الحرة

بعد أن وصلت محادثات فيينا لنقطة حاسمة تمهيدا لإعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني، تواجه المفاوضات عقبة جديدة غير متوقعة من جانب روسيا في خطوة يراها محللون أن موسكو لا تبحث سوى عن مصالحها الخاصة.

وقال الزميل البارز في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، كريم سجادبور، إن روسيا لا تهتم الآن بالبقاء في اتفاق من شأنه أن يفيد الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين ويضر بالمصالح الروسية من خلال خفض أسعار النفط.

والسبت، قالت موسكو، إنها تريد ضمانات مكتوبة بأن العقوبات المتعلقة بأوكرانيا لن تمنعها من التجارة على نطاق واسع مع طهران.

وجاءت المطالب التي قدمها وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ورفضها مسؤولون أميركيون، الأحد، في الوقت الذي قال فيه مسؤولون غربيون وإيرانيون إنهم على وشك التوصل إلى اتفاق لاستعادة الاتفاق النووي الذي رفع معظم العقوبات الدولية عن إيران مقابل قيود مشددة لكن مؤقتة على برامج طهران النووية.

وفي حديثه للصحيفة "واشنطن بوست"، قال سجادبور إنه "بالنظر إلى حجم الضغط العالمي على روسيا، فمن المفهوم لماذا قد يحاولون جعل الاتفاق النووي الإيراني رهينة لتأمين مصالحهم الخاصة".

وتعد روسيا طرفا أساسيا في الاتفاق النووي الإيراني بجانب الولايات المتحدة ضمن مجموعة (5+1) التي تضم أيضا فرنسا، وبريطانيا، والصين، وألمانيا.

وتابع سجادبور: "تريد روسيا أن يشعر العالم بالألم الاقتصادي الناجم عن فرض حظر على النفط الروسي وأن المساعدة في إعادة النفط الإيراني إلى السوق من شأنه أن يخفف الضربة المالية العالمية".

وتُظهر الخطوة الروسية المفاجئة إلى أي مدى ترغب موسكو باستخدام نفوذها في صراعات بعيدة للضغط على الغرب أثناء غزو الكرملين لأوكرانيا، حتى مع خطر استياء الحليف الإيراني، كما تقول شبكة "سي إن إن" الإخبارية.

والاثنين، انتقد مسؤولون إيرانيون ما وصفوه بالتدخل الروسي في المراحل النهائية للمحادثات التي تهدف إلى إحياء الاتفاق المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة"، بحسب ما أوردت وكالة تسنيم الإيرانية شبه الرسمية، ونقلت عنها رويترز.

ونقلت وكالة تسنيم للأنباء عن مسؤولين إيرانيين قولهم إن المطالب الروسية تهدف إلى ضمان مصالح موسكو في مجالات أخرى وإنها "غير بناءة".

وتقول شبكة "سي إن إن" إن التدخل الروسي الأخيرة يُظهر إدراك موسكو أن الولايات المتحدة بحاجة إلى اتفاق نووي الآن أكثر من أي وقت مضى لإيجاد بديل لإمدادات الخام الروسية في السوق العالمية.

وقد تؤدي استعادة الاتفاقية النووية لعام 2015 بين القوى العالمية وإيران إلى عودة أكثر من مليون برميل من النفط الإيراني الخاضع للعقوبات إلى السوق العالمية، في وقت ترتفع فيه أسعار الطاقة بسبب مخاوف من تعطل الإمدادات جراء غزو روسيا لأوكرانيا.

ومنذ أبريل 2021، تعقد الولايات المتحدة وإيران مفاوضات غير مباشرة في فيينا لإحياء الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، وأعاد فرض عقوبات قاسية على طهران.

وعلى الرغم من إصدار الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة جملة من العقوبات ضد روسيا على خلفية غزوها لأوكرانيا، إلا أن تلك العقوبات ابتعدت عن قطاع الطاقة الذي يشكل 36 بالمئة من دخل البلاد.

وحال طالت العقوبات الغربية قطاع الطاقة في روسيا، فإن ذلك يدفع أسعار النفط المرتفعة بالفعل إلى الوصول لأرقام قياسية في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة إلى خفض الأسعار.

من جانبها، قالت نائبة رئيس معهد كوينسي في واشنطن العاصمة، تريتا بارسي، "كان من المفترض أن يتم شحن بعض اليورانيوم منخفض التخصيب إلى روسيا" وقد يندرج هذا النشاط تحت العقوبات الجديدة التي تفرضها الولايات المتحدة على موسكو.

في حديث لشبكة "سي إن إن"، أضافت أن تدفق النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية "سيؤدي إلى تخفيف الضغط عن الولايات المتحدة وزيادة الضغط على الروس".

وبشأن عرقلة روسيا لإعادة إحياء الاتفاق النووي، علقت بارسي قائلة: "على الأقل يبدو أن الروس يريدون التأجيل وكحد أقصى قد يرغبون في الواقع في إفشال (الصفقة) بالكامل".