذاب إلى دواماتها، والالتجاء إلى الله في إطار إيماني روحاني. كما أننا حققنا مكاسب معرفية ومهاراتية من خلال الدروس الإلكترونية المتصاعدة والتي شكلت إضافة تستحق الأخذ بالاعتبار لاحقاً، سواء إضافات روحية أو إضافات قابلة للاستثمار أو الاثنين معاً.

وأركز هنا، أن بني آدم خلق واقع في آفة النسيان، ولكي نحتفظ بالدروس ولا ننساها، نحتاج لوضع خطط تضبط إيقاع حياتنا المقبلة، فإن خروجنا من جائحة فيروس كورونا لن يجعلنا كما كنا عليه قبل دخولها. فهل أصبحنا بحاجة لفرض قوانيننا الداخلية على أنفسنا حول من يستمر معنا من العلاقات ومن آن الأوان لكي يخرج من حياتنا؟ هل قررنا كيف سنتعامل مع الظروف المالية الجديدة زيادةً أو نقصان؟! هل أعدنا ترتيب أسلوب حياتنا من جديد أم سننجرف قريباً في «هجة جماعية» للتسوق والزيارات وتضييع الأوقات والتيه في زحمة الحياة بمجرد أن تفتح الأبواب كجرس قُرع إيذاناً بنهاية الدوام المدرسي؟!!