* اعتقال ألف شخص على خلفية الحادث

* حزب رفسنجاني يطالب بفتح الصندوق الأسود لهجوم الأحواز

* "داعش" يتوعد إيران بهجمات أخرى بعد هجوم المنصة



الأحواز - نهال محمد، (وكالات)

طالب "حزب كوادر البناء" الذي أسسه الرئيس الإيراني الراحل أكبر هاشمي رفسنجاني، بـ"فتح الصندوق الأسود" لهجوم الأحواز المسلح الذي أوقع السبت الماضي 29 قتيلا وحوالي 60 جريحاً، وذلك لكشف ملابسات الحادث، فيما كشف مصدر أحوازي لـ "الوطن" أن قوات الحرس الثوري الإيراني وميليشيات "الباسيج" تطوق مداخل ومخارج مدينة الأحواز عاصمة الإقليم العربي، مشيراً إلى اعتقال السلطات الإيرانية العشرات من ناشطي الأحواز بينهم 5 أشقاء من عائلة واحدة تدعى "عائلة السواري"، إضافة إلى مداهمة منازل الأحوازيين لاسيما في حيي الشكر والثورة"، في حين أكد ناشطون حقوقيون في الأحواز أن السلطات الإيرانية اعتقلت نحو ألف شخص على خلفية هجوم الأحواز. في سياق ذي صلة، توعد المتحدث باسم تنظيم الدولة "داعش"، الأربعاء، في تسجيل صوتي تناقلته حسابات متشددة على تطبيق تلغرام، إيران بهجمات أخرى بعد الاعتداء الذي استهدف السبت عرضاً عسكرياً في مدينة الأحواز.

من ناحيته، انتقد عضو لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية في البرلمان الإيراني حسين نقوي حسيني، في فيديو مصور نشرته وكالة "فارس"، الأربعاء، عدم وجود حماية أمنية خاصة لمراسم من هذا النوع، قائلاً إن "المسلحين أطلقوا النار لمدة 12 دقيقة متواصلة، تحركوا خلالها ذهاباً وإياباً، وتحدثوا مع بعضهم البعض، وبدلوا مخازن أسلحتهم، دون أن توجّه نحوهم رصاصة واحدة".

وأوضح حسيني، أن "لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، عقدت اجتماعاً بحضور وزيري الاستخبارات والداخلية، وممثلين عن الأجهزة المعنية من قبيل الجيش و"الحرس الثوري" والشرطة وآخرين من محافظة خوزستان، وراجعت الفيديوهات المصورة للهجوم".

وأكد أنه "كان من المفترض أن يكون هناك حماية أمنية خاصة لمراسم من هذا النوع، حتى أن الحديقة المتاخمة لمكان العرض العسكري، والتي اختبأ فيها منفذو الهجوم لم تكن مراقبة، وهو ما يعني وجود ضعف وخلل"، مشدداً على أن "هذا الأمر لن يمر من دون محاسبة".

كما انتقد حسيني وزارة الاستخبارات والأمن التي أعلنت عن اعتقال 22 شخصاً، وقالت إنها اكتشفت مكاناً يعود لمنفذي الهجوم والمتورطين معهم، وصادرت أسلحة ومتفجرات وأجهزة اتصال منه، متسائلاً عن سبب حصول ذلك بعد تنفيذ الهجوم "لا الكشف عنه قبيل وقوعه"، مشدداً على "ضرورة الكشف عن نقاط الضعف وتداركها".

من جانبه، اعتبر "حزب كوادر البناء" في بيان حادثة إطلاق النار على المشاركين في العرض العسكري في الأحواز أنها تأتي "في سياق الضغوط على الشعب والحكومة الإيرانية"، مشيراً إلى أن الأمر لا يجب أن ينظر إليه على أنه "عامل أمني" فقط، ولكن يجب الانتباه إلى "الجانب الاجتماعي"، في إشارة إلى ما تشهده منطقة الأحواز من احتجاجات بسبب التمييز.

وحث الحزب المسؤولين الحكوميين على "عدم الاكتفاء برد قضائي وعسكري على هجوم الأحواز"، محذرا من "تراكم المطالب الاجتماعية في الإقليم وتحويلها إلى مطالب سياسية".

