الحرة

أعلنت السلطات الفرنسية، الجمعة، إصابة العشرات من عناصر الأمن، واعتقال المئات من المحتجين، بعد أعمال شغب اندلعت على خلفية مقتل فتى برصاص شرطي قبل أيام.

وأكدت وزارة الداخلية الفرنسية إصابة 249 شرطيا في أعمال الشغب ليل الخميس الجمعة. وقال وزير الداخلية، جيرالد دارمانان، إن 667 شخصا أوقفوا ليل الخميس الجمعة. وقالت مصادر مقربة منه ليلا إن جزءا كبيرا من الموقوفين تراوح أعمارهم بين 14 و18 عاما.

وأكدت رئيسة الوزراء الفرنسية، إليزابيث بورن، أن "كل الاحتمالات مطروحة" لإعادة النظام في فرنسا"، فيما دعا الرئيس، إيمانويل ماكرون، إلى اجتماع جديد لخلية الأزمة الوزارية، الجمعة، في باريس بعد أعمال شغب لليلة الثالثة على التوالي في فرنسا إثر مقتل مراهق برصاص شرطي وُجّهت إليه تهمة القتل العمد، وفقا لفرانس برس.

ومن المتوقع أن يختصر ماكرون مشاركته في قمة أوروبية في بروكسل حيث يتواجد منذ الخميس، ويعود إلى باريس ليرأس الاجتماع عند الساعة 13:00 بالتوقيت المحلي (11:00 بتوقيت غرينتش).

وأكدت بورن، الجمعة، أن السلطة التنفيذية تدرس "كل الاحتمالات" لإعادة النظام في فرنسا من بينها فرض حال الطوارئ بعدما تواصلت أعمال الشغب لليلة الثالثة على التوالي في أرجاء البلاد.

وردا على سؤال خلال مؤتمر صحفي حول احتمال اللجوء إلى فرض حال الطوارئ قالت رئيسة الحكومة "سندرس كل الاحتمالات خلال اجتماع مع رئيس الجمهورية عند الساعة 13,00. لن أجيبكم الآن. لكننا ندرس كل الاحتمالات واضعين أولوية إعادة النظام الجمهوري على كل الأراضي" الفرنسية.

وسجلت أعمال شغب شملت تخريب مقار إدارات عامة وعمليات نهب ومناوشات متفرقة، ليل الخميس الجمعة، في مدن كثيرة واقعة في منطقة باريس بعد توجيه تهمة القتل العمد وحبس الشرطي الذي أقدم على قتل مراهق يبلغ السابعة عشرة خلال عملية تدقيق مروري بعدما رفض التوقف، الثلاثاء، في نانتير قرب العاصمة الفرنسية.

وقُتل المراهق نائل م. (17 عاما) برصاصة في الصدر بعدما رفض التوقف خلال عملية تدقيق مروري أجراها شرطيان دراجان في نانتير. في فرنسا، السن القانونية للقيادة هي 18 عاما.

وفي حين أكدت مصادر في الشرطة في بادئ الأمر أن الشاب قاد سيارته باتجاه شرطيين على دراجتين ناريتين لمحاولة دهسهما، انتشر مقطع مصور على وسائل التواصل الاجتماعي تحققت وكالة فرانس برس من صحته، أظهر رجلَي شرطة يحاولان إيقاف السيارة، قبل أن يطلق أحدهما النار عبر نافذتها على السائق عندما حاول الانطلاق بها.

تصاعد العنف

وأثار مقتل المراهق أعمال شغب على مدى ليلتين في فرنسا، لا سيما في منطقة باريس، وتكرر ذلك ليل الخميس الجمعة. وتخشى أجهزة الاستخبارات من "تعميم" أعمال العنف في الليالي المقبلة.

في سين-سان-دوني شمال شرق العاصمة، شهدت "كل البلدات تقريبا" أعمال شغب سريعة واستهدفت عدة مبان عامة مثل بلدية كليشي-سو-بوا، وفق مصدر بالشرطة.

في باريس، تعرضت بعض المتاجر في حي "لي آل" وشارع ريفولي الذي يؤدي إلى متحف اللوفر إلى "التخريب" و"النهب وحتى الحرق"، بحسب مسؤول رفيع المستوى في الشرطة الوطنية.

وقررت ثلاث مدن على الأقل قريبة من العاصمة باريس فرض حظر تجول، بعضها لعدة أيام، في كل أو بعض الأحياء، وعلى الجميع أو على القاصرين فقط.

وفرضت كلامار (قرب باريس) وكومبيينه (شمال باريس) هذا الإجراء من التاسعة مساء حتى السادسة صباحا (19:00 حتى 04:00 بتوقيت غرينتش).

في منطقة باريس، توقفت الحافلات والترامواي عن العمل اعتبارا من الساعة التاسعة مساء الخميس (19:00 بتوقيت غرينتش).

في مرسيليا، ثاني مدن فرنسا، تضررت واجهة مكتبة البلدية، وفق البلدية. وفي منطقة الميناء القديم الشهيرة المطلة على البحر المتوسط، دارت مواجهات بين الشرطة ومجموعة أشخاص تراوح عددهم بين 100 و150 شخصا.

