إرم نيوز

انتقد مسؤول إيطالي الغرب لتعامله مع دول الخليج من منظور المصالح فقط، داعيًا إلى تغيير تلك النظرة والبدء في معاملة تلك الدول على أنها حليف حقيقي يستحق الاحترام.



ولفت فرانكو فراتيني، رئيس مجلس الدولة في إيطاليا، إلى أن الدول الغربية تسعى بقوة الآن إلى ضمان مصادر الطاقة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وأن وجهتها الأولى كانت دول الخليج، مشيرًا إلى زيارة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأخيرة للمملكة العربية السعودية و“الإشارات التصالحية“ من الرئيس الأمريكي جو بايدن للمملكة والإمارات العربية المتحدة، التي قال إنها قوبلت ببرود.

ونبه فراتيني، الذي شغل في السابق منصب وزير الخارجية الإيطالي ومفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون العدل والأمن، إلى أنه عندما وصل إلى البيت الأبيض ”بالكاد أخفى بايدن نيته خفض العلاقات مع حلفاء أمريكا القدامى في شبه الجزيرة العربية“.

ورأى في مقال نشرته صحيفة ”ديلي تليغراف“ البريطانية أنه على الرغم من كل أخطائه، أقام الرئيس السابق دونالد ترامب علاقات قوية مع دول الخليج، التي قال إنها شعرت على الأقل أن مخاوفها قد سمعها البيت الأبيض.

واعتبر فراتيني أنه فيما يتعلق بموضوعات تتراوح من تسليح إيران للمتشددين في المنطقة إلى الجدل حول بيع طائرات ”F-35“ المقاتلة إلى الإمارات العربية المتحدة، رأت البلدان الخليجية بشكل متزايد أن مخاوفها بدأت تنحرف إلى الهامش مع الإدارة الجديدة.

ورأى أن هذه ”اللامبالاة المتصورة“ كانت أفضل مثال على ذلك في وقت سابق من العام الجاري عندما ضرب المتمردون الحوثيون في اليمن مصفاة لتكرير النفط في أبو ظبي، ما أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين، لافتًا إلى أن دول المنطقة كانت تنتظر إدانة شديدة من حلفائها الغربيين، لكنها لم تأت أبدًا، بالإضافة إلى قرار بايدن إزالة تصنيف الحوثيين كإرهابيين.

وقال فراتيني: ”من السهل أن نرى سبب زيادة الشعور بعدم ثقة الخليج في البيت الأبيض أكثر من أي وقت مضى.. علاوة على ذلك، فإن الرغبة اليائسة المتزايدة في إحياء الصفقة الإيرانية المشؤومة، على الرغم من سنوات من قيام حلفاء الخليج وإسرائيل بإثارة مخاوف مشروعة بشأن تسليح طهران لوكلائها وإسقاط الصواريخ، لا تزال تثير شعورا مريرا“.

وأضاف: ”الآن جاء هؤلاء الحلفاء الغربيون أنفسهم يطلبون خدمة من دول الخليج.. ليس من المفاجئ أن نراهم يتلقون استقبالًا فاترًا.. المشكلة أن الحلفاء الغربيين يقعون مرارًا في فخ النظر إلى الدول الخليجية على أنها شركاء مصلحة، وليست حلفاء لهدف طويل الأمد.. والآن، في مواجهة أزمة طاقة صادمة، فإن توقع قيام منتجي النفط هؤلاء ببساطة بتشغيل الصنابير بنقرة من أصابع واشنطن أو بروكسل هو أمر غير واقعي.. يجب على الغرب أن يتوقف عن النظر إلى هذه العلاقة من منظور الملاءمة والمصحلة وأن يتطلع إلى بناء شراكة قوية قائمة على الاحترام المتبادل لمصالح الآخر والتكامل الأعمق في المجالات الواضحة للقواسم المشتركة“.

وتساءل الكاتب عن كيفية تحقيق ”إعادة ضبط العلاقة“ بين الجانبين وما الذي يجب أن تستند إليه، مشيرًا إلى أنه مهما كانت الشكوك التي قد تكون لدى البعض في الغرب، فإن الاستقرار الذي توفره دول الخليج لا يمكن إنكاره.

وقال: ”يحتاج المرء فقط لرؤية ناطحات السحاب في دبي وجدة ليرى ما أنجزته تلك الدول.. يجب أن يكون هناك اعتراف ودعم أكبر لهذا الدور الذي يؤدي إلى تحقيق الاستقرار وأقل استرضاء لأولئك الذين يسعون إلى قلب المنطقة عن طريق الإرهاب أو الخطاب المتطرف“.

وأكد فراتيني أن السبب في أن عملاق الطاقة مثل الإمارات في وضع يمكنه من مساعدة العالم في أزمة الطاقة هو على وجه التحديد بسبب هذا الاستقرار الذي يتمتع به ذلك البلد. وتابع: ”مع ذلك، فقد شهدت الأشهر الأخيرة قيام الدبلوماسيين الأمريكيين والأوروبيين بإنفاق جهود سياسية كبيرة في فيينا للالتزام بمصالح إيران، وهي دولة تسلح وكلاء مثل الحوثيين الذين هاجموا بالفعل موارد النفط التي يرغب بها القادة الغربيون بشدة الآن“.

واعتبر الكاتب أن مكافحة الإرهاب والتطرف هي مجال آخر ترتكز فيه العلاقات الغربية-العربية على أسس قوية وأنه ستكون البداية الإيجابية هي الاعتراف بالحوثيين كإرهابيين مرة أخرى، لا سيما بالنظر إلى محاولاتهم المتكررة والصارخة لضرب قلب الحلفاء الذين تسعى القوى الغربية الآن إلى استمالتهم، معربًا عن رأيه ”أن بايدن وفريقه قد فهموا الرسالة ويبدو أنهم يفكرون في مثل هذه الخطوة“.

وختم بالقول: ”كانت الدبلوماسية الغربية تجاه الخليج منذ غزو روسيا لأوكرانيا مشهدً لا يهدأ.. بصراحة، من غير المحترم اعتبار المنطقة شكلاً من أشكال أجهزة الصراف الآلي، قادرة على صرف المزيد من النفط عند الحاجة.. يجب أن يُنظر إلى هذا الآن على أنه فرصة لإعادة تشكيل تحالف أقوى بين العالمين العربي والغربي، على أساس الاحترام المتبادل لمصالح بعضهما البعض والاعتراف بالدور الحاسم الذي يلعبه هؤلاء الحلفاء بما يتجاوز مجرد توفير المواد الهيدروكربونية“.