كما أكد الحزب على "ضرورة فتح حوار مع المثقفين الإيرانيين المستقلين داخل البلاد وخارجها، بما في ذلك الفرس والعرب، وهو ضرورة وطنية في هذه المرحلة"، بحسب ما جاء في البيان.

ونقلت وكالات مقربة من الحرس الثوري تصريحات لأمين مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران، محسن رضائي، قال فيها إن قوات الحرس الثوري قد بدأت "عملية ثأر" لضحايا هجوم الأحواز، ما عرضه لانتقادات واسعة من قبل ناشطين إيرانيين فسروه على أنه إيعاز بمرحلة جديدة من القمع ضد عرب الأحواز، وهو تهديد صريح للمواطنين بالإرهاب الحكومي المنظم.

وبينما لا يزال الغموض يلف حادثة هجوم الأحواز، عقدت لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني اجتماعا أمنيا، الأربعاء، بحضور وزير الاستخبارات والقادة العسكريين والمسؤولين الحكوميين لبحث تفاصيل حادث الأحواز.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" عن وزير الداخلية الإيراني، عبد الرضا رحماني فضلي، قوله إن الأجهزة الأمنية والعسكرية، وكذلك وزارة الداخلية قدمت خلال الاجتماع تقاريرها حول الهجوم، وتم تكليف اللجنة الأمنية في محافظة خوزستان "الأحواز" التابعة لوزارة الداخلية بالتحقيق في الموضوع وتقديم تقرير للحكومة والبرلمان.

واعتبر فضلي أن "القضية مست أمن وقوة إيران مما تسبب في قلق عند عامة الشعب الإيراني، يجب أن تتم متابعته والوصول إلى من يقف خلفه واتخاذ الإجراء اللازم بهذا الشأن"، حسب تعبيره.

بدوره، انتقد النائب وعضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، حسين نقوي حسيني، ما وصفه بـ "التقصير" من جانب القوى الأمنية في حادثة الأحواز. وقال إن "الفيديوهات أظهرت أن المهاجمين استمروا بإطلاق النار على العرض العسكري لمدة 12 دقيقة، ولم يطلق أحد النار عليهم".

وأضاف "كانوا يقومون بتغيير مخازن أسلحتهم ويطلقون رصاصة الخلاص على الجرحى، ولم يقدم أحد على مواجهتهم طيلة هذه الفترة".

وما زالت تناقضات المسؤولين الإيرانيين وتوزيعهم الاتهامات على مختلف الدول، مثل أمريكا وإسرائيل والدول العربية، تزيد الأمر غموضاً، خاصة أن قادة الحرس الثوري تحدثوا عن وجود 4 مهاجمين، واعتقال أحدهم حياً، بينما ذكرت وزارة الاستخبارات في بيان أن المهاجمين كانوا 5 أشخاص وتم قتلهم جميعا أثناء الحادث.

واتهمت وزارة الاستخبارات الإيرانية "مجموعة عربية انفصالية" بالوقوف وراء الهجوم، بينما تحتوي الأسماء المنشورة على مواطن فارسي، ما يزيد الأمر غموضاً ويعزز الشكوك حول اتهامات المعارضة الإيرانية لاستخبارات الحرس الثوري بالتورط بالهجوم من أجل إظهار إيران على أنها "ضحية الإرهاب" بالتزامن مع حضور الرئيس الإيراني حسن روحاني أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وكذلك الاجتماع المرتقب لمجلس الأمن حول الإرهاب الإيراني.

من جهتها، أصدرت "منظمة حقوق الإنسان الأحوازية" بياناً ذكرت فيه مختلف مدن ومناطق إقليم الأحواز شهدت حملات اعتقال ومداهمات واسعة، حيث تجاوز عدد المعتقلين 300 شخص خلال الأيام القليلة الماضية، بينهم ناشطون ومثقفون ومواطنون عاديون.

