لم تقف اﻹعاقة حجر عثرة في طريق طموحاتها، بل كانت خير دافع لها لتحقيق مزيد من الإنجازات والعطاءات اللامحدودة، في المجاﻻت اﻹنسانية والاجتماعية والسياسية والثقافية وغيرها، يلازمها حب اﻹصرار والعزيمة كالظل، أمام متقلبات الحياة وظروفها القاهرة، وﻻ يوجد لليأس والإحباط صفحة في معجم حياتها.

إنها منيرة عيسى بن هندي طيب الله ثراها ابنة المحرق التي رحلت عن عالمنا مطلع نوفمبر الماضي، وتركت أثراً كبيراً في نفوس أهل البحرين، لما لها من ألفة وشعبية واسعة بين أفراد المجتمع البحريني.

ولدت الراحلة في مدينة المحرق، بإعاقة جسدية ألزمتها القعود على الكرسي المتحرك طيلة حياتها، ما دفعها إلى حب الجهد والمثابرة لبلوغ أعلى درجات النجاح والتفوق الدراسي، متخطية الصعاب كلها دون حد لسقف طموحاتها.



ونالت بن هندي درجة الدبلوم في تخصصات عدة منها: تعامل اﻷسرة مع اﻷطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي برامج حضانات ورياض اﻷطفال من معهد تركاس في القاهرة، ومن ثم بكالوريوس علم النفس من جامعة القاهرة، والعديد من الدورات في مجال الرعاية الاجتماعية.

كما تقلدت بعدها مناصب وظيفية عدة، حيث عملت مسؤولة عن وحدة الخدمات التأهيلية بوازرة التنمية الاجتماعية، ورئيسة المركز البحريني للحراك الدولي الذي ساهمت في تأسيسه عام 1979م.

وعملت أيضاً باحثة اجتماعية في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وضمت في مجلس أمناء المؤسسة الوطنية لخدمات ذوي الاحتياجات الخاصة، وحملت منصب سفيرة النوايا الحسنة من قبل منظمة السلام الدولية والتنمية وغيرها من المناصب حتى وصلت إلى قبة البرلمان وتم تعيينها من قبل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم عضواً في مجلس الشورى كأول امرأة عربية برلمانية من ذوي الاحتياجات الخاصة، لما لها من حنكة سياسية وثقافية فذة.

وعلى الصعيد اﻻجتماعي، كانت بن هندي إحدى رائدات العمل اﻹنساني والتطوعي، حيث بذلت جل جهودها في مجال الرعاية الاجتماعية عبر تقديم الدعم للارتقاء بأوضاع ذوي الهمم في البحرين، وأدارت العديد من المراكز المتخصصة كمركز البحرين للحراك الدولي، وروضة أزهار الحراك في المؤسسة الوطنية لخدمات المعاقين، وغيرها.

إن الحديث عن إنجازات وعطاءات هذه الشخصية مطول ﻻ تفيه السطور وﻻ الكلمات، فإن السيدة منيرة بن هندي استطاعت أن تخترق قلوب البحرينيين بتواضعها ونبل أخلاقها ومحبتها للغير، وشعبيتها اﻻجتماعية مع الناس كافة، حيث جمعني بها موقف ودي في أحد المعارض، وانتابني الشعور بالفخر والاعتزاز بلقائها والحديث معها.

فهي الغائبة الحاضرة في ذاكرة كل بحريني يستحضر إنجازاتها ومبادراتها التي جعلت البحرين تحتل مكانة ريادية بين الدول لاحتضانها إحدى الكفاءات من العنصر النسائي من فئة ذوي الهمم، بسجلها الحافل بالمنجزات والعطاءات في مجال الرعاية الاجتماعية وقضايا المرأة، وغيرها.

بن هندي رسالة نجاح ملهمة لكل طموح يتحلى باﻹرادة والعزيمة لمواجهة ظروف الحياة وتخطي عقباتها بقهر المستحيلات، لبلوغ الهدف وتحقيق أسمى درجات التقدم والتميز.

نسأل المولى العلي القدير أن يتغمد فقيدة الوطن بواسع رحمته ويسكنها فسيح جناته.