واشنطن - نشأت الإمام

تباينت ردود الأفعال الإقليمية والدولية، لاسيما الحلفاء والخصوم، حول إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا. وفي تطور مفاجئ، أعلن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، الخميس، استقالته من منصبه، بعد يوم على قرار الرئيس دونالد ترامب الانسحاب العسكري من سوريا. وقال ماتيس في رسالة إلى ترامب، "لأنه من حقك أن يكون لديك وزير دفاع وجهات نظره تتوافق بشكل أفضل مع وجهات نظرك.. أعتقد أنه من الصواب بالنسبة لي أن أتنحى عن منصبي".

وجاءت هذه الخطوة بعد يوم واحد من إعلان ترامب، عن سحب القوات الأمريكية من سوريا، وقد أشير إلى أن ماتيس يعارض مثل هذا القرار.



وألمح الجنرال ماتيس بقوة في رسالة استقالته إلى "وجود اختلافات في رسم السياسات مع الرئيس ترامب".

وأشار ماتيس إلى "اختلافات في معالجة عدد من القضايا الرئيسة الأخرى، مثل التعامل مع روسيا وحلف شمالي الأطلسي، "الناتو"".

وأكد أنه "سيبقى في منصبه حتى نهاية شهر فبراير ليعطي وقتاً كافياً لتسمية خلفه".

من جانبه، أكد المحلل السياسي أدريانو باسيلى لـ "الوطن"، أن "الانسحاب الأمريكي في هذا التوقيت سيكون انتصاراً كبيراً لتنظيم "داعش"، حيث إن الولايات المتحدة هي المحارب الأبرز في الساحة السورية ضد تنظيم "داعش"، بما تملكه من تجهيزات عسكرية، وكذلك من ثقل عالمي حيث ينظر لها الجميع على أنها القوة الأكبر في العالم، وهذا ربما يؤدي لشحذ الروح المعنوية لمقاتلي داعش، ويجعلهم ينهضون مرة أخرى".

وأضاف باسيلي، "تم دحر "داعش" من معظم أراضيها، لكن مازال المقاتلون موجودين وربما تتم إعادة تنظيمهم من جديد حتى داخل الأراضي التي فقدوها، وهذا سيهز الثقة مستقبلاً في أمريكا، خاصة من قبل حلفائها".

وأشار باسيلي إلى أن "الانسحاب المفاجئ أربك حسابات الحلفاء، وأفرح محور الشر في سوريا المكون من روسيا وإيران إضافة للحكومة السورية، لأن ابتعاد أمريكا عن المشهد السوري، يعطي ضوءاً أخضر للتمدد الإيراني هناك".

من جهته، أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس بالقرار المفاجئ الذي اتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من سوريا، في الوقت الذي انتقد فيه أقرب حلفاء الولايات المتحدة هذه الخطوة وقالوا إنهم "سيبقون في البلد الذي مزقته الحرب بسبب تهديد تنظيم الدولة "داعش"".

وقال بوتين خلال المؤتمر الصحفي السنوي "إذا اتخذت الولايات المتحدة هذا القرار، فسيكون القرار الصائب". وأشار إلى أن "وجود القوات الأمريكية في سوريا غير قانوني لأن حكومة الأسد لم توافق على ذلك".

وأضاف الرئيس الروسى "دونالد ترامب على حق، اتفق معه"، مشيراً إلى "تصريحات ترامب بأن جماعة "داعش"، هزمت بشكل كبير".

جاءت تصريحات بوتين قبل ساعات فقط من إعلان ترامب أن "روسيا وإيران وسوريا وكثيرين غيرهم غير سعداء"، بشأن قرار الانسحاب من البلاد لأنهم سيضطرون الآن لمحاربة مقاتلي "داعش" بأنفسهم.

وكان ترامب قد أعلن القرار المفاجئ الأربعاء في البيت الأبيض ونشره على حساب الخاص بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر".

وقال ترامب "نحن نقاتل منذ فترة طويلة في سوريا، لقد كنت رئيساً لما يقرب من عامين ، وقمنا بتكثيف مجهوداتنا بالفعل وربحنا ضد "داعش"، لقد ضربناهم بشدة، والآن حان الوقت لقواتنا للعودة إلى البيت."

وقد قوبلت هذه الخطوة بإدانة وانتقاد من الحلفاء الأوروبيين والشرق أوسطيين.

وقالت قوات "سوريا الديمقراطية" المدعومة من الولايات المتحدة، وهي قوة كانت مفيدة في دحر مقاتلي تنظيم "داعش"، من العراق وأجزاء من سوريا، إن القرار تسبب في غضب وخوف.

كما اختلفت الحكومة الفرنسية مع تقييم البيت الأبيض بأن الحرب ضد تنظيم الدولة "داعش"، قد انتهت.

وقالت الوزيرة المكلفة بالشؤون الأوروبية ناتالي لوازو "هذا يظهر أنه يمكن أن يكون لدينا أولويات مختلفة ويجب أن نعتمد على أنفسنا أولاً، الآن، بالطبع، نحن نقيم في سوريا لأن القتال ضد "داعش" ضروري".

وذكرت وزيرة الدفاع الفرنسية، فلورنس بارلي، على "تويتر" أنه "في حين أن المقاتلين فقدوا معظم أراضيهم، إلا أنهم ناشطون ويحتاجون للحرب ضدهم".

وأعربت المملكة المتحدة عن وجهة نظر مماثلة، حيث أصدرت بياناً أكدت فيه أنها "ستواصل أعمالها في سوريا"، قائلة إن "جماعة "داعش" لا تزال تشكل تهديداً حتى وإن لم تعد تسيطر على المنطقة".

وقال البيان "لقد حقق الائتلاف العالمي ضد "داعش" تقدما هائلا. منذ بدء العمليات العسكرية، واستعاد التحالف وشركاؤه في سوريا والعراق السيطرة على الغالبية العظمى من أراضي "داعش" وتم تحقيق تقدم هام في الأيام الأخيرة في منطقة شرق سوريا".

وأضاف "لكن لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به ويجب ألا نغفل عن التهديد الذي يشكله "داعش"".

وقد أيد وزير الخارجية الألماني، هيكو ماس في تغريدة بيان المملكة المتحدة، وقال فيها إن "القوات الألمانية في سوريا والبالغ عددها 1200 فرد سيبقون".

وكتبت وزارة الخارجية الألمانية في تغريدة، "تم هزم "داعش"، لكن التهديد لم ينته بعد"، وأضافت، "هناك خطر من أن تؤدي نتائج هذا القرار إلى الإضرار بالقتال ضد "داعش" وتهدد النجاحات التي تحققت بالفعل".