* قانونية فرنسية لـ"الوطن": 15 ألف يورو غرامة من يذبح خارج المسالخ المخصصة

* مهاجرون مسلمون: فرحة العيد حاضرة بفرنسا لكن ليست من الأعماق

* اتحاد الجمعيات المسلمة: ضغوط بروتوكولية تتحملها أوروبا بسبب العيد



باريس - لوركا خيزران

"لحظات لا تمحى من ذاكرة الأطفال عن عيد الأضحى، لهذا يحاول الآباء هنا الحفاظ على أكبر قدر من ملامحها رغم الابتعاد عن الوطن الأم" هكذا وصف وجدي جمول الفرنسي الجنسية من أصول سورية علاقة المهاجرين المسلمين مع عيد الأضحى، إذ يسعون للحفاظ على التقاليد الإسلامية رغم الابتعاد عن الوطن الأم وخاصة فيما يتعلق بذبح أضاحي العيد الكبير لكن الأمر لا يخلو من بعض الصعوبات.

في فرنسا التي يتجاوز عدد المسلمين فيها 6 ملايين نسمة، فكثيراً ما يحمل عيد الأضحى طعم "الفرح المر" وفقاً لوجدان السعدي الفرنسية من أصول عراقية، إذ تؤكد أن "المشاكل التي يواجهها المسلمون كثيرة عندما يتعلق الأمر بالاحتفال بعيد الأضحى وذبح الأضاحي في ظل القوانين الفرنسية الصارمة التي تفرض على المسلمين أن تكون عملية الذبح والسلخ منظمة ومقننة وفي إطار المذابح فقط".

وخوفاً من تعرض المسلمين إلى عقوبات وغرامات مالية بسبب المذابح العشوائية أو الذبح في المنازل أو في الأحياء أو حتى على قارعة الطريق أصبح أبناء الجالية المسلمة مضطرين إلى شراء الأضاحي مذبوحة ومسلوخة من قبل الجزارين المعتمدين، وهو ما يؤدي إلى الإخلال بأركان وشروط عديدة من شروط الأضحية".

وتوضح المحامية نويل آغونيه لـ"الوطن" أن "مخالفة هذه القوانين والذبح خارج المذابح المرخصة، يعاقب عليه القانون بغرامات مالية قد تصل إلى 15 ألف يورو والسجن لمدة 6 أشهر".

ولا يخفي مسلمو فرنسا معاناتهم عند اقتراب موعد عيد الأضحى، وتتمثل هذه المعاناة في حجز الأماكن المخصصة لنحر الأضاحي والتنسيق مع المذابح، ورغم وجود بعض الجمعيات التي تهتم بأمور الجالية المسلمة وتتحرك بغية إيجاد حلول كفيلة بتخفيف معاناة المسلمين".

ويشكو محمد الجابري وهو لاجئ سوري في فرنسا من ظهور "فئة من الجزارين وبائعي اللحوم الذين يستغلون أبناء الجالية المسلمة ويوهمونهم بأن اللحوم التي يبيعونها هي أضاحي عيد وتم نحرها بعد الصلاة، وهي في الأساس لحوم عادية مذبوحة قبل العيد".

ويقول سعيد عالا رئيس المسجد الكبير في مدينة ستراسبورغ الفرنسية إنه "لضمان الحصول على أضحية العيد تعمل بعض المساجد كمسجد باريس ومسجد ليون ومسجد سانت إيتيان وغيرها من المساجد على وضع قوائم للمسلمين الراغبين في اقتناء أضحية العيد من خلال تسجيل أسمائهم ودفع مبالغ مالية تتراوح بين 120 و150 يورو، الحضور يوم العيد ابتداءً من متصف النهار لاستلام الأضحية".

ويضيف "هي مبادرة لاقت بعض النجاح على مستوى المدن الكبرى، بينما يلجأ البعض إلى التنسيق مع المذابح المعتمدة للتمكن من أخذ الأضحية في وقت باكر من صباح يوم العيد".

وبحسب عادل إبراهيم وهو مصري يحمل الجنسية الفرنسية فإن "عيد الأضحى لا يحمل أي معنى عند قضائه بعيداً عن بيئته وعن مصر، وحتى وإن حاول البعض وضعه في إطار من الفرح والبهجة، فستنقصه تلك السعادة النابعة من الأعماق، التي لا نجدها سوى في أرض الوطن".

أما الأمين العام لاتحاد الجمعيات المسلمة بمقاطعة سان سانت دونيه محمد حنيش فيعتبر من جهته أن "أوروبا تتحمل ما أسماه "الضغوط البروتوكولية" بخصوص الاحتفال بعيد الأضحى. وعلى هذا الأساس أكد محمد حنيش أنّ "اتحاد الجمعيات المسلمة يعمل منذ سنوات على اعتماد مبادرة اقتناء أضاحي عيد الأضحى والتوجه إلى إبرام عقد مع شركات تقوم الشركة بعملية التوزيع والذبح مباشرة بعد صلاة العيد في العاصمة باريس وضواحيها. كما قام "اتحاد الجمعيات المسلمة" بالتعاون مساجد ومذابح لاقتناء الأضاحي وتجنب المضاربة في الأسعار بفرنسا.

ويسعى "اتحاد الجمعيات المسلمة" إلى الحفاظ على ترسيخ الاحتفال بعيد الأضحى في فرنسا والتمسك بها في فرنسا خاصة وأوربا على وجه العموم والحفاظ عليها من الزوال تحت الضغوطات السياسية والشكلية التي تقوم بها الحكومات المتعاقبة.

وحتى لو اختلفت مظاهر عيد الأضحى في أوربا مقارنة بالاحتفالات في الوطن العربي، فالميزات الأساسية تظل ثابتة، ولا تتغير، فنجد مثلاً اجتماع العائلة وفرحة الصغار والمحافظة على التقاليد الجميلة، التي تتوارثها الأجيال، فهناك طقوس تتشابه لدى جميع المسلمين، ولا يمكن لعيد الأضحى أن يمر من دونها.