انشغال العالم بالأزمة الأوكرانية، جعلنا نتناسى ما يحدث في فيينا من مفاوضات ما بين المعسكر الغربي بقيادة واشنطن، ومن جانب آخر نظام ملالي إيران، فالأنباء تتسرب أن هناك اتفاقاً نووياً جديداً قد اقترب من استكماله، فهل يكون الاتفاق مشابهاً لاتفاق عام 2015 إبان عهد إدارة أوباما، أم هو أسوأ من ذلك، كما لا يمكن تجاهل توقيت الاتفاق الذي يتزامن مع صراع الطاقة الذي يحيط في الأزمة الأوكرانية، وكون أوروبا في أمس الحاجة الآن للاستفادة من الخام الإيراني في الأسواق العالمية، لسد حاجة السوق الأوروبي حال قطع الغاز الروسي. وعليه، سيكون أكثر المستفيدين هو النظام الإيراني، ولذلك قد تختلف ماهية القضايا ما بين كييف وفيينا، بينما تتقاطع التحديات حول إمدادات الطاقة.

تجربة اتفاق 2015 النووي مريرة للغاية، حين استغلت إيران مليارات الدولارات التي أفرجت في تمويل عمليات الحرس الثوري وأدواته في المنطقة، في لبنان والعراق واليمن وقطاع غزة. وعند الحديث عن لبنان، نجد أنها وصلت لأسوأ حال اقتصادياً وأمنياً، بسبب هيمنة ميليشيا حزب الله الإرهابية على الدولة اللبنانية، وعلى مقدرات الشعب اللبناني، وفي العراق تقوم ميليشيات الحشد والكيانات الإرهابية التابعة لإيران، في تعطيل الانتخابات الرئاسية والنيابية، ويدرك المجتمع الدولي دعم إيران المشبوه لميليشيا الحوثي الإرهابية، وإمدادهم بالمال والسلاح والطائرات المسيرة، التي تستهدف أمن السعودية والإمارات.

تستخدم إيران القضية الفلسطينية كستار لأنشطتها التخريبية، وقد اعترفت ميليشيا حماس الإرهابية بدعم إيران المباشر لها، كما لن ننسى محاولة جمعية الوفاق الانقلابية المنحلة لزعرعة الأمن والاستقرار في البحرين بإيعاز إيراني، فهل المشكلة في الاتفاق النووي وحسب؟ أم مشروع إيران التوسعي في المنطقة؟ وهل ستتدارك إدارة بايدن الأخطاء والدروس المستفادة من الاتفاق السابق؟ خصوصاً أن إيران لن تقف مع المعسكر الغربي في إدانة روسيا، وستحاول الاستفادة من الضغط الروسي، في سبيل الخروج باتفاق نووي جديد، يساهم في تنمية مشاريعها التدميرية في المنطقة.

هناك ضعف كبير من المنظمات الدولية التي تقف مكتوفة اليدين، أمام قرارات دول كبرى تعصف بالأمن والاستقرار، تحديداً تسليم العراق إلى إيران على طبق من ذهب، ومؤخراً انسحبت أمريكا من أفغانستان، فتسلمت السلطة طالبان، والآن نعيش فصول الأزمة الأوكرانية التي راقبنا التصعيد الإعلامي بها، قبل بدء العملية العسكرية الروسية، فمن جانب تلميح الغرب لانضمام أوكرانيا لحلف الناتو، ومن الجانب الآخر الرفض الروسي لوجود تكتل عسكري لحلف شمال الأطلسي على حدود روسيا، والضحية أوكرانيا، والمستفيد نظام ملالي إيران.