وذكرت أنه بينما لا يزال الغموض يكتنف تفاصيل الهجوم ومن يقف وراءه، تزداد الشكوك حول تورط أجهزة النظام خاصة جهاز استخبارات الحرس الثوري بالتواطؤ في هذا الهجوم لأسباب سياسية تتعلق بأزمات النظام الداخلية والخارجية.

كما اعتبرت أن النظام الإيراني ومن خلال هذه الاعتقالات يريد كما في السابق استغلال هذا الهجوم بهدف عسكرة الإقليم والبدء بحملة قمع جديدة قد تشمل تنفيذ إعدامات سياسية ضد السجناء السياسيين واعتقال كافة نشطاء الحراك السلمي للقضاء على المظاهرات التي تخرج بين الفينة والأخرى ضد سياسات الحكومة التمييزية والعنصرية ضد الشعب العربي الأحوازي" بحسب البيان.

ودانت "منظمة حقوق الإنسان الأحوازية" بشدة ما اسمته "إرهاب الدولة المنظم" الذي يمارسه النظام الإيراني ضد الشعب الأحوازي وكافة الشعوب في إيران.

وذكرت أن إرهاب النظام يتمثل بالإعدامات السياسية وتغيير جوهر الصراعات الداخلية من خلال محاولات ربط كل حراك داخلي بالمؤامرات الخارجية بهدف تبرير القمع والهروب من استحقاقات الجماهير المنتفضة المطالبة بحقوقها والتي تريد من النظام أن يكف عن إنفاق أموال الشعوب على الحروب الإقليمية والطموح التوسعية والتوجه بدل ذلك إلى التنمية ومنح الناس حقوقهم في الحرية والعيش الكريم.

وحذرت المنظمة من مغبة تعذيبهم لكسب اعترافات قسرية، كما اعتادت الأجهزة الأمنية الإيرانية وناشدت الرأي العام الدولي والمنظمات والهيئات، خاصة تلك المنضوية تحت مظلة هيئة الأمم المتحدة إلى إدانة هذه الاعتقالات وبذل قصارى جهودها الإنسانية من أجل وقف هذه الاعتقالات والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان والحيلولة دون نجاح النظام في تنفيذ خططه الرامية إلى تصفية الحراك الشعبي من فرض الأجواء البوليسية، بحسب البيان.

في سياق ذي صلة، توعد المتحدث باسم تنظيم الدولة "داعش"، الأربعاء، في تسجيل صوتي تناقلته حسابات متشددة على تطبيق تلغرام، إيران بهجمات أخرى بعد الاعتداء الذي استهدف السبت عرضاً عسكرياً في مدينة الأحواز.

وقال المتحدث باسم التنظيم المتطرف أبو حسن المهاجر في تسجيل لأكثر من ثلاث دقائق "لم يستفيقوا بعد من هول الصدمة ولن تكون الأخيرة بإذن الله (...) إن القادم بحول الله وقوته أدهى وأمر".

وتبنى تنظيم الدولة "داعش" في وقت سابق الهجوم الذي أوقع 29 قتيلاً.

وأكد المهاجر في التسجيل الصوتي مجدداً مسؤولية التنظيم عن هجوم الأحواز. واعتبر أن مقاتلي "داعش" دفعوا بالقادة الإيرانيين إلى "إلقاء التهم جزافاً مكابرين عن قول الحقيقة".

ومن النادر أن يخصص المتحدث باسم التنظيم تسجيلاً لتبني هجوم معين.

ولا تزال التحقيقات مستمرة في الاعتداء، وأعلنت وزارة الاستخبارات أن مجموعة مرتبطة بـ"انفصاليين تكفيريين" نفذت الهجوم.

وكانت مجموعة باسم "المقاومة الوطنية الأحوازية" وهي مجموعة عربية انفصالية، أعلنت أيضاً مسؤوليتها عن الاعتداء.

وهذا ليس الهجوم الأول لتنظيم الدولة "داعش" في إيران، إذ تبنى أول اعتداء له فيها في 7 يونيو 2017 عندما هاجم مسلحون وانتحاريون مجلس الشورى وضريح مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله روح الله الخميني موقعين 17 قتيلاً وعشرات الجرحى.