وكانت الحكومة قد أعلنت حشد 40 ألف من عناصر الأمن مساء الخميس منهم خمسة آلاف عنصر في باريس.

وقال مصدر في الشرطة لفرانس برس إن وحدات التدخل الخاصة في الشرطة والدرك نشرت في مدن كبيرة مثل تولوز (جنوب غرب) ومرسيليا (جنوب شرق) وليون (جنوب شرق) وليل (شمال) وبوردو (جنوب غرب).

تهمة القتل العمد

حتى الساعة، استبعدت الحكومة إعلان حالة طوارئ الذي يطالب به اليمين.

وأحيا مقتل نائل الجدل حول سلوك قوات الأمن في فرنسا حيث قتل 13 شخصا وهو عدد قياسي، في 2022 بعد رفضهم الامتثال لعمليات تدقيق مرورية.

وقالت والدة نائل لمحطة "فرانس 5" في أول مقابلة إعلامية معها منذ إطلاق النار صباح الثلاثاء "أنا لا ألوم الشرطة، أنا ألوم شخصا واحدا، هو الشخص الذي قتل ابني".

صباح الخميس، لفت المدعي العام في نانتير، باسكال براش، إلى أن "النيابة تعتبر أن الشروط القانونية لاستخدام (الشرطي) للسلاح لم تكن متوافرة".

والخميس، وُجهت تهمة القتل العمد إلى الشرطي ووُضع قيد التوقيف الاحتياطي.

وقدّم الشرطي، الخميس، الاعتذار لعائلة نائل، وفق ما أفاد محاميه.

وقال المحامي، لوران-فرانك ليينار، على محطة "بي أف أم تي في" الفرنسية "الكلمة الأولى التي نطق بها هي أنا آسف، والكلمات الأخيرة التي قالها كانت لتقديم الاعتذار للعائلة".

وعبرت الجزائر، الخميس، عن "صدمتها" للقتل "الوحشي" الذي تعرض له الفتى نائل، مشيرة إلى أنه أحد مواطنيها.

ودعا الرئيس الفرنسي، الجمعة، الحكومة إلى ثاني اجتماع طارئ خلال يومين، وذلك بعد أن شهدت الليلة الماضية أسوأ أحداث شغب حتى الآن احتجاجا على مقتل الفتى نائل، وفقا لرويترز.

وقال دارمانان إن عمليات الاعتقال تمت بعد اشتباك مثيري الشغب مع الشرطة في عدة مدن في أحداث تخللها إضرام النيران في متاجر وبنوك وتحطيم حافلات.

ونشر دارمانان 40 ألف شرطي في محاولة لإخماد الاضطرابات التي وقعت لليلة الثالثة على التوالي.

غير أن العنف اندلع في مرسيليا وليون وباو وتولوز وليل وبعض أنحاء منطقة باريس ومنها نانتير التي تسكنها الطبقة العاملة حيث قُتل الشاب نائل م. (17 عاما)، وهو من أصل جزائري-مغربي، برصاص الشرطة، الثلاثاء، وفقا لرويترز.

ووصفت رئيسة الوزراء، إليزابيت بورن، العنف بأنه "غير مقبول ولا يمكن تبريره" وأكدت دعمها للشرطة ورجال الإطفاء الذين "يقومون بواجبهم بشجاعة".

وقال وزير النقل، كليمان بون، لمحطة (آر.أم.سي) الإذاعية إن من المتوقع أن يتأثر بشدة انتظام عمل وسائل النقل العام في منطقة باريس، الجمعة، دون أن يستبعد وقفها قبل المواعيد المحددة لنهاية العمل. وأضرم المحتجون النار في 12 حافلة داخل مرأب في أوبيرفيلييه بشمال باريس الليلة الماضية.

وأضرم المحتجون في ضاحية نانتير على المشارف الغربية للعاصمة النار في سيارات وأغلقوا الشوارع وألقوا مقذوفات على الشرطة بعد وقفة احتجاجية سلمية في وقت سابق لتأبين الشاب.

وقالت شرطة باريس إنه جرى اقتحام متجر لبيع الأحذية تابع لشركة نايكي في وسط باريس وإنها ألقت القبض على عدة أشخاص بعد تحطيم نوافذ متجر في شارع رو دي ريفولي.

وأضافت الشرطة أنها ألقت القبض على 307 أشخاص هناك وأن تسعة من أفراد الشرطة ورجال الإطفاء أصيبوا.

وفي الجنوب، أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع وتم إخلاء المنطقة السياحية في مرسيليا بميناء لو فيو عندما اشتبك شبان مع الشرطة.

وفي مدينة روبيه بشمال البلاد، دمر حريق مكتب شركة تيسي وأضرمت النيران في عدة سيارات.

وأعادت الاضطرابات للأذهان أعمال الشغب التي وقعت في عام 2005 بفرنسا لمدة ثلاثة أسابيع وأجبرت حينها الرئيس، جاك شيراك، على إعلان حالة الطوارئ.

واندلعت موجة العنف تلك في ضاحية كليشي سو بوا في باريس وانتشرت في جميع أنحاء البلاد بعد وفاة شابين صعقا بالكهرباء في محطة كهرباء فرعية أثناء اختبائهما من الشرطة.