حنان الخلفان




عندما يرحل معلمونا من هذه الدنيا، يتركون وراءهم أثراًعميقاً وجرحاً أعمق وذكريات جميلة صاحبتنا على مدى سنين عديدة، قد تكون بصمتهم مرئية في إرثهم المهني والإبداعي وقد كانت ملموسة في أفعالهم وتعاملاتهم معنا حتى بعد تخرجنا من صفوف الدراسة، في كلتا الحالتين رحلوا من أمامنا ليرحل معهم شعور موت الوفاء والتضحيات والإخلاص والتفاني في العمل.


يمكننا النظر إلى العديد من الشخصيات التي كانت معنا منذ دخولنا المراحل الأولى الدراسية، وكانوا نعم الصاحب ونعم المُربون بل كانوا بمثابة آبائنا وأمهاتنا يعانقوننا عند البكاء ويهتمون بنا عند الحاجة، لم نشعر أبداً أننا طالبات بل شعرنا أنهم قدوات، فكم طفلة تمنت أن تكون معلمة في طفولتها إن لم نكن أغلبيتنا، مثل مربية صفي «ماما هيام» التي رحلت قبل عدة أيام تاركة بصمتها وحنانها وضحكتها في قلوبنا وأذهاننا ومصدر إلهامنا وأحلامنا منذ الصغر.

فمن أروع الأمور التي نعيشها في المجتمع البحريني بأننا شعب متماسك صغير نفخُر بتاريخنا التعليمي الغني بالشخصيات التربوية الرائعة من رواد التعليم الذين خلفوا أثراً إيجابياً اكتسبنا من خلاله العديد من القيم والمبادئ التي نسعى دوماً من خلالها لتحقيق التطور والنجاح والتميز، فكم من قارئ الآن خطر في ذهنه الشخصية التربوية التي كان لها الأثر في ذكرياته، وأنا على يقين إن لكل منا «ماما هيام» التي غمرت قلوبنا بحب التدريس والتعليم، عملت بكل تفانٍ في السلك التعليمي والتربوي، أمسكت بأصابعنا الصغار أقلام السبورة لتعلمنا الكتابة والقراءة، شاركتنا أفكارها وقصصها التعليمية التي عززت القيم والمبادئ والتعاطف فينا.

إلى أعزائي المعلمين والمعلمات ومشرفي ومديري المدارس وجميع المنخرطين في السلك التعليمي، أنتم من تلهمون الطلبة لمتابعة شغفهم وأحلامهم الآن في مقاعد الدراسة بفضل توجيهاتكم وتشجيعكم الدائم لصغارنا، وأنتم من تكتشفون مواهبهم والقدرات الخفية بهم، وأنتم من تبنون علاقاتكم الرحيمة مع طلابكم لتبقى مشاعرهم اتجاهكم في المستقبل مدى الحياة، علاقات متينة وصادقة المشاعر تبقى في قلوبهم طول أعمارهم.

في الختام، أشيد بجهود وزارة التربية والتعليم على تقدير دور المعلمين ودعمهم في إعداد طلاب مملكة البحرين ليكونوا متسلحين بالمعرفة والصفات القيادية التي تمكنهم من المساهمة بشكل فعال في تنمية نهضة الوطن، شاكرة إلى دور كل معلم حمل رسالة العلم والمعرفة في تنمية التفكير الإبداعي في جميع المستويات التعليمية، فأنتم رموز العطاء ذوو المكانة الكبيرة، والتي ستحفظ في ذاكرتنا وفي أنفسنا وسنظل ندعمكم ونساندكم بمختلف السبل.

إلى روح أبي الغالي، التربوي الفاضل، ما أصعب فراق روحك الصافية.